(إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ) ، وَهُوَ الْمُكْرَى أَيْ إنْ كَانَ أَخَذَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لِلْمُكْتَرِي، وَإِلَى ثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَأَمِنَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ فِرَارٌ، أَوْ مَطْلٌ، وَإِلَّا لَمْ يُنْتَقَدْ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلِ ثِقَةٍ.
(وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ) مِنْ مُشْتَرٍ وَمُكْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمَا بِغَصْبِهِ لَا وَارِثَهُ مُطْلَقًا كَمَوْهُوبِهِ إنْ أَعْسَرَ الْغَاصِبُ وَلَا مَنْ أَحْيَا أَرْضًا يَظُنُّهَا مَوَاتًا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْغَلَّةُ لَا تَكُونُ لِكُلِّ ذِي شُبْهَةٍ (أَوْ الْمَجْهُولِ) حَالُهُ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ، أَوْ هَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا (لِلْحُكْمِ) بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ، ثُمَّ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ، فَاللَّامُ فِي لِلْحُكْمِ لِلْغَايَةِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ بِقَوْلِهِ (كَوَارِثٍ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ، بَلْ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ، أَوْ مَجْهُولٍ، أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ.
وَأَمَّا وَارِثُ الْغَاصِبِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا (وَمَوْهُوبٍ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ، أَوْ مِنْهُ إنْ أَيْسَرَ الْغَاصِبُ لَا إنْ أَعْسَرَ فَلَا غَلَّةَ لِمَوْهُوبِهِ (وَمُشْتَرٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ تَحَقَّقَ عَدَمُ عِلْمِهِمْ، أَوْ جُهِلَ عِلْمُهُمْ لِحَمْلِهِمْ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ عَلِمُوا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ، بَلْ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ (بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ) طَرَأَ (عَلَى وَارِثٍ) فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْهُ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَوْرُوثَ وَغَلَّتَهُ أَيْ أَنَّ الْوَارِثَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ) أَيْ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ الْكِرَاءَ بِالْفِعْلِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ نَقْدَهُ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهُ.
وَأَمَّا لَوْ انْتَقَدَ بَعْضَهُ بِالْفِعْلِ فَإِنْ عَيَّنَهُ عَنْ مُدَّةٍ كَانَ لِمَنْ لَهُ تِلْكَ الْمُدَّةُ، وَإِنْ جَعَلَهُ عَنْ بَعْضٍ مِنْهُمْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا اُشْتُرِطَ نَقْدُ بَعْضِهِ، أَوْ جَرَى بِنَقْدِ بَعْضِهِ عُرْفٌ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا كَانَ الْمُكْرِي قَدْ انْتَقَدَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْتَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُكْتَرِي فَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَنْ يَرُدَّ حِصَّةَ مَا بَقِيَ لِلْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ، وَأَمِنَ هُوَ) إنَّمَا أُبْرِزَ الضَّمِيرُ لِمُخَالَفَةِ فَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَفَاعِلَ الْمَعْطُوفِ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ فِرَارٌ، أَوْ مَطْلٌ) أَيْ لَوْ طَرَأَ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لَمْ يَنْتَقِدْ وَتُوضَعُ أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ عِنْدَ حَاكِمٍ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَمَّا كَانَ يَخَافُ أَنْ يَحْصُلَ اسْتِحْقَاقٌ ثَانٍ، وَأَنَّهُ يَضِيعُ عَلَيْهِ مَا نَقَدَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ، أَوْ فِرَارِهِ، أَوْ مَطْلِهِ اشْتَرَطَ فِي انْتِقَادِ الْمُسْتَحِقِّ كَوْنَهُ مَأْمُونًا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ سِنِينَ صَحِيحَةٌ، أَوْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِمَا نَقَلَهُ عبق وخش عَنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ قَوْلِهِ لَعَلَّ هَذَا الشَّرْطَ الثَّانِيَ فِي دَارٍ يُخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَإِنَّهُ يُنْتَقَدُ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ، وَالْغَلَّةُ) مُبْتَدَأٌ وَلِذِي الشُّبْهَةِ حَالٌ وَقَوْلُهُ لِلْحُكْمِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ لَا وَارِثِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الْغَاصِبُ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا، عَلِمَ بِغَصْبِ مُورِثِهِ أَمْ لَا، فَإِذَا مَاتَ الْغَاصِبُ عَنْ سِلْعَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَاسْتَغَلَّهَا مُورِثُهُ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ، وَأَخَذَ غَلَّتَهَا أَيْضًا مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ أَعْسَرَ الْغَاصِبُ) أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَفُوزُ الْمَوْهُوبُ بِمَا اسْتَغَلَّهُ (قَوْلُهُ وَيَظُنُّهَا مَوَاتًا) أَيْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ) أَيْ، وَإِنْ كَانُوا ذَوِي شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ لَا تَكُونُ لِكُلِّ ذِي شُبْهَةٍ) أَيْ، بَلْ إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ أَدَّى ثَمَنًا، أَوْ نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ فَالثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ ذَوُو شُبْهَةٍ لَا يُقْلَعُ غَرْسُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يُهْدَمُ بِنَاؤُهُ لَكِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ فَذُو الشُّبْهَةِ الَّذِي لَهُ الْغَلَّةُ أَخَصُّ مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ الَّذِي لَا يُقْلَعُ غَرْسُهُ وَلَا يُهْدَمُ بِنَاؤُهُ (قَوْلُهُ، أَوْ الْمَجْهُولِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْهُولَ حَالُهُ لَيْسَ ذَا شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَهُوَ مَا تَحَرَّرَ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ عَطْفَ خَاصٍّ اهـ.
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ، أَوْ هَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا) أَيْ أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ (قَوْلُهُ لِلْحُكْمِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا ذَكَرَهُ آخِرَ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْوَقْفِ فِي الرِّبَاعِ زَمَنَ الْخِصَامِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبَيْعِ مَثَلًا فَلَا يُنَافِي الِاسْتِغْلَالَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِلْغَايَةِ) أَيْ فَهِيَ بِمَعْنَى إلَى، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِذِي الشُّبْهَةِ، وَالْمَجْهُولِ مِنْ يَوْمِ وَضْعِ يَدِهِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ مَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ) أَيْ الَّذِي تَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ (قَوْلُهُ، أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) أَيْ، أَوْ وَارِثٍ لِمُشْتَرٍ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَيْسَ وَارِثًا لِذِي الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمُكْتَرِي مِنْهُ ذُو شُبْهَةٍ وَحِينَئِذٍ فَوَارِثُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَارِثُ ذِي شُبْهَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ، بَلْ لِذِي شُبْهَةٍ، أَوْ مَجْهُولِ حَالٍ كَوَارِثِ مُشْتَرٍ، أَوْ مُكْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِكَافِ التَّمْثِيلِ وَيَحْذِفُ نَحْوَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ وَارِثَ ذِي الشُّبْهَةِ ذُو شُبْهَةٍ كَوَارِثِ مَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِغَصْبِ مُورِثِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ) أَيْ بِأَنْ، وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ، وَهَبَهُ مَجْهُولُ الْحَالِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) هَذَا شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهُ أَعْنِي الْوَارِثَ، وَالْمَوْهُوبَ لَهُ، وَالْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ بِنَاءً عَلَى مَا قُرِّرَ بِهِ قَوْلُهُ كَوَارِثٍ فَالْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ.
وَأَمَّا حَمْلُ الْوَارِثِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَارِثِ الْغَاصِبِ وَجَعْلُ الشَّرْطِ رَاجِعًا لِغَيْرِهِ وَجَمْعُ ضَمِيرِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ، أَوْ رَاجِعًا لِلثَّلَاثَةِ فَهُوَ حَمْلٌ فَاسِدٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمُوا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ) ، بَلْ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ، قَالَ عبق، وَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