وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِرَبِّهَا بِلَا إذْنِهِ فَضَاعَتْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.
(وَ) ضَمِنَ (بِإِنْزَائِهِ) أَيْ بِطَلْقِ الْفَحْلِ (عَلَيْهَا) بِلَا إذْنِ رَبِّهَا (فَمُتْنَ) مِنْ الْإِنْزَاءِ، بَلْ (وَإِنْ مِنْ الْوِلَادَةِ) بِخِلَافِ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ حُكْمًا وَجَمَعَ الضَّمِيرَ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى وَلَوْ قَالَ فَمَاتَتْ كَانَ أَحْسَنَ (كَأَمَةٍ زَوَّجَهَا) الْمُودَعُ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا (فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ) ، وَأَوْلَى مِنْ الْوَطْءِ فَلَوْ حَذَفَ مِنْ الْوِلَادَةِ لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ الِاخْتِصَارِ.
(وَ) ضَمِنَ (بِجَحْدِهَا) بِأَنْ قَالَ لِرَبِّهَا مَا، أَوْدَعْتنِي شَيْئًا، ثُمَّ اعْتَرَفَ، أَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْإِيدَاعِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ) مِنْ الْمُودَعِ لِرَبِّهَا (خِلَافٌ) هَلْ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِجَحْدِهِ أَصْلَ الْوَدِيعَةِ وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ بَعْدَ الْجَحْدِ وَسَيَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ يَجْحَدُهُ، ثُمَّ يُقِيمُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ أَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُهَا.
(وَ) ضَمِنَ (بِمَوْتِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِرَبِّهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِهَا لِرَبِّهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمِثْلُ بَعْثِ الْمُودَعِ بِهَا فِي الضَّمَانِ وَصَّى رَبُّ الْمَالِ لِلْوَرَثَةِ، أَوْ يُسَافِرُ هُوَ بِهِ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا ضَاعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي كَبِيرِ خش مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَكَذَا الْقَاضِي يَبْعَثُ الْمَالَ لِمُسْتَحِقِّهِ مِنْ وَرَثَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ، وَإِنْ مَشَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ) أَيْ، أَوْ تَلِفَتْ، أَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ اللُّصُوصُ.
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ) أَيْ الْمُودَعُ بِإِنْزَائِهِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا مِثْلُ الْمُودَعِ فِي ذَلِكَ الشَّرِيكُ فَإِذَا أَنْزَى عَلَى الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ مِنْ الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ أَنَّ الشَّرِيكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ نُوقًا، أَوْ شِيَاهًا (قَوْلُهُ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا) أَيْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي عَدَمِ الْإِذْنِ بِيَمِينٍ إذَا تَنَازَعَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا أَنْزَى عَلَيْهَا فَمَاتَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ، أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ عَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ ضَمَانُ الرَّاعِي وَعَزَاهُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ النَّظَرُ لِلْعُرْفِ، وَالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ الضَّمِيرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمُتْنَ وَقَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصْدُقُ بِمُتَعَدِّدٍ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهَا نَظَرًا لِلَّفْظِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ وَدِيعَةٍ مُفْرَدٌ (قَوْلُهُ فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ) ، وَأَوْلَى مِنْ الْوَطْءِ أَيْ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمُودَعُ الَّذِي تَعَدَّى وَزَوَّجَهَا كَمَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ إذَا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْمُودَعِ الَّذِي زَوَّجَهَا لَهُ وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي اتِّبَاعِ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدِّيهِ بَدَأَ بِالْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ أُعْدِمَ الْمُودَعُ أُتْبِعَ الزَّوْجُ.
(قَوْلُهُ، ثُمَّ اعْتَرَفَ) أَيْ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى تَلَفَهَا، أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا، أَوْ أَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْإِيدَاعِ فَادَّعَى تَلَفَهَا، أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ، أَوْ التَّلَفَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا يَعْتَرِفْ بِهَا وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْإِيدَاعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ، ثُمَّ فِي قَبُولِ إلَخْ) أَيْ إنْ أَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِهَا حِينَ جَحَدَهَا، وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً بِرَدِّهَا كَانَ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ مَشْهُورٌ كَذَا قَرَّرَ عبق فَقَدْ جَعَلَ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ أَنَّ رَبَّهَا أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً حِينَ جَحَدَهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْجَحْدِ، ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالرَّدِّ أَنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ، وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَتَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَنَقَلَهُ ح، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بَيِّنَةُ الرَّدِّ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ مِنْ أَصْلِهِ فَأَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِهَا فَأَشْهَدَ بَيِّنَةً بِتَلَفِهَا لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ بَيِّنَةِ الرَّدِّ وَبَيِّنَةِ التَّلَفِ كَمَا قَالَهُ جَدّ عج، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَاسْتَصْوَبَهُ شَيْخُنَا، ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ، وَالتَّلَفِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج.
(قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ، ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ أَيْ، ثُمَّ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ إلَخْ، وَإِنَّمَا جَزَمَ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا فِيهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَلَمَّا جَحَدَهَا وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالرَّدِّ صَارَ لِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ طَرَفَانِ مُرَجِّحَانِ طَرَفُ الْأَمَانَةِ مُرَجِّحٌ لِقَبُولِهَا، وَطَرَفُ الْجَحْدِ مُرَجِّحٌ لِعَدَمِهِ، فَلِذَا جَرَى الْخِلَافُ فِي الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْقِرَاضِ مَرْجُوحٌ بِخِلَافِ الْقَوْلِ هُنَا بِعَدَمِ قَبُولِهَا فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَقْلُ ح فِي بَابِ الْوَكَالَةِ كَمَا قَالَ بْن اسْتِوَاءُ الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْبِضَاعَةِ فِي وُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنَّ مَنْ قَالَ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ قَالَهُ فِي الْجَمِيعِ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا قَالَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ قَبُولِهَا فِي الْجَمِيعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ وَبِمَوْتِهِ إلَخْ) مِثْلُ الْوَدِيعَةِ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِثِيَابٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَارَاهَا لِلشُّهُودِ وَحَازَهَا لِلْوَلَدِ تَحْتَ يَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَيُقْضَى لَهُ بِقِيمَتِهَا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا لِكَعَشْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute