للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةَ تَرَدُّدٍ (أَوْ غَرِمَ) الْغَاصِبُ (قِيمَتَهُ) لِرَبِّهِ أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ بِغُرْمِهَا لِحُصُولِ مُفَوَّتٍ مِمَّا مَرَّ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَإِنْ لَمْ يَغْرَمْهَا بِالْفِعْلِ وَمَحَلُّ مِلْكِهِ (إنْ لَمْ يُمَوِّهْ) الْغَاصِبُ أَيْ لَمْ يَكْذِبْ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ، أَوْ تَغَيُّرَ ذَاتِهِ فَإِنْ مَوَّهَ وَتَبَيَّنَ خِلَافُ دَعْوَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ رَبُّهُ بِعَيْنِ شَيْئِهِ إنْ شَاءَ (وَ) إنْ كَذَبَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ بِأَنْ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ تَقْتَضِي نَقْصَ قِيمَتِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِمَّا قَالَ (رَجَعَ عَلَيْهِ) الْمَالِكُ (بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا) وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فَإِذَا لَمْ يُمَوِّهْ فِي الذَّاتِ وَلَزِمَهُ الْقِيمَةُ مَلَكَهُ وَلَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ وَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِزَائِدِ مَا أَخْفَاهُ فَقَوْلُهُ وَمَلَكَهُ إنْ غَرِمَ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ أَيْ فِي الذَّاتِ بِأَنْ لَمْ يُمَوِّهْ أَصْلًا، أَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ مَوَّهَ فِي الذَّاتِ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ (فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ) وَخَالَفَهُ رَبُّهُ (وَحَلَفَ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ إنْ أَشْبَهَ بِيَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا مَعًا قُضِيَ بِأَوْسَطِ الْقِيَمِ إنْ حَلَفَا، أَوْ نَكَلَا مَعًا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (كَمُشْتَرٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ وَحَلَفَ.

(ثُمَّ غَرِمَ) الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَتُهُ (قَوْلُهُ، أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ) أَيْ، أَوْ فَاتَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ (قَوْلُهُ أَيْ حَكَمَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَاضِي بِغُرْمِهَا إذْ لَا بُدَّ فِي مِلْكِهِ لَهُ بِالْقِيمَةِ إذَا فَاتَ عِنْدَهُ مِنْ حُكْمِ الْقَاضِي بِهَا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ مِلْكِهِ) أَيْ لِلْفَائِتِ بِغُرْمِ الْقِيمَةِ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ شَرْطٌ فِي مِلْكِ الْفَائِتِ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ لَا فِيهِ وَفِي مِلْكِ الْغَائِبِ بِشِرَائِهِ كَمَا فِي عبق فَإِذَا اشْتَرَى الْمَغْصُوبَ وَادَّعَى أَنَّهُ غَائِبٌ فَقَدْ مَلَكَهُ وَلَوْ مَوَّهَ فِي دَعْوَاهُ الْغَيْبَةَ خِلَافًا لعبق وَنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قَضَيْنَا عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ، ثُمَّ ظَهَرَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَخْفَاهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْقِيمَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ رَبُّهُ بِعَيْنِ شَيْئِهِ) أَيْ وَيَرُدُّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَذَبَ فِي الصِّفَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَبْدًا وَتَلِفَ، أَوْ تَغَيَّرَ عِنْدَهُ، وَأَرَدْنَا تَغْرِيمَهُ الْقِيمَةَ فَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَسْوَدَ فَقُوِّمَ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ أَسْوَدُ، ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ كَانَ أَبْيَضَ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ) الْأَوْلَى وَلَا يُنْتَقَضُ الْمِلْكُ إذْ لَا بَيْعَ هُنَا (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ الْقِيمَةُ) أَيْ لِتَلَفِهِ، أَوْ ضَيَاعِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يُمَوِّهْ أَصْلًا، بَلْ وَلَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ التَّمْوِيهِ فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَوَّهَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ) أَيْ فَالْمَنْطُوقُ صُورَتَانِ وَقَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا رَاجِعٌ لِإِحْدَى صُورَتَيْ الْمَنْطُوقِ قَالَ ح وَانْظُرْ لَوْ وَصَفَهُ الْغَاصِبُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَنْقَصُ مِمَّا قَالَ بَعْدَ أَنْ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ أَمْ لَا؟ .

وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ مَوَّهَ فِي الذَّاتِ) أَيْ فَقَطْ، وَأَوْلَى فِي الذَّاتِ، وَالصِّفَةِ كَأَنْ يَقُولَ الْغَاصِبُ الْعَبْدُ الَّذِي غَصَبْتُهُ مِنْكَ الْأَسْوَدُ قَدْ أَبَقَ، ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ أَنْ غَرِمَ قِيمَتَهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ، وَأَنَّهُ أَبْيَضُ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ) أَيْ وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ وَنَعْتِهِ) أَيْ فَإِذَا غَصَبَ جَارِيَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا مِنْ كَوْنِهَا بَيْضَاءَ، أَوْ سَوْدَاءَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ إنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ فَإِنْ تَجَاهَلَا الصِّفَةَ فَإِنَّ الْمَغْصُوبَ يُجْعَلُ مِنْ أَدْنَى جِنْسِهِ وَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ قِيمَتَهُ عَلَى ذَلِكَ يَوْمَ الْغَصْبِ قَالَ شَيْخُنَا، وَإِذَا تَجَاهَلَا الْقَدْرَ أَمَرَهُمَا الْحَاكِمُ بِالصُّلْحِ فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحَا تُرِكَا حَتَّى يَصْطَلِحَا (قَوْلُهُ وَقَدْرِهِ) أَيْ مِنْ كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ، قَالَ تت رُبَّمَا يَدْخُلُ فِي تَخَالُفِهِمَا فِي الْقَدْرِ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى غَاصِبُ صُرَّةٍ، ثُمَّ يُلْقِيهَا فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ مَالِكٍ، ابْنُ نَاجِيٍّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ مَا فِيهَا بِعِلْمٍ سَابِقٍ، أَوْ بِحَبْسِهَا وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ الْقَوْلُ لِرَبِّهَا مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي تَحْقِيقًا، وَالْآخَرُ يَدَّعِي تَخْمِينًا.

وَأَمَّا إنْ غَابَ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَنَهَبُوا مَا فِيهِ وَلَا يَشْهَدُونَ بِأَعْيَانِ الْمَغْصُوبِ، بَلْ بِالْإِغَارَةِ، وَالنَّهْبِ فَقَطْ فَلَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الصُّرَّةِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُغَارِ عَلَيْهِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَكَانَ مِثْلُهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ فِي الْقَدْرِ، وَالنَّعْتِ كَمَا فِي عبق، بَلْ وَفِي دَعْوَى التَّلَفِ أَيْضًا كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ح وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ إنْ أَشْبَهَ) أَيْ وَسَوَاءٌ أَشْبَهَ رَبَّهُ أَيْضًا أَمْ لَا وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ أَيْ، وَإِلَّا يَحْلِفُ بِأَنْ نَكَلَ، أَوْ لَمْ يَنْكُلْ وَلَكِنْ لَمْ يُشْبِهْ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ كَمُشْتَرٍ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي تَلَفِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الشَّيْءُ الْمَغْصُوبُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِغَصْبِ الْبَائِعِ لِذَلِكَ الْمَبِيعِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ لَكِنْ إنْ عَلِمَ بِغَصْبِهِ فَحُكْمُهُ فِي الضَّمَانِ حُكْمُ الْغَاصِبِ سَوَاءٌ تَلِفَ الْمَبِيعُ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ أَتْلَفَهُ الْمُشْتَرِي عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَتْبَعُ الْمَالِكُ أَيَّهمَا شَاءَ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ فَإِنْ تَلِفَ مَا اشْتَرَاهُ عَمْدًا فَكَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>