للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَنَالُ الشَّاهِدَ الْغَائِبَ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَلَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ شَاهِدٍ قَرِيبٍ لَا تَنَالُهُ مَشَقَّةٌ فِي إحْضَارِهِ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ (وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ) كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَحَدٍّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي خَطِّ الْمُقِرِّ وَخَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِيَ إذْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا لِضَعْفِهَا عَنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ

وَأَشَارَ إلَى شُرُوطِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ وَالِاثْنَانِ بَعْدَهُ مُخْتَصَّانِ بِالْقِسْمِ الثَّانِي بِنَوْعَيْهِ فَقَالَ (إنْ عَرَفْته) أَيْ الْخَطَّ (كَالْمُعَيَّنِ) أَيْ كَمَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَطْعِ وَلِذَا إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْ فَطِنٍ عَارِفٍ بِالْخَطِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخَطَّ حَاضِرٌ وَأَشَارَ لِلشَّرْطَيْنِ الْمُخْتَصَّيْنِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَ) عَرَفْت (أَنَّهُ) أَيْ الشَّاهِدُ الْكَاتِبُ خَطَّهُ بِشَهَادَتِهِ وَقَدْ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ (كَأَنْ يَعْرِفَ مَشْهَدَهُ) وَهُوَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِنَسَبِهِ أَوْ عَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى خَطِّهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ (وَ) عَرَفْت أَنَّهُ (تَحَمَّلَهَا عَدْلًا) أَيْ وَضَعَ خَطَّهُ وَهُوَ عَدْلٌ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أَوْ غَابَ

وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ وَأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا بِشَرْطِهِ بِقَوْلِهِ (لَا) الشَّهَادَةِ (عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ) أَيْ لَا تَنْفَعُ وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ خَطُّهُ (حَتَّى يَذْكُرَهَا) أَيْ الْقَضِيَّةَ أَوْ الشَّهَادَةَ أَيْ يَتَذَكَّرَ مَضْمُونَهَا فَيَشْهَدُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا عَلِمَ لَا عَلَى أَنَّهُ خَطُّهُ (وَأَدَّى) إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الْقَضِيَّةَ شَهَادَتَهُ بِأَنَّ هَذَا خَطِّي وَلَا أَذْكُرُ الْقَضِيَّةَ (بِلَا نَفْعٍ) لِلطَّالِبِ وَفَائِدَةُ التَّأْدِيَةِ احْتِمَالُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا فَقَوْلُهُ بِلَا نَفْعٍ أَيْ بِاعْتِبَارِ الشَّاهِدِ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَضِيَّةَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَلَا كَشْطٌ وَلَا رِيبَةَ فَلْيَشْهَدْ وَبِهِ أَخَذَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ إذْ النِّسْيَانُ يَعْتَرِي النَّاسَ كَثِيرًا وَكَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ إذَا عَرَفْت خَطِّي شَهِدْت بِهِ لِأَنِّي لَا أَكْتُبُ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ

(وَلَا) يَشْهَدُ شَاهِدٌ (عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ) نَسَبَهُ حِينَ الْأَدَاءِ أَوْ التَّحَمُّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ مَا يَنَالُ الشَّاهِدَ الْغَائِبَ فِيهِ مَشَقَّةٌ) أَيْ أَنْ لَوْ حَضَرَ (قَوْلُهُ بِنَوْعَيْهِ) أَيْ وَهُمَا الْمَيِّتُ وَالْغَائِبُ غِيبَةً بَعِيدَةً (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ الشَّهَادَةُ عَلَيَّ خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ وَمَا لَلْمُصَنِّفِ هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ بِتُونُسَ

(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَتْهُ كَالْمُعَيَّنِ) أَيْ إنْ عَرَفَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ ذَلِكَ الْخَطَّ مَعْرِفَةً تَامَّةً كَمَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ بِالْخَطِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَيْ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا أَخْذَ لِجَوَازِ أَنْ يَطَّلِعَ الشَّاهِدُ عَلَى الْخَطِّ فَيَقْطَعُ بِأَنَّهُ خَطُّ فُلَانٍ ثُمَّ يُؤَدِّيهَا فِي غَيْبَةِ الْخَطِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ نَعَمْ بَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْقِسْمَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَثِيقَةِ رِيبَةٌ مِنْ مَحْوٍ أَوْ كَشْطٍ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْتَذِرْ فِي الْوَثِيقَةِ بِخَطِّ كَاتِبِهَا الْأَصْلِيِّ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْكَاتِبَ عَدْلٌ وَالْعَدْلُ لَا يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ مَاهِيَّةِ الْعَدْلِ فَاشْتِرَاطُهُ يُشْبِهُ اشْتِرَاطَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِقَفِصَةِ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ أَنَّهُ أَيْ الشَّاهِدُ الْكَاتِبُ لِشَهَادَتِهِ بِخَطِّهِ وَقَوْلُهُ تَحَمَّلَهَا أَيْ الشَّهَادَةَ (قَوْلُهُ أَيْ وَضَعَ خَطَّهُ وَهُوَ عَدْلٌ) أَيْ لِأَنَّ كَتْبَهُ لَهَا بِمَنْزِلَةِ أَدَائِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَنَا الْعَدَالَةُ فِي التَّحَمُّلِ بَلْ فِي الْأَدَاءِ ثُمَّ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ أَنْ تَكُونَ بِنَفْسِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ بَلْ بِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَمَزَجَ الشَّارِحُ

(قَوْلُهُ أَيْ الْقَضِيَّةُ) يَعْنِي الْمَشْهُودُ بِهَا بِتَمَامِهِ وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَ بَعْضَهَا فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدِّي بِلَا نَفْعٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ بِلَا نَفْعٍ لِلطَّالِبِ) أَيْ الَّذِي شَهِدَ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ جَزَمَ بِعَدَمِ نَفْعِهَا عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا وَلَوْ أَنْكَرَ الشَّاهِدُ أَنَّ هَذَا الْخَطَّ خَطُّهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ أَنَّ الْخَطَّ خَطُّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا شَهِدَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ عَلَى الْقَضِيَّةِ وَإِنَّمَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ غَيْرُ ذَاكِرٍ لِمَا شَهِدَ بِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَكُونُ إنْ مَاتَ الْأَصْلُ أَوْ غَابَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَهَادَةَ الشَّخْصِ مُعْتَمِدًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ لِخَطِّ نَفْسِهِ لَا تَنْفَعُ إلَّا إذَا تَذَكَّرَ الْقَضِيَّةَ كُلَّهَا وَإِلَّا أَدَّى بِلَا نَفْعٍ (قَوْلُهُ يَعْتَرِي النَّاسَ كَثِيرًا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِنَفْعٍ لِمَا كَانَ لِوَضْعِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَثِيقَةِ فَائِدَةٌ وَضَاعَتْ الْحُقُوقُ (قَوْلُهُ وَكَانَ شَيْخُنَا) أَيْ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْعَدَوِيِّ

(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَتَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو عَشْرَةً أَوْ يُؤَدِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>