مِنْ لُزُومِ الْعَقْدِ وَصِحَّتِهِ، وَفَسَادِهِ، وَمَنْعِهِ وَجَوَازِهِ، وَأَنَّهُ إذَا اكْتَرَاهَا بِأَكْلِهَا أَوْ كَانَ أَكْلُهَا جُزْءًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَظَهَرَتْ أَكُولَةً فَلَهُ الْخِيَارُ وَغَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى مَسَائِلَ يُتَوَهَّمُ فِيهَا الْمَنْعُ لِلْجَهَالَةِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَدَّمَ أُجِيزَتْ لِلضَّرُورَةِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) أَنْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً (عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا) لَوْ قَالَ وَجَازَ بِعَلَفِهَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ كِرَاؤُهَا بِدَرَاهِمَ وَعَلَفُهَا بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَلَفَ تَابِعٌ (أَوْ طَعَامَ رَبِّهَا) أَيْ جَازَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا مَعًا فَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ، وَسَوَاءٌ انْضَمَّ لِذَلِكَ نَقْدٌ أَمْ لَا فَإِنْ وَجَدَهَا أَكُولَةً أَوْ وَجَدَ رَبَّهَا أَكُولًا فَلَهُ الْفَسْخُ مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ يَجِدُهَا أَكُولَةً فَيَلْزَمُهُ شِبَعُهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالْعَلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ اسْمٌ لِمَا تَأْكُلُهُ الدَّابَّةُ، وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَالْفِعْلُ أَيْ تَقْدِيمُ ذَلِكَ لَهَا.
(أَوْ) بِدَرَاهِمَ مَثَلًا عَلَى أَنَّ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ (طَعَامَك) يَا مُكْتَرِي فَتَكُونُ الدَّرَاهِمُ فِي نَظِيرِ الرُّكُوبِ وَالطَّعَامِ مَا لَمْ يَكُنْ الْكِرَاءُ طَعَامًا، وَإِلَّا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ غَيْرُ يَدٍ بِيَدٍ (أَوْ لِيَرْكَبَهَا) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَكْتَرِيَهَا بِكَذَا لِيَرْكَبَهَا (فِي حَوَائِجِهِ) شَهْرًا حَيْثُ شَاءَ (أَوْ لِيَطْحَنَ بِهَا شَهْرًا) أَيْ حَيْثُ عُرِفَ كُلٌّ مِنْ الرُّكُوبِ وَالطَّحْنِ بِالْعَادَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَقَوْلُهُ: شَهْرًا أَيْ مَثَلًا فَالْمُرَادُ زَمَنٌ مُعَيَّنٌ وَيَظْهَرُ أَنَّ الزَّمَنَ الْكَثِيرَ يَمْنَعُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ، وَلَوْ سَمَّى قَدْرَ مَا يَطْحَنُ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ الزَّمَنَ وَالْعَمَلَ مُنِعَ فَإِنَّهُ قَالَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ تَسْمِيَةِ الْأَرَادِبِ وَالْأَيَّامِ الَّتِي يَطْحَنُ فِيهَا، وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدِهِمَا. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ فِي قَوْلِهِ، وَهَلْ تَفْسُدَانِ جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا أَوْ مُطْلَقًا خِلَافٌ (أَوْ) اكْتَرَى مِنْ شَخْصٍ دَوَابَّ (لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ مِائَةً) مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَعْدُودٍ أَوْ مَوْزُونٍ إنْ سَمَّى قَدْرَ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ بَلْ (وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا لِكُلٍّ) مِنْ الدَّوَابِّ (وَعَلَى حَمْلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَهِيَ بَيْعُ مَنْفَعَةِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ أَنْ تَكْتَرِيَ دَابَّةً) أَيْ بِدَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ عَلَيْك عَلَفَهَا) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي هِيَ الدَّرَاهِمُ وَنَحْوُهَا (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَبَّرَ بِذَلِكَ كَانَ مُفِيدًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا قَالَهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: إذْ يُفْهَمُ مِنْهُ كِرَاؤُهَا) أَيْ جَوَازُ كِرَائِهَا (قَوْلُهُ: بِالْأَوْلَى) أَيْ مِنْ كِرَائِهَا بِعَلَفِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَلَفَ تَابِعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَا كَانَ مَعْلُومًا وَالْمَعْلُومُ الْكِرَاءُ بِالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: أَيْ جَازَ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ جَازَ الْكِرَاءُ بِأَحَدِهِمَا أَيْ بِعَلَفِ الدَّابَّةِ أَوْ بِطَعَامِ رَبِّهَا، وَإِنْ لَمْ تُوصَفْ النَّفَقَةُ كَذَا فِي خش (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِمَا مَعًا) أَيْ بِعَلَفِ الدَّابَّةِ وَطَعَامِ رَبِّهَا (قَوْلُهُ: نَقْدًا أَمْ لَا) أَيْ فَالصُّوَرُ سِتٌّ (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ فَلِلْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْضَ رَبُّهَا بِالْوَسَطِ) أَيْ بِطَعَامٍ وَسَطٍ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِعَامِهِ إذَا كَانَ أَكُولًا، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ حَيْثُ طَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ ذَلِكَ، وَلَوْ رَضِيَ بِهَا بِطَعَامٍ وَسَطٍ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ لَهَا رَبُّهَا كَمَا فِي المج.
