للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ لَمْ يُجِبْ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ (حُبِسَ وَأُدِّبَ) بِالضَّرْبِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ (حَكَمَ) عَلَيْهِ بِالْحَقِّ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الْإِقْرَارِ (بِالْحَقِّ بِلَا يَمِينٍ) مِنْ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ فَرْعُ الْجَوَابِ وَهُوَ لَمْ يُجِبْ.

(وَلِمُدَّعًى عَلَيْهِ السُّؤَالُ عَنْ السَّبَبِ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا لَمْ يَسْأَلْهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ فَإِنْ بَيَّنَهُ الْمُدَّعِي عُمِلَ بِهِ إذْ قَدْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غُرْمٌ كَالْقِمَارِ وَقَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غُرْمٌ قَلِيلٌ كَالرِّبَا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ يُطْلَبْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَوَابٍ (وَ) لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي نَسِيتُهُ ثُمَّ قَالَ تَذَكَّرْتُهُ، وَإِنَّهُ كَذَا (قُبِلَ نِسْيَانُهُ بِلَا يَمِينٍ) مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ.

(وَإِنْ) (أَنْكَرَ مَطْلُوبٌ) بِحَقٍّ (الْمُعَامَلَةَ) مِنْ أَصْلِهَا بِأَنْ قَالَ لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ (فَالْبَيِّنَةُ) عَلَى الْمُدَّعِي تَشْهَدُ بِالْحَقِّ عَلَى الْمَطْلُوبِ (ثُمَّ) بَعْدَ إقَامَتِهَا (لَا تُقْبَلُ) مِنْ الْمَطْلُوبِ (بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ) لِذَلِكَ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ بِالْقَضَاءِ (بِخِلَافِ) قَوْلِهِ (لَا حَقَّ) أَوْ لَا دَيْنَ (لَك عَلَيَّ) فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَتَهُ بِالدَّيْنِ فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ بِالْقَضَاءِ فَتُقْبَلُ إذْ كَلَامُهُ الْمَذْكُورُ لَيْسَ فِيهِ تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ إذْ قَوْلُهُ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ حَقٌّ وَقَضَاهُ.

(وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ) كَالْقَتْلِ وَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (فَلَا يَمِينَ) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِمُجَرَّدِهَا) مِنْ الْمُدَّعِي بَلْ حَتَّى يُقِيمَ عَلَيْهَا شَاهِدًا وَاحِدًا فَيَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ (وَلَا تُرَدُّ) عَلَى الْمُدَّعِي إذْ لَا ثَمَرَةَ فِي رَدِّهَا عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِ الدَّعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلَا تُرَدُّ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِنْ لَمْ تَتَجَرَّدْ بِأَنْ أَقَامَ عَدْلًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي الْعِصْمَةِ الْآنَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ بِإِقْرَارٍ وَلَا إنْكَارٍ) أَيْ بِأَنْ سَكَتَ. (قَوْلُهُ: حُبِسَ وَأُدِّبَ بِالضَّرْبِ) أَيْ وَيَجْتَهِدُ الْقَاضِي فِي قَدْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ) أَيْ بَعْدَ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ حَكَمَ عَلَيْهِ وَمِثْلُ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَابِ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ شَكُّهُ فِي أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَا يَدَّعِيهِ فَإِذَا أَمَرَ الْقَاضِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ فَقَالَ عِنْدِي شَكٌّ فِي أَنَّ لَهُ عِنْدِي مَا يَدَّعِيهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ عِنْدِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعِي كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الْمُدَّعِي وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا ادَّعَى بِهِ وَقَالَ: يُحَلَّفُ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَى بِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ) أَيْ الَّذِي تَرَتَّبَ الدَّيْنُ لِأَجْلِهِ. (قَوْلُهُ: قُبِلَ نِسْيَانُهُ) أَيْ دَعْوَاهُ نِسْيَانَهُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةٌ بِالْقَضَاءِ) أَيْ تَشْهَدُ بِالْقَضَاءِ لِذَلِكَ الْحَقِّ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: تَكْذِيبٌ لِبَيِّنَتِهِ بِالْقَضَاءِ) وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ مَا إذَا أَنْكَرَ الْمَطْلُوبُ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ بِهَا وَأَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَلَكِنَّهُ قَضَاهُ إيَّاهُ وَأَقَامَ عَلَى الْقَضَاءِ بَيِّنَةً فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْقَضَاءِ كَمَا فِي النَّوَادِرِ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ أَوَّلًا تَكْذِيبٌ لَهَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ) أَيْ قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمِائَةٍ مِنْ قَرْضٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: إذْ كَلَامُهُ الْمَذْكُورُ) أَعْنِي قَوْلَهُ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ، أَوْ لَا دَيْنَ لَك عَلَيَّ هَذَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ وَهُمَا لَا مُعَامَلَةَ بَيْنِي وَبَيْنَك وَلَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فِي حَقِّ الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ الْعَامِّيِّ وَأَمَّا الْعَامِّيُّ فَيُعْذَرُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فِي الصِّيغَتَيْنِ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ ح فِي بَابِ الْوَكَالَةِ عَنْ الرُّعَيْنِيِّ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَالْعِتْقِ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا) فَإِذَا ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ بِكَذَا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ السَّيِّدِ، أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ، أَوْ غَيْرُهَا عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَلَمْ تُقِمْ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ ادَّعَى إنْسَانٌ عَلَى وَلِيِّ مُجْبَرَةٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ بِنْتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى الْوَلِيِّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا مَسَائِلُ مِنْهَا قَوْلُهُ: وَيُحَلَّفُ الطَّالِبُ إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ عِلْمُ الْعَدَمِ كَمَا لَوْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَادَّعَى الْإِعْسَارَ وَأَنَّ الطَّالِبَ يَعْلَمُ بِعُسْرِهِ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ الْعِلْمَ بِعُسْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَطْلُوبِ فَإِنَّ الطَّالِبَ يُحَلَّفُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِعُسْرِهِ وَيُحْبَسُ الْمَطْلُوبُ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ وَمِنْهَا قَوْلُهُ: وَكَذَا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ تَحْلِيفُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ عَالِمٌ بِفِسْقِ شُهُودِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وَلَهُ يَمِينُهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْهُ أَوَّلًا وَمِنْهَا قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي وَلِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ وَمِنْهَا الْمُتَّهَمُ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبُ، أَوْ السَّرِقَةُ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ لَا يَثْبُتُ مُوجَبُهُمَا مِنْ أَدَبٍ وَقَطْعٍ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ الْمُدَّعَى بِهِ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَمِنْهَا مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَذَفَهُ فَتَوَجَّهَ الْيَمِينُ عَلَى ذَلِكَ الْآخَرِ أَنَّهُ لَمْ يَقْذِفْهُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمُنَازَعَةٍ وَتَشَاجُرٍ كَانَ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يُحَلَّفْ اُنْظُرْ ح وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَنَّ الدَّعْوَى الَّتِي تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا وَيَمِينٍ تَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا وَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي إنْ أَرَادَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدَّهَا عَلَيْهِ وَكَذَا الْيَمِينُ الَّتِي يَحْلِفُهَا الْمُدَّعِي مَعَ الشَّاهِدِ، أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ إذَا نَكَلَ عَنْهَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ عَنْهَا غَرِمَ بِنُكُولِهِ وَشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ رَدُّهَا عَلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَأَنْكَرَ فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الرِّقَّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ فَدَعْوَى ذَلِكَ الْمُدَّعِي رُقْيَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُ الْأَصْلِ فَلَمَّا كَانَتْ خِلَافَ الْأَصْلِ مَعَ تَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ ضَعُفَتْ جِدًّا فَلَمْ تَتَوَجَّهْ الْيَمِينُ لِإِبْطَالِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ) أَيْ تِلْكَ الْيَمِينُ الَّتِي يَحْلِفُهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْمُدَّعِي أَيْ لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>