للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَمْ يُوصِ) بِهَا (وَلَمْ تُوجَدْ) فِي تَرِكَتِهِ أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا (إلَّا) أَنْ يَطُولَ الزَّمَنُ مِنْ يَوْمِ الْإِيدَاعِ (لِكَعَشْرِ سِنِينَ) فَلَا ضَمَانَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا لِرَبِّهَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ وَمَحِلُّ كَوْنِ الْعَشْرِ سِنِينَ طُولًا إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوْثِيقِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلَوْ زَادَ عَلَى الْعَشْرِ (وَأَخَذَهَا) رَبُّهَا (إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَخَذَ وَعَلَيْهَا نَعْتُ كِتَابَةٍ، وَأَنَّهَا لَهُ مَعْمُولُ كِتَابَةٍ وَقَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً بَيْنَ الْعَامِلِ، وَالْمَعْمُولِ وَقَوْلُهُ (أَنْ ذَلِكَ خَطُّهُ) أَيْ الْمَالِكِ (أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ) فَاعِلُ ثَبَتَ أَيْ يَأْخُذُهَا بِسَبَبِ كِتَابَةٍ كَائِنَةٍ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا لِفُلَانٍ إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ خَطُّ رَبِّهَا، أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ.

(وَ) تُضْمَنُ (بِسَعْيِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا لِمُصَادِرٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لِظَالِمٍ صَادَرَهُ لِيَأْخُذَهَا وَكَذَا إنْ دَلَّهُ عَلَيْهَا كَمَنْ دَلَّ لِصًّا عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ.

(وَ) تُضْمَنُ (بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ) الْوَدِيعَةُ (لِبَلَدٍ) لِيُوصِلَهَا لِرَبِّهَا بِإِذْنِهِ أَيْ يَضْمَنُهَا الرَّسُولُ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ قِرَاضٍ (إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْبَلَدِ فَإِنْ وَصَلَ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ بِعَيْنِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

هَذَا.

هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ سَهْلٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوصِ بِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ، أَوْصَى بِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَخَذَهَا رَبُّهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَيَدْخُلُ فِي إيصَائِهِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ هِيَ بِوَضْعِ كَذَا وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا يَضْمَنُهَا كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَتُحْمَلُ عَلَى الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِقَوْلِهِ هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا كَأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّفْهَا، وَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ عِوَضُهَا، وَهُوَ قِيمَتُهَا، أَوْ مِثْلُهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَيُحَاصَصُ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا مَعْنَى ضَمَانِ الْمَيِّتِ لَهَا لَا أَنَّهُ يُتْبَعُ بِمِثْلِهَا، أَوْ بِقِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ كَمَا قِيلَ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُحَاصَصُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، بَلْ إنْ فَضَلَ بَعْدَهُمْ شَيْءٌ كَانَ لِلْوَدِيعَةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، وَهَلْ تَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِتَرِكَتِهِ، أَوْ بِذِمَّتِهِ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَدْ عَلِمْت فَائِدَةَ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا) أَيْ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَأَمَّا احْتِمَالُ ضَيَاعِهَا فَهُوَ بَعِيدٌ إذْ لَوْ ضَاعَتْ لَتَحَدَّثَ بِضَيَاعِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ، وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْخِلْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ طُولٌ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا، أَوْلَى (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ، بَلْ بِإِقْرَارِ الْمُودَعِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَمِثْلُهَا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِهَا بَعْدَ جَحْدِهِ لَهَا فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَأَخْذُهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا هَذِهِ وَدِيعَةٌ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَإِنَّ صَاحِبَهَا يَأْخُذُهَا بِشُرُوطٍ أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكِتَابَةَ بِخَطِّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ وُجِدَتْ أَنْقَصَ مِمَّا كُتِبَ عَلَيْهَا وَيَكُونُ النَّقْصُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ، وَأَخَذَهَا بِكِتَابَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَوْلَى بِبَيِّنَةٍ لَا بِأَمَارَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَآهَا (قَوْلُهُ مَعْمُولُ كِتَابَةٍ) أَيْ، أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا، أَوْ بَيَانٌ إنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ (قَوْلُهُ جُمْلَةً) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، بَلْ جُزْءُ جُمْلَةٍ لِمَا سَيَذْكُرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ فَاعِلُ ثَبَتَ.

(قَوْلُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ) أَيْ لِظَالِمٍ صَادَرَهُ وَضَايَقَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْهُ وَيَصِحُّ فَتْحُ الدَّالِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا صَادَرَهُ وَضَايَقَهُ ظَالِمٌ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ مِنْهُ وَحِينَ الْمُصَادَرَةِ ذَهَبَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَدَفَعَهَا لِلْمُودَعِ بِالْكَسْرِ بِحَضْرَةِ الظَّالِمِ عَالِمًا بِذَلِكَ فَأَخَذَهَا الظَّالِمُ فَإِنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ يَضْمَنُ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْفَاؤُهَا عَنْ الظَّالِمِ وَحِفْظُهَا (تَنْبِيهٌ) لَوْ خَشِيَ الْمُودَعُ بِعَدَمِ السَّعْيِ بِهَا لِلْمُصَادِرِ اطِّلَاعَهُ عَلَيْهَا وَنَهْبَ مَتَاعِهِ مَعَهَا بِادِّعَاءِ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْمُصَادِرِ لَجَازَ لَهُ السَّعْيُ بِهَا لِلْمَصَادِرِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُونَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ تَلَامِذَةِ عبق عَنْهُ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ دَلَّهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَقَوْلُهُ كَمَنْ دَلَّ لِصًّا عَلَى الْمَالِ أَيْ سَوَاءً كَانَ وَدِيعَةً، أَوْ غَيْرَهَا.

(قَوْلُهُ وَبِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ) أَيْ وَتُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ بِمَوْتِ الرَّسُولِ الَّذِي أُرْسِلَتْ مَعَهُ كَانَ مِنْ طَرَفِ رَبِّهَا، أَوْ مِنْ طَرَفِ الْمُودَعِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِ رَبِّهَا وَقَدْ ضَاعَتْ وَلَمْ تُوجَدْ مَعَهُ، وَالضَّامِنُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الرَّسُولُ وَحِينَئِذٍ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ ذَلِكَ الرَّسُولُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِبَلَدِ رَبِّهَا وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ، وَالْمُصِيبَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ رَسُولَهُ وَعَلَى الْمُودَعِ أَنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ رَسُولَهُ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِوُصُولِ الْمَالِ لِرَبِّهِ، أَوْ لِرَسُولِ رَبِّهِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ.

(تَنْبِيهٌ) مَفْهُومُ مَوْتِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمُتْ وَكَذَّبَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ ذَلِكَ الرَّسُولُ بِأَنْ ادَّعَى الرَّسُولُ أَنَّهُ، أَوْصَلَهَا لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُعْمَلُ بِتَصْدِيقِ الْمُودَعِ لِذَلِكَ الرَّسُولِ عَلَى أَنَّهُ، أَوْصَلَهَا لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمُودَعُ أَيْضًا إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا لِلرَّسُولِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ؛ لِأَنَّهُ لِمَا دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ كَانَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فَلَمَّا تَرَكَهُ صَارَ مُفَرِّطًا، وَإِمَّا إنْ دَفَعَ لَهُ بِإِشْهَادٍ فَقَدْ بَرِئَ وَيَرْجِعُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ عَلَى الرَّسُولِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ قِرَاضٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْوَدِيعَةِ يَجْرِي بِعَيْنِهِ فِي إرْسَالِ الْمَدِينِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>