(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ شِبَعُهَا) فَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ قَلِيلَ الْأَكْلِ أَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ قَلِيلَتَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا يَأْكُلَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ لَهُمَا الْفَاضِلُ يَصْرِفَانِهِ فِيمَا أَحَبَّا (قَوْلُهُ: أَيْ تَقْدِيمُ ذَلِكَ لَهَا) كَتَبَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُنَاوَلَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ عَلَى الْعُرْفِ كَحِفْظِهَا بَعْدَ النُّزُولِ عَنْهَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَيْهِ طَعَامَك) أَيْ وَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْمُكْتَرِي فَيُقَالُ إنْ وُجِدَ الْمُكْتَرِي أَكُولًا كَانَ لِرَبِّ الدَّابَّةِ الْخِيَارُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ مَا لَمْ يَرْضَ بِالْوَسَطِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلَ الْأَكْلِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّابَّةِ إلَّا مَا يَأْكُلُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ شَاءَ) أَيْ حَيْثُ أَرَادَ الرُّكُوبَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عُرِفَ كُلٌّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الرُّكُوبُ فِي الْبَلَدِ، وَمَا قَارَبَهَا، وَإِنْ كَانَتْ حَوَائِجُهُ الَّتِي يَرْكَبُ لِقَضَائِهَا تَقِلُّ تَارَةً وَتَكْثُرُ أُخْرَى إذْ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَعْيِينِ مَا يَحْتَاجُهُ لَا إنْ كَانَ يُسَافِرُ عَلَيْهَا، وَكَانَ الطَّحْنُ لِلْبُرِّ وَنَحْوِهِ لَا لِلْحُبُوبِ الصَّعْبَةِ كَالتُّرْمُسِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْجَوَازُ) أَيْ جَوَازُ اسْتِئْجَارِهَا لِلطَّحْنِ بِهَا شَهْرًا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْمَنْعِ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأَيَّامِ وَالْأَرَادِبِ مَبْنِيٌّ إلَخْ وَالتَّعْبِيرُ بِالظَّاهِرِ قُصُورٌ إذْ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ جَارٍ هُنَا كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ لِيَحْمِلَ عَلَى دَوَابِّهِ) أَيْ دَوَابِّ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُؤَجِّرِ (قَوْلُهُ: إنْ سَمَّى قَدْرَ مَا تَحْمِلُ) بَلْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَكِنْ إنْ سَمَّى جَازَ إنْ اتَّحَدَ الْقَدْرُ كَأَحْمِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ خَمْسَةَ قَنَاطِيرَ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ مُنِعَ حَتَّى يُعَيَّنَ مَا يَحْمِلُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا كَأَحْمِلُ عَلَى هَذِهِ خَمْسَةً وَعَلَى هَذِهِ عَشَرَةً إلَخْ.
وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَحْمِلُ عَلَى وَاحِدَةٍ خَمْسَةً وَعَلَى وَاحِدَةٍ سِتَّةً وَوَاحِدَةٍ ثَلَاثَةً، وَلَمْ يُعَيِّنْ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا مُنِعَ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ تَفْصِيلٌ إذْ يَشْمَلُ تَسْمِيَةَ مَا لِكُلٍّ وَيَتَّحِدُ قَدْرُهُ أَوْ يَخْتَلِفُ وَيُعَيِّنُ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا فَهَاتَانِ جَائِزَتَانِ فَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُهُ، وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا تَحْمِلُهُ كُلُّ دَابَّةٍ فَفَاسِدَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَكَانَ مُخَاطَرَةً (قَوْلُهُ: بَلْ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَحْمِلُ عَلَى دَابَّةٍ بِقَدْرِ قُوَّتِهَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى حَمْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute