(وَلَا) تَصِحُّ الشَّهَادَةُ (إنْ تَعَصَّبَ) أَيْ اُتُّهِمَ عَلَى التَّعَصُّبِ كَبُغْضِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا (كَالرِّشْوَةِ) أَيْ أَخْذُ مَالٍ لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَنْفِيذِ بَاطِلٍ وَهِيَ مُثَلَّثَةُ الرَّاءِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الرِّشَاءِ وَهُوَ الْحَبْلُ الَّذِي يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نَشْلِ الْمَاءِ لِأَنَّهَا يَتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَطْلُوبِهِ (وَتَلْقِينِ خَصْمٍ) أَيْ تَلْقِينِ الْخَصْمِ حُجَّةً يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى خَصْمِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَأَمَّا لِإِثْبَاتِ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ قَادِحًا بَلْ يَكُونُ وَاجِبًا وَالْمُرَادُ أَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَخْذُ الرِّشْوَةِ أَوْ التَّلْقِينِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ مَأْخُوذٍ مِنْهُ أَوْ لَمْ يُلَقَّنْ هَذَا الْمَشْهُودُ لَهُ الْآنَ وَأَمَّا الْقَاضِي فَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ لَا بَأْسَ بِتَلْقِينِهِ أَحَدَ خَصْمَيْنِ حُجَّةً شَرْعِيَّةً عَجَزَ عَنْهَا
(وَلَعِبِ نَيْرُوزِ) أَيْ أَنَّ اللَّعِبَ فِي يَوْمِ النَّيْرُوزِ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالنَّصَارَى وَيَقَعُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ رَعَاعِ النَّاسِ
(وَمَطْلٍ) مِنْ مَدِينٍ غَنِيٍّ أَيْ تَأْخِيرُهُ دَفَعَ مَا عَلَيْهِ عِنْدَ الطَّلَبِ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ وَفِي الْحَدِيثِ «مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» وَتَرَكَ الطَّلَبَ اسْتِحْيَاءً أَوْ خَوْفَ أَذِيَّةٍ فِي حُكْمِ الطَّلَبِ أَيْ أَنَّ الْمَطْلَ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ
(وَحَلِفٍ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ) أَيْ إنَّ مِنْ شَأْنِهِ الْحَلِفُ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ مِنْ يَمِينِ الْفُسَّاقِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ (وَ) تَبْطُلُ الشَّهَادَةُ (بِمَجِيءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَأَوْلَى ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ بِلَا عُذْرٍ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا تَخَلَّلَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ وَلَوْ يَوْمًا لَمْ تَسْقُطْ الشَّهَادَةُ
(وَتِجَارَةٍ لِأَرْضِ حَرْبٍ) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ الْوُقُوعَ فِي الرِّبَا وَقَبُولُ مَا لَا يَحِلُّ وَذَلِكَ مِمَّا يُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ وَيُوجِبُ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ بِالدِّيَانَةِ (وَسُكْنَى) دَارٍ (مَغْصُوبَةٍ) وَكَذَا كُلُّ انْتِفَاعٍ بِمَا عُلِمَ غَصْبُهُ (أَوْ) سُكْنَى وَالِدٍ (مَعَ وَلَدٍ) لَهُ (شِرِّيبٍ) أَيْ مُكْثِرِ شُرْبِ الْخَمْرِ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَلَى ذَلِكَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهِ أَوْ إزَالَتِهِ دَلِيلُ عَدَمِ مُرُوءَتِهِ
(وَ) تَبْطُلُ (بِوَطْءِ مَنْ لَا تُوطَأُ) لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ كَحَيْضٍ وَإِحْرَامٍ أَوْ عَادِيٍّ كَغَيْرِ مُطِيقَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَلَا إنْ تَعَصَّبَ) فِي الْمُفِيدِ أَنَّ الْعَصَبَةَ أَنْ يُبْغِضَ شَخْصًا لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا أَيْ أَنْ يُبْغِضَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ إلَخْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يُمَثِّلَ لِذَلِكَ بِشَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ بِجَرْحِ شَاهِدٍ شَهِدَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ أَوْ قَذْفٍ أَوْ بِتَعْدِيلِ شَاهِدٍ شَهِدَ لَهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ شُهُودِ بَعْضِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ الْقَتْلِ فَإِنَّ الْعَصَبَةَ فِيهِ ظَاهِرَةٌ وَكَذَا شَهَادَةُ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كَالرِّشْوَةِ) أَيْ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ إنْ أَخَذَ الرِّشْوَةَ أَوْ لَقَّنَ خَصْمًا (قَوْلُهُ لِإِبْطَالِ حَقٍّ أَوْ تَنْفِيذِ بَاطِلٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ أَخْذُ الرِّشْوَةِ حَرَامٌ وَجُرْحَةٌ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ لِتَحْقِيقِ حَقٍّ أَوْ إبْطَالِ بَاطِلٍ وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي دَفْعِهَا لَهُمْ فَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ لِأَجْلِ تَحْقِيقِ حَقٍّ أَوْ إبْطَالِ بَاطِلٍ جَازَ وَإِنْ كَانَ لِتَحْقِيقِ بَاطِلٍ أَوْ إبْطَالِ حَقٍّ حَرُمَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَلْقِينُ خَصْمٍ) قَالَ الشَّيْخُ الْمِسَناوِيُّ مِنْ هَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْمُفْتُونَ الْيَوْمَ لِأَنَّ الْإِفْتَاءَ إنَّمَا كَانَ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إذَا تَوَقَّفَ الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ أَوْ سَجَّلَ الْحُكْمَ إلَّا أَنَّهُ خَشِيَ أَنَّ حُكْمَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ فَيَأْتُونَ بِالْحُكْمِ مَكْتُوبًا مِنْ الْمُفْتِي وَأَمَّا الْآنَ فَلَا تَرَى النَّاسَ يَشْرَعُونَ فِي الْخِصَامِ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِفْتَاءِ لِيَنْظُرَ هَلْ الْحَقُّ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ فَيَتَحَيَّلُ عَلَى إبْطَالِهِ وَتَرَى الْمُفْتِيَ الْوَاحِدَ يَكْتُبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ نَقِيضَ مَا كَتَبَ لِلْآخَرِ فِي نَازِلَةٍ وَاحِدَةٍ نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ) أَيْ وَأَمَّا تَلْقِينُ الْخَصْمِ حُجَّةً يُثْبِتُ بِهَا حَقَّهُ فَلَا يَكُونُ قَادِحًا فِي شَهَادَتِهِ
(قَوْلُهُ أَيْ إنَّ الْمَطْلَ) أَيْ الَّذِي هُوَ تَأْخِيرُ الدَّفْعِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْحَقِّ وَقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ مَعَ الطَّلَبِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُهُ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ أَيْ إذَا تَكَرَّرَ حُصُولُهُ مِنْ الشَّخْصِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ
(قَوْلُهُ وَعِتْقٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّ مِنْ شَأْنِهِ الْحَلِفَ بِذَلِكَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْحَلِفِ بِمَا ذُكِرَ قَادِحًا فِي الشَّهَادَةِ إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مِنْ يَمِينِ الْفُسَّاقِ) أَيْ وَالْفَاسِقُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ) وَهُوَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ مِنْ أَيْمَانِ الْفُسَّاقِ وَهَذَا الْخَبَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَلَا يُعْرَفُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورَةِ (قَوْلُهُ وَبِمَجِيءِ مَجْلِسِ الْقَاضِي ثَلَاثًا) ابْنُ فَرْحُونٍ لِأَنَّهُ يُتَوَجَّهُ بِذَلِكَ عَلَى النَّاسِ وَيَجْعَلُهُمْ مَأْكَلَةً وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَجِيءِ (قَوْلُهُ أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ) هَذَا مَا يُفِيدُهُ ح (قَوْلُهُ وَأَوْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ) هَذَا مَا حُمِلَ عَلَيْهِ تت كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ قَصْرُهُ عَلَيْهِ يُوهِمُ أَنَّ مَجِيءَ مَجْلِسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ غَيْرُ قَادِحٍ مَعَ أَنَّهُ قَادِحٌ كَمَا يُفِيدُهُ ح (قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) أَيْ وَأَمَّا إتْيَانُهُ لِمَجْلِسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ لِعِلْمٍ أَوْ حَاجَةٍ فَلَا يَكُونُ قَادِحًا
(قَوْلُهُ لِأَرْضِ حَرْبٍ) أَيْ أَوْ لِبِلَادِ الْهَمَجِ مِنْ السُّودَانِ الَّذِينَ تَتَعَطَّلُ فِيهِمْ الشَّعَائِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ وَاحْتُرِزَ بِالتِّجَارَةِ مِنْ دُخُولِ أَرْضِهِمْ لِفِدَاءِ مُسْلِمٍ عِنْدَهُمْ أَوْ أَدْخَلَتْهُ الرِّيحُ غَلَبَةً فَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ أَيْ مُكْثِرٍ شُرْبَ الْخَمْرِ) وَهَلْ الْكَثْرَةُ تُعْتَبَرُ بِالْعُرْفِ أَوْ تُفَسَّرُ بِمَا فُسِّرَ بِهِ إدَامَةُ الشِّطْرَنْجِ وَهُوَ مَرَّتَانِ فِي السَّنَةِ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ وَتَعْلِيلُهُ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْوَلَدِ مِثْلُهُ كَذَا فِي عبق وَفِي الْكَافِي لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا وَاحِدًا مَعَ أَهْلِ الْخَمْرِ فِي مَجَالِسِهِمْ طَائِعًا غَيْرَ مُضْطَرٍّ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهَا اهـ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ صِيغَةَ شِرِّيبٍ فِي الْمُصَنِّفِ لِلنَّسَبِ لَا لِلْكَثْرَةِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ وَبِوَطْءِ مَنْ لَا تُوطَأُ) مَحَلُّ رَدِّ شَهَادَتِهِ