للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بُنِيَ فِيهَا وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ وَاشْتُهِرَ بِالْمَسْجِدِيَّةِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا، وَأَخْذُ قِيمَةِ عَرْصَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لِلْبَانِي لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ خَرَجَ لِلَّهِ وَقْفًا وَسَوَاءٌ بَنَاهُ بِشُبْهَةٍ، أَوْ كَانَ غَاصِبًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِذَا هَدَمَهُ جُعِلَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، أَوْ حُبِسَ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا جَعْلُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَخَصَّ ذَلِكَ سَحْنُونٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَانِي غَاصِبًا.

وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ هَدْمُهُ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَانِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ وَكُلُّ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ أَبْقَاهُ، وَإِذَا أَخَذَ الْبَانِي قِيمَةَ بِنَائِهِ صَرَفَهُ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ حَبْسٍ وَرُجِّحَ مَا لِسَحْنُونٍ أَيْضًا (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ) مِنْ مُتَعَدِّدٍ اشْتَرَى صَفْقَةً وَاحِدَةً (فَكَالْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ نُقِضَتْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَجْهِهَا جَازَ التَّمَسُّكُ بِهِ (وَرَجَعَ) حِينَئِذٍ (لِلتَّقْوِيمِ) لَا لِلْمُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ هَذَا الْبَاقِي؟ فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ؟ فَإِذَا قِيلَ اثْنَانِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ وَقَدْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ، وَأَعَادَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ مَحَلُّهَا إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَجْحَفَهَا كَمَا تَرَى وَتَمَّمَهَا هُنَاكَ وَفِي نُسْخَةٍ فَكَالْمُعَيَّبِ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ النُّسْخَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ) اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً (اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا) أَيْ أَجْوَدَهُمَا، وَهُوَ مَا فَاقَ نِصْفَ الْقِيمَةِ (بِحُرِّيَّةٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْغَلَّةِ لَمْ يَرْجِعْ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ نَقَصَتْ النَّفَقَةُ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى النَّفَقَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ النَّفَقَةَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إنَّمَا هِيَ النَّفَقَةُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَا فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ جُعِلَتْ) أَيْ الْأَنْقَاضُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ قَوْلِهِ هَدَمَهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَانِي إذَا هَدَمَ الْمَسْجِدَ، وَأَخَذَ أَنْقَاضَهُ (قَوْلُهُ وَخُصَّ ذَلِكَ) أَيْ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا) أَيْ وَيَبْقَى مَسْجِدًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ قِيلَ لِلْبَانِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ) أَيْ وَيَبْقَى مَسْجِدًا لِلْبَانِي، وَإِنْ أَبَى الْبَانِي أَيْضًا كَانَا شَرِيكَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ اُحْتُمِلَ الْقَسْمُ وَكَانَ فِيمَا يَنُوبُ الْبَانِي مَا يَكُونُ مَسْجِدًا قُسِمَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْقَسْمَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لِمَنْ بَنَى مَا يَكُونُ مَسْجِدًا بِيعَ وَجُعِلَ مَا يَنُوبُ الْبَانِيَ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ حُبِسَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَرَجَحَ مَا لِسَحْنُونٍ أَيْضًا) أَيْ كَمَا رَجَحَ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ رَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَّحَ أَبُو عِمْرَانَ قَوْلَ سَحْنُونٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي هَدْمِ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِشُبْهَةٍ وَعَدَمِ هَدْمِهِ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَانِي غَاصِبًا فَيُهْدَمُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ هَدْمَهُ (قَوْلُهُ نَقَصَتْ) أَيْ الصَّفْقَةُ أَيْ نَقَصَ بَيْعُهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) أَيْ لَا بِقِيمَةٍ وَلَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ جَازَ التَّمَسُّكُ بِهِ) أَيْ بِالْبَاقِي، وَالْأَوْلَى تَعَيُّنُ التَّمَسُّكِ بِهِ،، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَجْهِهَا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ لِلتَّقْوِيمِ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا إذَا اُسْتُحِقَّ غَيْرُ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ فِي غَيْرِ وَجْهِ الصَّفْقَةِ لِقِلَّتِهِ فَلَيْسَ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّهُ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ بَعْدَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِلتَّقْوِيمِ) أَيْ نَظَرَ فِيهِ لِقِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِيزَانِ الْقِيمَةِ وَلَا يَنْظُرُ فِيهِ لِلتَّسْمِيَةِ فَقَطْ أَيْ لَمَّا سَمَّى لِلْجَمِيعِ حِينَ شِرَائِهِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ بِحَيْثُ يُقَالُ لِثُلُثِ الْمَبِيعِ ثُلُثُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَنْ يَقُولَ رَغِبْتُ فِي الْمَجْمُوعِ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَلَوْ رَجَعَ لِلتَّسْمِيَةِ لَكَانَ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَلِفَ بَعْضُهُ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ وَذِكْرُهُ لَهَا فِي فَصْلِ الْخِيَارِ اسْتِطْرَادِيٌّ (قَوْلُهُ أَجْحَفَهَا) أَيْ أَجْمَلَهَا.

وَحَاصِلُ مَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ الْمُسْتَحَقَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ شَائِعًا، أَوْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَلَيْسَ مِنْ رِيَاعِ الْغَلَّةِ كَبَعْضِ حَيَوَانٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي، وَالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي رَدِّ الْبَيْعِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ، أَوْ الْأَكْثَرُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ شَائِعًا فِيمَا يَنْقَسِمُ، أَوْ فِيمَا كَانَ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ خُيِّرَ أَيْضًا فِي اسْتِحْقَاقِهِ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ الشَّائِعُ دُونَ الثُّلُثِ وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي وَرَجَعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ جُزْءًا مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ مِنْ مُقَوَّمٍ كَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ وَجْهَ الصَّفْقَةِ تَعَيَّنَ رَدُّ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ تَعَيَّنَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِقِيمَتِهِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا لَا بِالتَّسْمِيَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ مِثْلِيًّا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ خُيِّرَ فِي التَّمَسُّكِ، وَالرُّجُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي الرَّدِّ اُنْظُرْ ح ذَكَرَهُ بْن وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مِنْ النُّسْخَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ، وَهِيَ قَوْلُهُ فَكَالْمَبِيعِ إذْ الْمُرَادُ فَكَالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ أَيْ الَّذِي ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ كُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْأُخْرَى.

(قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا بِحُرِّيَّةٍ) أَيْ بِثُبُوتِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ مَشْهُورٍ بِبَيْعِ الْأَحْرَارِ وَقِيلَ يُطَالَبُ السَّيِّدُ بِإِثْبَاتِ الرِّقِّ فِي هَذَا ذَكَرَ هَذَا الْخِلَافَ ح

<<  <  ج: ص:  >  >>