وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْخِيَارِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ وَشَبَّهَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْمَعِيبِ قَوْلَهُ (كَأَنْ صَالَحَ) الْبَائِعُ (عَنْ عَيْبٍ) قَدِيمٍ بِعَبْدٍ مَثَلًا اُشْتُرِيَ مِنْهُ بِهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (بِآخَرَ) أَيْ بِعَبْدٍ آخَرَ وَصَارَ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَدْنَى رَجَعَ بِمَا يَنُوبُ الْمُسْتَحَقَّ وَلَزِمَ الْآخَرُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَجْوَدُ رُدَّ الْآخَرُ (وَهَلْ يُقَوَّمُ) الْعَبْدُ (الْأَوَّلُ) مَعَ الثَّانِي الْمَأْخُوذِ فِي الْعَيْبِ (يَوْمَ الصُّلْحِ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ قَبْضِهِمَا (أَوْ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الثَّانِي فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ قَطْعًا.
(وَإِنْ صَالَحَ) مُقِرٌّ بِشَيْءٍ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ عَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ (فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ مُدَّعِيهِ) أَيْ مُدَّعِي الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ وَمَا بِيَدِهِ هُوَ الْمُصَالَحُ بِهِ (رَجَعَ) الْمُقَرُّ لَهُ (فِي مُقَرٍّ بِهِ لَمْ يَفُتْ، وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ، وَإِنْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (فَفِي عِوَضِهِ) أَيْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (كَإِنْكَارٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ صَالَحَهُ بِشَيْءٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي رَجَعَ بِعِوَضِهِ لَا بِعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ عِوَضِهِ إنْ فَاتَ إذْ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهُ شَيْءٌ يَرْجِعُ بِهِ، أَوْ بِعِوَضِهِ (لَا إلَى الْخُصُومَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْكِرِ الَّذِي صَالَحَهُ بِشَيْءٍ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ إذْ الْخُصُومَةُ قَدْ انْقَضَتْ بِالصُّلْحِ فَمَا بَقِيَ إلَّا عِوَضُ مَا صَالَحَ بِهِ (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ (مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ) الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُدَّعِي (بِمَا دَفَعَ) لَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ (فَ) يَرْجِعُ (بِقِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ) الْمُقِرُّ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ ظُلْمًا (كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً، وَهُوَ عَالِمٌ بِصِحَّةِ مِلْكِ بَائِعِهَا فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيْعُ مُؤْتَنَفٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ فَالْمَعْنَى يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ، وَالْفَضِّ فَكَانَ التَّمَسُّكُ بَيْعَ مُؤْتَنَفٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَعَلِمْت أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
وَأَمَّا تَمَسُّكُهُ بِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ كَأَنْ صَالَحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا، ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِعَبْدٍ آخَرَ دَفَعَهُ لَهُ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ فَيَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَيْعِ، أَوْ لَا فَيُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِالنَّظَرِ لِقِيمَتِهِمَا وَيَتَمَسَّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِيزَانِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الْمَأْخُوذَ صُلْحًا يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ بِلَا خِلَافٍ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَهَلْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ تَمَامِ الْقَبْضِ، أَوْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ، الْأَوَّلُ رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ عَابَهُ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ (قَوْلُهُ بِعَبْدٍ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ بِعَبْدٍ (قَوْلُهُ اُشْتُرِيَ مِنْهُ بِهِ) أَيْ اُشْتُرِيَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا اُسْتُحِقَّ الْأَوَّلُ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، أَوْ لَا، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ إذَا اُسْتُحِقَّ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ كَعَبْدٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مُقَوَّمٍ كَهَذَا الثَّوْبِ، أَوْ مِثْلِيٍّ كَهَذَا الْإِرْدَبِّ الْقَمْحِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْمُصَالَحُ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى يَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ) أَيْ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ عِوَضِ الْمُقَرِّ بِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ إنَّهُ يَرْجِعُ لِلْخُصُومَةِ لَا بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ) أَيْ فِي رُجُوعِ الْمُدَّعِي بِالْعِوَضِ فِيمَا بَعْدُ، وَإِلَّا، وَإِنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِعِوَضِهِ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ الْمُصَالَحَ عَنْهُ وَفِيمَا بَعْدَهَا الْمُصَالَحَ بِهِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِعِوَضِهِ) أَيْ بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ لَا بِعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ (قَوْلُهُ لَا إلَى الْخُصُومَةِ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ مَنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ مَا صُولِحَ بِهِ فِي الْإِنْكَارِ إلَى الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ إذْ الْخُصُومَةُ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّ رُجُوعَهُ لِلْخُصُومَةِ فِيهِ غَرَرٌ إذْ لَا يُدْرَى مَا يَصِحُّ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ مِنْ مَعْلُومٍ، وَهُوَ عِوَضٌ لِمُصَالَحٍ بِهِ إلَى مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ صَالَحَ الْمُدَّعِيَ بِشَيْءٍ وَدَفَعَهُ لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِعَبْدٍ مَثَلًا، وَإِنَّهُ مِلْكُهُ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ صَالَحَهُ بِمُقَوَّمٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ وَدَفَعَهُ لَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ وَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ) هَذَا رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهَا الْعَمَلُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ) أَيْ الْمُصَالِحِ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَيْ الشَّيْءَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَقَوْلُهُ مِلْكُهُ أَيْ مِلْكُ الْمُدَّعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute