ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ قِيمَةَ السِّلْعَةِ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ دُونَ الْيَسِيرِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نَقْصَهَا فَقَطْ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ) مِمَّا تَعَدَّى عَلَيْهِ، وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ أَفَاتَ الْعَمْدُ مَعَ أَنَّ الْخَطَأَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْهَمْزَةِ (كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ) وَحِشْمَةٍ كَأَمِيرٍ وَقَاضٍ وَدَابَّةٍ مُضَافٍ لِذِي، وَالْمُرَادُ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ لِذِي الْهَيْئَاتِ سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ أَمْ لَا فَالْعِبْرَةُ بِحَالِهَا لَا حَالِ مَالِكِهَا فَقَطْعُ ذَنَبِهَا مُفِيتٌ لِلْمَقْصُودِ مِنْهَا بِخِلَافِ قَطْعِ بَعْضِهِ، أَوْ نَتْفِ شَعْرِهِ (أَوْ) قَطْعِ (أُذُنِهَا، أَوْ طَيْلَسَانِهِ) مُثَلَّثِ اللَّامِ (أَوْ) قَطْعِ (لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ) الْأَعْظَمُ مِنْهَا (وَقَلْعِ عَيْنَيْ عَبْدٍ، أَوْ) قَطْعِ (يَدَيْهِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ) أَيْ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ (، أَوْ قِيمَتُهُ) سَلِيمًا يَوْمَ التَّعَدِّي وَيَتْرُكُهُ لِلْمُتَعَدِّي (وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ) أَيْ لَمْ يُفِتْ الْمَقْصُودَ (فَنَقْصُهُ) فَقَطْ أَيْ يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ مَعَ أَخْذِهِ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ، وَمَثَّلَ لِمَا لَمْ يَفُتْهُ بِقَوْلِهِ (كَلَبَنِ بَقَرَةٍ) ، أَوْ شَاةٍ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودَ الْأَعْظَمَ مِنْهَا.
(وَ) قَطْعِ (يَدِ عَبْدٍ، أَوْ عَيْنِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ صَانِعًا، أَوْ ذَا يَدٍ فَقَطْ، أَوْ عَيْنٍ فَلَهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ (وَعَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُتَعَدِّي (إنْ قُوِّمَ) عَلَيْهِ، وَأَخَذَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ لَا إنْ أَخَذَهُ وَنَقَصَهُ فَلَا يُعْتَقُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ إنْ قُوِّمَ مَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى التَّقْوِيمِ فِيمَا لَا يَجِبُ فِيهِ تَقْوِيمٌ كَجِنَايَةِ عَمْدٍ فِيهَا شَيْنُ قَصْدٍ وَلَمْ تُفِتْ الْمَقْصُودَ (وَلَا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ) مِنْ التَّقْوِيمِ أَيْ لَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَمْنَعَ الْجَانِيَ مِنْ تَقْوِيمِهِ وَيَخْتَارُ أَخْذَهُ مَعَ نَقْصِهِ (الْفَاحِشِ) أَيْ الْمُفِيتِ لِلْمَقْصُودِ حَتَّى يُحْرَمَ الْعَبْدُ مِنْ الْعِتْقِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ لِيَأْخُذَهُ الْجَانِي فَيُعْتَقَ عَلَيْهِ فَيُجْبِرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ وَيُجْبَرُ الْجَانِي عَلَى دَفْعِهَا لِيُعْتَقَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ وَخَاصٌّ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَنْ يُعْتَقُ بِالْمَثُلَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَمِنْهَا أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا عَطَّلَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ إنَّمَا يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا اسْتَعْمَلَ كَمَا مَرَّ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا أَنَّ وَثِيقَةَ الْأَرْيَافِ أَقْرَبُ لِلتَّعَدِّي مِنْ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ التَّمَلُّكَ الْمُطْلَقَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ الْمَالِكُ) أَيْ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ أَرْشَ النَّقْصِ (قَوْلُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْهَمْزَةِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَالْمَقْصُودُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُهُ أَيْ فَإِنْ فَاتَ الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّيْءِ الْمُتَعَدِّي عَلَيْهِ كَقَطْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ مِنْ شَأْنِهَا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَوْلُهُ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ مَفْهُومَةٍ أَنَّ قَطْعَ ذَنَبِ دَابَّةٍ غَيْرَ ذِي الْهَيْئَةِ لَا يُوجِبُ خِيَارَ رَبِّهَا وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا كَانَتْ هِيَ ذَاتَ هَيْئَةٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ ذَاتَ هَيْئَةٍ ثَبَتَ لِمَالِكِهَا الْخِيَارُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا، وَأَخْذِهَا مَعَ الْأَرْشِ، وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ كَقَطْعِ دَابَّةٍ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَكُونَ لِذِي هَيْئَةٍ كَانَ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ أَمْ لَا وَكُلُّ هَذَا عَلَى قِرَاءَةِ دَابَّةٍ بِلَا تَنْوِينٍ بِالْإِضَافَةِ لِذِي، أَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ دَابَّةٍ بِالتَّنْوِينِ وَذِي هَيْئَةٍ صِفَةٍ لَهُ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِصِدْقِهَا بِمَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا ذَا هَيْئَةٍ أَمْ لَا.
وَلَا يُقَالُ أَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ التَّنْوِينِ وَصْفُهَا بِذِي إذْ كَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَقُولَ ذَاتَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الدَّابَّةُ فِي مَعْنَى الْحَيَوَانِ فَيَجُوزُ فِي وَصْفِهَا مُرَاعَاةُ الْمَعْنَى فَفِي الْحَدِيثِ: «فَإِذَا بِدَابَّةٍ أَهْلَبَ طَوِيلِ شَعْرٍ» وَفِيهِ أَيْضًا: «فَأَتَى بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ» (قَوْلُهُ مُفِيتٌ لِلْمَقْصُودِ) أَيْ، وَهُوَ التَّجَمُّلُ بِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا النَّقْصَ فَقَطْ إلَّا لِعُرْفٍ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَخْيِيرِ الْمَالِكِ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَأَرْشِ النَّقْصِ فِي قَطْعِ بَعْضِ الذَّنَبِ، أَوْ نَتْفِ شَعْرِهِ عُمِلَ بِذَلِكَ الْعُرْفِ (قَوْلُهُ هُوَ الْمَقْصُودُ) إنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ، قُلْت الْأَوَّلُ ذُكِرَ عَلَى أَنَّهُ ضَابِطٌ كُلِّيٌّ، وَالثَّانِي ذُكِرَ فِي جُزْئِيٍّ مُثِّلَ بِهِ لِيَنْطَبِقَ عَلَى ذَلِكَ الْكُلِّيِّ وَمِثْلُ هَذَا لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْ الْمُتَعَدِّيَ بِجِنَايَتِهِ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ، وَأَخْذُ قِيمَتِهِ) أَيْ قَهْرًا عَنْ الْمُتَعَدِّي، وَأَمَّا إذَا رَضِيَ الْمُتَعَدِّي بِذَلِكَ كَانَ لِرَبِّهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَلَبَنِ بَقَرَةٍ) أَيْ كَقَطْعِهِ، أَوْ تَقْلِيلِهِ (قَوْلُهُ وَقَطْعِ يَدِ عَبْدٍ) أَيْ.
وَأَمَّا قَطْعُ رِجْلِهِ فَمِنْ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَانِعًا إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ قِيمَةِ الصَّانِعِ بِمَا يُعَطِّلُهُ وَلَوْ أُنْمُلَةً كَمَا لعج (قَوْلُهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى عَلَى عَبْدٍ عَمْدًا قَاصِدًا شَيْنَهُ، وَأَفَاتَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى ذَلِكَ الْجَانِي إنْ قُوِّمَ عَلَيْهِ أَيْ إنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ أَخْذَ قِيمَتِهِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ إنْ قُوِّمَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ قَوَّمَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ التَّقْوِيمُ بِرِضَا صَاحِبِهِ فَقَطْ فِي مُفِيتِ الْمَقْصُودِ، أَوْ بِرِضَاهُمَا مَعًا فِي غَيْرِ مُفِيتِهِ، وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِشَرَفِ الدِّينِ الطَّخِّيخِيِّ وَتَبِعَهُ عبق قَالَ بْن، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِيمَ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا مَنْعَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَمْنَعَ الْجَانِيَ مِنْ التَّقْوِيمِ بِحَيْثُ يَأْخُذُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ إذَا كَانَ التَّعَدِّي فَاحِشًا مُفِيتًا لِلْمَقْصُودِ، بَلْ يَلْزَمُهُ أَخْذُ قِيمَتِهِ لِيَأْخُذَهُ الْجَانِي فَيُعْتَقَ عَلَيْهِ كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ، وَهَذَا مُقَابِلٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ لِرَبِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْخِيَارَ فِي التَّعَدِّي الْفَاحِشِ بَيْنَ أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَهُوَ عَامٌّ فِيمَنْ يُعْتَقُ بِالْمَثُلَةِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَيَقُولُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّخْيِيرِ فِي غَيْرِ مَنْ يُعْتَقُ بِالْمَثُلَةِ، وَأَمَّا مَنْ يُعْتَقُ بِهَا فَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ اهـ. .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ الرَّقِيقِ حُكْمُهُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ كَحُكْمِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَهُوَ تَخْيِيرُ الْمَالِكِ فِي أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَأَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ يُونُسَ، وَأَمَّا عِنْدَهُ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ أَخْذُ السَّيِّدِ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute