(أَوْ قَتْلٍ) بِلَا قَسَامَةٍ فِي شَهَادَتِهِمْ إذْ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَأَصْلُ الْقَسَامَةِ فِي الْقِصَاصِ فَإِذَا انْتَفَتْ فِي عَمْدِهِمْ انْتَفَتْ فِي خَطَئِهِمْ وَالْجَرْحُ بِفَتْحِ الْجِيمِ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِالْقَتْلِ وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى النِّسَاءِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلْحَاقِهِنَّ بِالصِّبْيَانِ وَالْفَرْقُ أَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّهُ مَطْلُوبٌ لِتَدْرِيبِهِمْ عَلَى تَعَلُّمِ الرَّمْيِ وَالصِّرَاعِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يُوصِلُهُمْ عَلَى حَمْلِ السِّلَاحِ وَالْكَرِّ وَالْفَرِّ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمْ حِينَئِذٍ وَالْغَالِبُ عَدَمُ حُضُورِ الْكِبَارِ مَعَهُمْ لَأَدَّى عَدَمُ الْقَبُولِ إلَى هَدَرِ دِمَائِهِمْ
وَأَشَارَ لِشُرُوطِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ بِقَوْلِهِ (وَالشَّاهِدُ) مِنْهُمْ (حُرٌّ) وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ اشْتِرَاطَ إسْلَامِهِ فَلَا تُقْبَلُ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ كَافِرٍ (مُمَيِّزٌ) لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَضْبِطُ مَا يَقُولُ وَأَنْ يَكُونَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ دُونِهَا لَا يَثْبُتُ عَلَى كَلَامٍ (ذَكَرٌ) لَا أُنْثَى وَلَوْ تَعَدَّدَتْ (تَعَدَّدَ) اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (لَيْسَ بِعَدُوٍّ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ (وَلَا قَرِيبٍ) لِلْمَشْهُودِ لَهُ وَلَوْ بَعُدَتْ الْقَرَابَةُ كَابْنِ عَمٍّ (وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ) فَإِنْ اخْتَلَفُوا بِأَنْ قَالَ بَعْضُهُمْ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلْ فُلَانٌ لَمْ تُقْبَلْ (وَ) لَا (فُرْقَةَ) فَإِنْ تَفَرَّقُوا لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّ التَّفَرُّقَ مَظِنَّةُ التَّعْلِيمِ (إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ قَبْلَهَا) أَيْ الْفُرْقَةِ فَإِنْ شَهِدَ عُدُولٌ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ عَلَى مَا نَطَقُوا بِهِ قُبِلَتْ (وَلَمْ يَحْضُرْ) بَيْنَهُمْ (كَبِيرٌ) أَيْ بَالِغٌ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجَرْحِ فَإِنْ حَضَرَ وَقْتَهُ أَوْ بَعْدَهُ بِحَيْثُ أَمْكَنَ تَعْلِيمُهُمْ لَمْ تُقْبَلْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَالِغُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا نَعَمْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ الْأَوَّلُ عَلَى جِهَةِ الْإِثْبَاتِ أَيْ إلَّا الصِّبْيَانَ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ فَقَطْ فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالثَّانِي عَلَى جِهَةِ النَّفْيِ أَيْ لَا شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي كَعُرْسٍ فَلَا تَجُوزُ فِي قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ تَصِحُّ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي حَالَ اجْتِمَاعِهِنَّ فِي مَالٍ وَلَوْ كَانَ اجْتِمَاعُهُنَّ فِي كَعُرْسٍ وَالْمُصَرِّحُ بِهِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي شَيْءٍ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِنَّ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَتْلٍ) ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إذَا جَوَّزْنَا شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ فِي الْقَتْلِ فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَا تُقْبَلُ فِيهِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعُدُولُ عَلَى رُؤْيَةِ الْبَدَنِ مَقْتُولًا فَلَوْ شَهِدُوا أَنَّ ابْنَ فُلَانٍ قَتَلَ ابْنَ فُلَانٍ وَرَمَاهُ فِي الْبَحْرِ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ وَأَصْلُ الْقَسَامَةِ فِي الْقِصَاصِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَسَامَةِ مَعَ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ وَأَنَّ اللَّازِمَ إنَّمَا هُوَ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ مُسَلَّمٌ وَأَمَّا التَّعْلِيلُ بِقَوْلِهِ إذْ لَا قِصَاصَ وَالْقَسَامَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْقِصَاصِ فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ) الْأَوْلَى رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ بِإِلْحَاقِهِنَّ بِالصِّبْيَانِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ قَادِحٌ فِي عَدَالَتِهِنَّ وَاغْتُفِرَ فِيمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ كَالْوِلَادَةِ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُمْ) أَيْ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ اجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ لَأَدَّى عَدَمُ الْقَبُولِ إلَى هَدَرِ دِمَائِهِمْ) أَيْ فَلِذَا أَجَازَهَا مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ
(قَوْلُهُ وَالشَّاهِدُ حُرٌّ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَالذُّكُورَةُ لِلشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي الْمَشْهُودِ بِقَتْلِهِ أَوْ جُرْحِهِ وَلَا فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الشَّاهِدِ بِذَلِكَ فَائِدَةٌ، نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ فِيمَا يَأْتِي اعْتِبَارُ الْحُرِّيَّةِ فِي الْمَشْهُودِ بِقَتْلِهِ أَوْ جُرْحِهِ وَإِلَّا كَانَ مَالًا وَشَهَادَةُ الصِّبْيَانِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ حُرِّيَّةِ الصَّبِيِّ اشْتِرَاطُ إسْلَامِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَبْدِ إنَّمَا هُوَ لِرِقِّهِ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْكُفْرِ وَالْكَافِرُ الْمُتَمَحِّضُ الْكُفْرَ أَوْلَى فِي عَدَمِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ) أَيْ فَأَكْثَرَ لَا مَا قَلَّ عَنْهَا إلَّا مَا قَارَبَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لَا أُنْثَى) أَيْ فَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهَا وَلَوْ تَعَدَّدْنَ وَإِنْ كَثُرْنَ وَلَوْ كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ صِبْيَانٍ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِنَاثِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ بَيْنَ الصِّبْيَانِ أَنْفُسِهِمْ أَوْ بَيْنَ آبَائِهِمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَدَاوَةِ هُنَا مُضِرَّةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ دُنْيَوِيَّةً أَوْ دِينِيَّةً لِشِدَّةِ تَأْثِيرِهَا عِنْدَ الصِّبْيَانِ وَضَعْفِ شَهَادَتِهِمْ بِكَوْنِهَا خِلَافَ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ) خِلَافٌ اسْمُ مَصْدَرٍ أَطْلَقَهُ وَأَرَادَ بِهِ الْمَصْدَرَ وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْ لَفْظِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الشَّهَادَةِ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي اثْنَانِ مِنْهُمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ وَفُرْقَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى مَحَلِّ اسْمِ لَا بَعْدَ دُخُولِ النَّاسِخِ وَلَا يَصِحُّ بِنَاؤُهُ عَلَى الْفَتْحِ لِأَنَّ حَرْفَ الْعَطْفِ غَيْرُ الْمُقْتَرِنِ بِلَا يَمْنَعُ مِنْ تَرْكِيبِهِ مَعَ لَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِمْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ عُدُولٌ عَلَى مَا نَطَقُوا بِهِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَهِدَ عُدُولٌ) أَيْ عَلَى مَا نَطَقُوا بِهِ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمْ أَيْ ثُمَّ تَفَرَّقُوا قُبِلَتْ.
(قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَالِغُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا إلَخْ) قَدْ حَكَى ح الْخِلَافَ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمْ كَبِيرٌ غَيْرُ عَدْلٍ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالْعَبْدِ هَلْ يَضُرُّ حُضُورُهُ فِي شَهَادَتِهِمْ أَوْ لَا الْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَالثَّانِي عَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute