لِلْمُسْتَحِقِّ (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ كَالْعَبْدِ زَمَنَ الْإِيقَافِ وَمِنْهُ زَمَنُ الذَّهَابِ بِهِ لِبَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ فِيهِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي (عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ) لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا عَلَى الْمُدَّعِي إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِيقَافِ وَأَمَّا قَبْلَ زَمَنِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَالْغَلَّةِ اتِّفَاقًا
وَلَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ وَعَلَى خَطِّ نَفْسِهِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ وَفِي خَطِّهِ أَقَرَّ فُلَانٌ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ أَنَّهُ وَصَلَهُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَثِيقَةُ كُلُّهَا بِخَطِّهِ أَوْ الَّذِي بِخَطِّهِ نَفْسَ الْإِقْرَارِ أَوْ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهَا الْمَنْسُوبُ إلَيَّ فِيهِ صَحِيحٌ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مِنْ عَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالنَّقْلِ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ الْوَاحِدِ إلَّا اثْنَانِ وَلَوْ فِي الْمَالِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ فَلَا يَشْهَدُ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا إذَا اسْتَوْفَيْت الشُّرُوطَ (بِلَا يَمِينٍ) مِنْ الْمُدَّعِي مَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ
وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَتْ عَلَى (خَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ) وَجُهِلَ الْمَكَانُ كَبُعْدِهِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ يُشْتَرَطُ فِيهَا بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّهَا كَالنَّقْلِ عَنْهَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ تَغِبْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ ضَعِيفَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الرَّاجِحِ إدْرَاكُ مَنْ شَهِدَ عَلَى خَطِّهِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّا نَعْلَمُ خُطُوطَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ الَّذِينَ لَمْ نُدْرِكْهُمْ عَلِمْنَاهُ بِالتَّوَاتُرِ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُدَّعِيَ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ أَنَّ مَا يُوقَفُ إنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ فَنَفَقَتُهُ فِي غَلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَصَحُّ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ اهـ بْن وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّجْرَاجِيُّ صَحَّحَ مُقَابِلَهُ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْإِيقَافِ وَمِنْهُ زَمَانُ الذَّهَابِ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِيقَافِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قُضِيَ بِهِ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَبْلَ زَمَنِهِ) أَيْ زَمَنِ الْإِيقَافِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا زَمَنَ الْإِيقَافِ وَقَوْلُهُ كَالْغَلَّةِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ
(قَوْلُهُ وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا وَأَنْكَرَ أَوْ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا خَطُّ الْمُقِرِّ شُهُودٌ أَوْ كَانَتْ مُجَرَّدَةً عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَيْ بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ جَعْلَهُ مُقِرًّا بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَيْ بِخَطِّ مَنْ كَانَ مُقِرًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُنْكِرُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ (قَوْلُهُ أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا خَطُّهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ عَلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ جَازَتْ الشَّهَادَاتُ بِخَطِّ مُقِرٍّ (قَوْلُهُ أَقَرَّ فُلَانٌ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا) أَيْ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مِنْ عَدْلَيْنِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْعَمَلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ فِي الْمَالِيَّاتِ تَبَعًا لعبق وخش فَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي اُنْظُرْ بْن فَقَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْأَمْوَالِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ خِلَافًا وَقَدْ اعْتَمَدَ بْن الِاكْتِفَاءَ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَدْلَيْنِ لِأَنَّهَا دُونَ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ) إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْخَطِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِذَا نَظَرَ شَاهِدَانِ وَثِيقَةً بِيَدِ رَجُلٍ بِخَطِّ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ وَحَفِظَاهَا وَتَحَقَّقَا مَا فِيهَا ثُمَّ ضَاعَتْ الْوَثِيقَةُ فَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِمَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِشَهَادَةِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ تِلْكَ الْوَثِيقَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ وَأَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَ الْقَاضِي بَيْنَ غَيْبَةِ الْوَثِيقَةِ وَحُضُورِهَا حَيْثُ اسْتَوْفِي الشَّاهِدَانِ جَمِيعَ مَا فِيهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا) أَيْ فَإِذَا شَهِدَ عَلَى الْخَطِّ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَقَوْلُهُ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ الشُّرُوطُ أَيْ مِنْ كَوْنِ الشَّاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَحُضُورُ الْخَطِّ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَمَعْرِفَةُ الشُّهُودِ لِلْخَطِّ مَعْرِفَةً تَامَّةً كَمَعْرِفَتِهَا لِلشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ اسْتِظْهَارٌ لِأَجْلِ الْخَطِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَطٌّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الْمُقِرُّ لَهُ يَمِينَ الْقَضَاءِ أَنَّهُ مَا وَهَبَ وَلَا أَبْرَأَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِخَطِّهِ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى خَطِّهِ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ خَطَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ شَاهِدٍ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ
(قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ) أَيْ وَالْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ عَلَى خَطّهَا بِشَهَادَتِهَا بِشَيْءٍ كَالرَّجُلِ وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهَا بَعْدَ غَيْبَتِهَا (تَنْبِيهٌ) يَنْبَغِي جَوَازُ شَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى خَطِّ النِّسَاءِ وَلَوْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى خَطِّ رِجَالٍ وَلَا نِسَاءَ وَلَوْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ اهـ عبق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute