للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَ حَلِفِهِ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ (لِآخِرِ رُؤْيَةٍ) عِنْدَهُ أَيْ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي التَّقْوِيمِ بِآخِرِ رُؤْيَةٍ رُئِيَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنْ لَمْ يُرَ عِنْدَهُ فَيَوْمُ الْقَبْضِ، ثُمَّ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِرَبِّهِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ الْغَاصِبِ وَمَحَلُّ الْغُرْمِ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ كَذِبُهُ وَادَّعَى التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ فِيهِمَا فَإِنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يَغْرَمُ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي لَا سَمَاوِيٍّ، وَأَمَّا بِجِنَايَةٍ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ (وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ وَلَهُ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَيَتْبَعُ الْغَاصِبَ بِالثَّمَنِ إنْ قَبَضَهُ وَكَانَ مَلِيًّا، وَإِلَّا اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ (وَ) لَهُ (نَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي) مِنْ الْغَاصِبِ (وَإِجَازَتُهُ) فَيَتِمُّ عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ دُونَ الْمُشْتَرِي.

(وَضَمِنَ مُشْتَرٍ) مِنْ الْغَاصِبِ (لَمْ يَعْلَمْ) بِغَصْبِهِ (فِي عَمْدٍ) أَيْ فِي إتْلَافِهِ عَمْدًا كَمَا لَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ، أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَاهُ، أَوْ قَتَلَ الْحَيَوَانَ، أَوْ ذَبَحَهُ، وَأَكَلَهُ، وَهُوَ حِينَئِذٍ فِي مَرْتَبَةِ الْغَاصِبِ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ فَإِنْ اتَّبَعَ الْغَاصِبَ فَالْقِيمَةُ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الِاسْتِيلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ فَالْمُعْتَبَرُ يَوْمُ التَّعَدِّي وَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِثَمَنِهِ (لَا) يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي غَيْرُ الْعَالِمِ فِي (سَمَاوِيٍّ وَ) لَا فِي (غَلَّةٍ) اسْتَغَلَّهَا؛ لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالْغَصْبِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَعْمِلْ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ رُجُوعٌ فِي السَّمَاوِيِّ إلَّا عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ الْغَاصِبِ (وَهَلْ) التَّلَفُ، أَوْ التَّعْيِيبُ (الْخَطَأُ) مِنْ الْمُشْتَرِي الْغَيْرِ الْعَالِمِ (كَالْعَمْدِ) فَيَضْمَنُ لِلْمَالِكِ قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَيَكُونُ غَرِيمًا ثَانِيًا لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ، وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ، أَوْ كَالسَّمَاوِيِّ فَلَا رُجُوعَ لِرَبِّهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ (تَأْوِيلَانِ وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (إنْ عَلِمَا) بِالْغَصْبِ (كَهُوَ) أَيْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَكُونُ ضَامِنًا كَالْغَاصِبِ فَإِنْ اتَّبَعَ الْمَالِكُ الْمُشْتَرِيَ بِالْقِيمَةِ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ اتَّبَعَ الْغَاصِبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَإِنْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ كَذِبُهُ، وَإِذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ رَجَعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَمَّا لَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ فَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي يَغْرَمُ الْقِيمَةَ إنَّمَا هُوَ الْغَاصِبُ، وَإِنْ تَلِفَ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ فَقِيلَ كَالْعَمْدِ وَقِيلَ كَالسَّمَاوِيِّ.

هَذَا حَاصِلُ الْفِقْهِ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ غَرِمَ إلَخْ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَصْبِ وَكَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ) أَيْ عَلَى التَّلَفِ (قَوْلُهُ فَيَوْمَ الْقَبْضِ) أَيْ فَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُ) أَيْ، وَالْغُرْمُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْغَاصِبِ الْبَائِعِ لَهُ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ، أَوْ لَا، عَلِمَ أَنَّ بَائِعَهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا، حَضَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَقْتَ الْبَيْعِ، أَوْ غَابَ غَيْبَةً قَرِيبَةً، أَوْ بَعِيدَةً، وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ) أَيْ، وَإِلَّا يَقْبِضْهُ، أَوْ قَبَضَهُ وَكَانَ مُعْدَمًا اتَّبَعَ إلَخْ.

وَقِيلَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ الْغَاصِبُ قَبَضَهُ وَلَوْ مُعْدَمًا وَرَجَحَ هَذَا الْقَوْلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ لِلْعَقْدِ، وَالْقَبْضِ مَعًا لَا لِلْعَقْدِ فَقَطْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ نَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ أَيْ، وَأَخْذُ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ، وَإِجَازَتُهُ) ذُكِرَ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ نَقْضُ إلَخْ مِنْ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ، وَأَجَازَ الْمَالِكُ عِتْقَهُ فَإِمَّا أَنْ يُجِيزَهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْقِيمَةَ، وَإِمَّا أَنْ يُجِيزَهُ عَلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَةً فَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَزِمَ الْعِتْقُ نَظَرًا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ فَلَا يُقَالُ هَذَا عِتْقُ فُضُولِيٍّ أَجَازَهُ الْمَالِكُ وَعِتْقُ الْفُضُولِيِّ إذَا كَانَ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَاطِلًا وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَمَا مَرَّ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ إذْ الْعِتْقُ لَيْسَ بِفَوْتٍ عِنْدَ الْغَاصِبِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى رَبِّهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ الَّتِي وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهَا، بَلْ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ فَيَتِمُّ عِتْقُهُ) أَيْ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ رَبُّهُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْ وَلَوْ مُعْسِرًا، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَازَةَ لِلْعَقْدِ، وَالْقَبْضِ مَعًا كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِيَ فَالْمُعْتَبَرُ يَوْمُ التَّعَدِّي) إنْ قِيلَ قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَغْرَمُ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ فَلِمَ غَرِمَ هُنَا يَوْمَ التَّعَدِّي؟ قُلْت؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمَّا قَصَدَ التَّمَلُّكَ مِنْ يَوْمِ وَضْعِ الْيَدِ مَعَ ثُبُوتِ التَّلَفِ عَمْدًا اُعْتُبِرَ غُرْمُهُ يَوْمَ الْإِتْلَافِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي السَّابِقِ فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَخْفَى الْمَبِيعَ فَلِذَلِكَ أُغْرِمَ مِنْ آخِرِ رُؤْيَةٍ رُئِيَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ فِي سَمَاوِيٍّ) أَيْ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ التَّلَفُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ.

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَثْبُتْ التَّلَفُ بِبَيِّنَةٍ فِي الْأَوَّلِ، أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ فِي الثَّانِي فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ مَحْمَلُ قَوْلِهِ سَابِقًا، ثُمَّ غَرِمَ لِآخِرِ رُؤْيَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ) أَيْ فَيَفُوزُ بِالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ رُجُوعٌ فِي السَّمَاوِيِّ إلَّا عَلَى الْغَاصِبِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ السَّمَاوِيَّ مَعَ أَنَّهُ لَهُ الْغَلَّةُ وَمَنْ لَهُ النَّمَاءُ عَلَيْهِ التَّوَى، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ عَنْ الْمُشْتَرِي نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الضَّمَانِ، وَهُوَ ضَمَانُهُ لِلْمَالِكِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلْغَاصِبِ الثَّمَنَ فَيَدْفَعُهُ لَهُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ الْغَاصِبِ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَهُ لَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>