للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيْعَ (عَبْدِهِ) الْقَائِمِ بِأُمُورِهِ لِقِيَامِ الْعُرْفِ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ لَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيلُ بِإِذْنٍ خَاصٍّ (أَوْ يُعَيِّنُ) عَطْفٌ عَلَى يُفَوِّضُ أَيْ أَوْ حَتَّى يُعَيِّنَ لَهُ الشَّيْءَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَةٍ أَوْ إنْكَاحِ بِنْتِهِ (بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ) أَوْ عُرْفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتَخَصُّصٌ) أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهَا (وَتَقَيُّدٌ بِالْعُرْفِ) فَإِذَا كَانَ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ عَامًّا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِهِ وَإِذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَهُ لَهُ اشْتَرِ لِي عَبْدًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ إذَا كَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ (فَلَا يَعْدُوهُ) أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ مَا خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ (إلَّا) إذَا وَكَّلَهُ (عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ أَيْ عَلَيْهِ (طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ (أَوْ) إلَّا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى (اشْتِرَاءٍ فَلَهُ) أَيْ عَلَيْهِ (قَبْضُ الْمَبِيعِ) مِنْ الْبَائِعِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي (و) لَهُ (رَدُّ الْمَعِيبِ) عَلَى بَائِعِهِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ الْمَعِيبَ (مُوَكِّلُهُ) ، فَإِنْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ بِهِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْغَيْرِ الْمُفَوَّضِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الْمَبِيعَ (وَطُولِبَ بِثَمَنٍ) لِسِلْعَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ لَا تَكُونُ مُسْتَثْنَاةً وَأَنَّهَا تَمْضِي وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَبَيْعُ عَبْدِهِ الْقَائِمِ بِأُمُورِهِ) أَيْ أَوْ التَّاجِرُ وَأَوْلَى عِتْقُهُ فَلَا يَمْضِي شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوِّضَةً وَأَمْضَيْت فِعْلَك النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْعِ سِلْعَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ دَابَّتِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ تَزْوِيجُ بِنْتِي فُلَانَةَ أَوْ طَلَاقُ زَوْجَتِي فُلَانَةَ أَوْ هَذِهِ وَكُلُّ هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِتَعْيِينِ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ وَتُخَصِّصُ أَيْ مَا يَدُلُّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ تُخَصِّصُ رَاجِعٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ عُرْفًا وَلَمَّا كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا لَفْظًا وَغَيْرَهُ وَاَلَّذِي يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَالتَّقْيِيدَ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ اللَّفْظُ إلَخْ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَفْظَ الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ عَامًّا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِهِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ وَتُخَصِّصُ أَيْ إذَا كَانَ عَامًّا وَقَوْلُهُ تَقَيَّدَ أَيْ إذَا كَانَ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ أَنَّ الْعَامَّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَأَنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ وَهَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ وَهُوَ مَنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكَّلَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا) الْأُولَى تَخْصِيصُهَا بِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا أَيْ قَصْرُهَا عَلَى بَعْضِ أَنْوَاعِهَا كَالْحُمُرِ مَثَلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ لَا يَتَجَاوَزُ مَا خَصَّصَهُ) أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ عَلَيْهِ الَّذِي خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ أَيْ خَصَّصَ دَالَّهُ أَوْ قَيَّدَهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَعُدُّوهُ ثَمَرَةً لِلتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَتَخَصُّصٌ إلَخْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْوَكِيلُ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا بِالنَّصِّ أَوْ مُخَصَّصًا أَوْ مُقَيَّدًا دَالُّهُ بِالْعُرْفِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ إلَّا إذَا وَكَّلَ عَلَى بَيْعٍ إلَخْ فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا بِالنَّصِّ لَا مُخَصَّصًا وَلَا مُقَيَّدًا بِالْعُرْفِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْ عَلَيْهِ طَلَبُ الثَّمَنِ) أَيْ مَنْ اشْتَرَى وَقَبَضَهُ مِنْهُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى التَّوْكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَلَا قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكَّلَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ وَجَعْلُهُ اللَّامَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى عَلَى مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ التَّوْضِيحِ لَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ اهـ. وَهَذَا حَيْثُ لَا عُرْفَ بِعَدَمِ طَلَبِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ بَلْ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ قَبْضٌ وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فِي مَسَائِلِهِ: وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ عِنْدَ النَّاسِ فِي الرُّبَاعِ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ الَّذِي بَاعَ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وح اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَاهُ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ لِمَنْ وَكَّلَهُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلُ فَحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الدَّفْعُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبْضُ وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ هُوَ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ كَمَا يَأْتِي مُحَصِّلُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى وَصَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ بِأَنْ قَالَ وَيَنْقُدُ الْمُوَكِّلُ دُونِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ الْمُثَمَّنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ اشْتَرَى وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمُثَمَّنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْمُثَمَّنِ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ حَالَ شِرَائِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ هُوَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُوَكِّلُ أَخْذَهُ فَلَهُ ذَلِكَ أَوْ يَقِلَّ الْعَيْبُ وَالشِّرَاءُ فُرْصَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْخَفِيَّةِ كَالسَّرِقَةِ أَوْ كَانَ مِنْ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى حَتَّى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق وخش عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ بِهِ) أَيْ وَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ إمَّا أَنْ يَقْبَلَهُ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>