فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِمٌ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِعِلْمِهِ بِاللَّامِ فَيَكُونُ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ وَنُسْخَةُ الْكَافِ، أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً (لَا إنْ) لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ وَلَوْ أَتَى بِعِبَارَةٍ تُشْعِرُ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ كَأَنْ (قَالَ دَارُهُ) ، أَوْ عَبْدُهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ عَلَى بَائِعِهِ.
(وَ) رَجَعَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (فِي) بَيْعِ (عَرْضٍ بِعَرْضٍ) اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا (بِمَا خَرَجَ) مِنْ يَدِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا (أَوْ قِيمَتِهِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ، وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَيَشْمَلُ الْحُلِيَّ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ عَرْضٍ أَيْ مُعَيَّنٍ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ (إلَّا نِكَاحًا) أَصْدَقَهَا فِيهِ عَبْدًا مَثَلًا فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا (وَخُلْعًا) عَلَى نَحْوِ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْهُ (وَصُلْحَ) دَمٍ (عَمْدٍ) عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ بِعَبْدٍ، أَوْ شِقْصٍ فَاسْتُحِقَّ (وَ) إلَّا عَبْدًا، أَوْ شِقْصًا (مُقَاطِعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ) أَيْ مَأْخُوذًا عَنْ عَبْدٍ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ فَالْعِتْقُ مَاضٍ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ إنْ كَانَ الْمُقَاطَعُ بِهِ مَوْصُوفًا، أَوْ مُعَيَّنًا، وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْعَبْدِ.
وَأَمَّا مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ بِشَيْءٍ إذَا اُسْتُحِقَّ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ انْتَزَعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ (، أَوْ) مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ (مُكَاتَبٍ) فَاسْتُحِقَّ (أَوْ) مُصَالَحًا بِهِ عَنْ (عُمْرَى) لِدَارٍ أَيْ أَنَّ الْمُعَمِّرَ بِالْكَسْرِ صَالَحَ الْمُعَمَّرَ بِالْفَتْحِ بِعَبْدٍ مَثَلًا فِي نَظِيرِ الْعُمْرَى فَاسْتُحِقَّ مِنْ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ بِاَلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ فَلَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ فِي بُضْعِهَا بِأَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ فِي الْأُولَى وَلَا الزَّوْجُ بِالْعِصْمَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا الْقِصَاصُ فِي الثَّالِثَةِ، وَهَكَذَا، بَلْ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَاحْتُرِزَ بِصُلْحِ الْعَمْدِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَهُوَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ.
وَأَمَّا عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ عَدَمَ صِحَّةِ مِلْكِ بَائِعِهِ وَاشْتَرَاهُ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ حَيْثُ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْمُعَاوَضَةَ وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ رُجُوعِهِ وَيُقَدَّرُ كَأَنَّهُ وُهِبَ الثَّمَنُ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى فِدَاءَهُ لِصَاحِبِهِ فَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدِي مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي رُجُوعِهِ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِحَّةَ مِلْكِهِ لَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ أَتَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِعِبَارَةٍ تُشْعِرُ بِصِحَّةِ مِلْكِ الْبَائِعِ لَهَا بِأَنْ قَالَ دَارُ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ إضَافَتِهَا لَهُ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ بِنَاءِ آبَائِهِ، أَوْ مِنْ بِنَائِهِ قَدِيمًا، وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ثُلَاثِيَّةٌ: ذِكْرُ سَبَبِ الْمِلْكِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ قَطْعًا، مُجَرَّدُ قَوْلِهِ دَارُهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، التَّصْرِيحُ بِالْمِلْكِ مُجَرَّدًا عَنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ مَحَلُّ النِّزَاعِ بَيْنَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ إنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَاعْتَمَدَهُ ح وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى أَيْ الْمُشْتَرِي، وَأَوْلَى الْمُوَثِّقُ.
(قَوْلُهُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ) ، وَهُوَ عَرْضُهُ الَّذِي بَذَلَهُ مِنْ يَدِهِ لَا مَا أَخَذَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ عَرْضُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالْقُصُورِ وَقَوْلُهُ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الْأَوْلَى مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (قَوْلُهُ إلَّا الرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بَاقِيًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَصْدَقَهَا فِيهِ عَبْدًا مَثَلًا) أَيْ، أَوْ شِقْصًا فِي عَقَارٍ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا) أَيْ، أَوْ أُخِذَ مِنْ يَدِهَا بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّتْهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا تَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا، وَهُوَ الْبُضْعُ، بَلْ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ رَدَّتْهُ بِالْعَيْبِ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ عَبْدٍ) أَيْ عَلَى عَبْدٍ وَنَحْوِهِ كَشِقْصٍ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ وَأُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ الْعِصْمَةُ، بَلْ يَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ، وَهُوَ قِيمَةُ مَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَصُلْحَ دَمٍ عَمْدٍ) مِثْلُهُ صُلْحُ الْخَطَأِ عَنْ إنْكَارِهِ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ) أَيْ، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّهُ لِعَيْبٍ بِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ بِشَيْءٍ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ.
وَقِيلَ إنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَمِلْكِ الْأَجْنَبِيِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ) أَيْ مَأْخُوذًا عِوَضًا عَنْهَا بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَجْمِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَتَى لَهُ بِعَبْدِ فُلَانٍ، أَوْ بِعَبْدِهِ هُوَ، أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ عِوَضًا عَنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ الْكِتَابَةِ عَبْدًا، أَوْ شِقْصًا وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ مُعَيَّنٌ سَوَاءٌ كَانَ لَيْسَ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ، أَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَوْصُوفًا فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ، وَقَوْلُ عبق سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَاتَبُ كَالْعَبْدِ الْمُقَاطَعِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمُقَاطَعِ (قَوْلُهُ صَالَحَ الْمُعَمَّرَ بِالْفَتْحِ بِعَبْدٍ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ بِشِقْصٍ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ أَيْ، أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ بِاَلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ بِالْعِوَضِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُتَّصِلٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْمُرَادِ بِالْعَرْضِ وَجَعْلُهُ تِلْكَ الْمَسَائِلَ سَبْعَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ صَادِقٌ بِأَنْ