للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ أَبَى) الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ مَا ذُكِرَ لِلْمُكْتَرِي (قِيلَ لَهُ) أَيْ لِلْمُكْتَرِي (أَعْطِ) الْمُسْتَحِقَّ (كِرَاءَ سَنَةٍ) ، أَوْ سَنَتَيْنِ (وَإِلَّا أَسْلِمْهَا) بِحَرْثِهَا مَجَّانًا (بِلَا شَيْءٍ) وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ، وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ شَامِلًا لَهُمَا فَيَكُونُ أَوَّلُ الْكَلَامِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ حَيْثُ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ (وَفِي سِنِينَ) أَيْ، وَإِذَا أَجَّرَ الْأَرْضَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ مُدَّةَ سِنِينَ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ بُطُونٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَفَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ (وَيَفْسَخُ) الْعَقْدَ إنْ شَاءَ (أَوْ يَمْضِي) فِي الْبَاقِي (إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ) أَيْ نِسْبَةَ مَا يَنُوبُ الْبَاقِيَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِتَكُونَ الْإِجَارَةُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ بِأَنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ الْأُجْرَةُ لِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْرِفُ التَّعْدِيلَ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْضَاءُ (وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي) ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْعَقْدُ (لِلْعُهْدَةِ) أَيْ لِأَجْلِهَا، وَالْمُرَادُ عُهْدَةُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْأَوَّلِ أَيْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَمْضَى الْكِرَاءَ فَلَا كَلَامَ لِلْمُكْتَرِي فِي فَسْخِهِ خَوْفًا مِنْ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ، فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ أَنَّ خِيَارَ الْمُكْتَرِي لِأَجْلِ خَوْفِ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ مُنْتَفٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ لِمَلَائِهِ مَثَلًا وَلَا أَرْضَى بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ أَجِدْ مَنْ أَرْجِعُ عَلَيْهِ لِعُسْرِ الْمُسْتَحَقِّ (وَانْتَقَدَ) الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُكْتَرِي لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَيْ قُضِيَ لَهُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُسْتَحِقِّ بِالْبَذْرِ.

(قَوْلُهُ أَعْطِ الْمُسْتَحِقَّ كِرَاءَ سَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَمْ يُرِدْ الْفَسْخَ، بَلْ أَجَازَ الْعَقْدَ بِشَيْئِهِ فَمَنْفَعَةُ الْأَرْضِ الْمُدَّةَ الَّتِي حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا يَسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَهَا) أَيْ، وَإِلَّا تُعْطِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءَ سَنَةٍ أَسْلَمَهَا لِرَبِّ الْأُجْرَةِ بِلَا شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ حَيْثُ أَجَازَ مُسْتَحِقُّ الْكِرَاءِ الْعَقْدَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ، وَأَخَذَهُ فَالْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي كِرَاءَ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ وَجُعِلَ قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ هُوَ مَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ) أَيْ فَإِذَا اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ أَرْضًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ بَعْدَ أَنْ حَرَثَهَا ذُو الشُّبْهَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهَا وَدَفْعُ أُجْرَةِ الْحَرْثِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ أَعْطِ كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنْ امْتَنَعَ سَلَّمَهَا لِرَبِّهَا الْمُسْتَحِقِّ بِلَا شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ السَّنَةِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْإِبَّانُ فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ أَوَّلُ الْكَلَامِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ (قَوْلُهُ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ) أَيْ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ وَقَدْ كَانَ حَرَثَهَا (قَوْلُهُ وَفِي سِنِينَ) أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَخْذِهَا، وَالْمَعْطُوفُ فِي الْحَقِيقَةِ يُفْسَخُ بِالنَّصْبِ فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، وَإِنْ مَحْذُوفَةٌ جَوَازًا كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ

وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ ... تَنْصِبُهُ إنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ

وَفِي سِنِينَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَحِقِّ، وَالتَّقْرِيرُ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي مَسْأَلَةِ كِرَاءِ سِنِينَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ) أَيْ.

وَأَمَّا الْغَاصِبُ إذَا أَكْرَاهَا سِنِينَ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ الْمُكْتَرِي بَعْدَ زَرْعِهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمِلٍ فَيَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ الْمَاضِي، وَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ فَقَدْ أَمْضَى فِي الْجَمِيعِ فَكِرَاؤُهُ مَعْلُومٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَوْلِهِ إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ بُطُونٍ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سِنِينَ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ) أَيْ بَعْدَ مَا زُرِعَتْ بَعْضَ السِّنِينَ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَفْهُومِ مِنْ اُسْتُحِقَّتْ (قَوْلُهُ وَيَفْسَخُ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ جَوَازِ إمْضَائِهِ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَمَا لَوْ كَانَ اكْتَرَى الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أُجْرَتُهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى تُسَاوِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِقُوَّةِ الْأَرْضِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَفِي السَّنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ تُسَاوِي خَمْسِينَ فَلَهُ أَنْ يُمْضِيَ الْعَقْدَ فِي السَّنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْضَاءُ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِلْإِجَارَةِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ) أَيْ لِأَجْلِ خَوْفِ الْعُهْدَةِ أَيْ لِأَجْلِ خَوْفِ الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ، أَوْ يُمْضِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ أَيْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَمْضَى الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُكْتَرِي فِي فَسْخِ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ خَوْفًا مِنْ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ خِيَارَ الْمُكْتَرِي) أَيْ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ وَفَسْخُهُ مُنْتَفٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا كَلَامَ لَهُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعُقْدَةِ (قَوْلُهُ لَا أَرْضَى إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَمَانَةِ الْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مَقُولٌ لَا مُحَصَّلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ حَالًا إلَّا إذَا كَانَ مَأْمُونًا، أَوْ يَأْتِي بِحَمِيلِ ثِقَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَانْتَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ حَيْثُ أَمْضَى الْمُسْتَحِقُّ الْإِجَارَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ ذَلِكَ الْبَاقِي حَالًا مِنْ الْمُكْتَرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>