هِيَ أَعَمُّ مِنْهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدَّابَّةَ وَالرَّقِيقَ كَالْمَرْأَةِ فَإِذَا شَهِدُوا بِدَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ بِعَيْنِهِ لِشَخْصٍ فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُ مَا شَهِدُوا بِهِ إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهُ وَهُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ
(وَجَازَ) لِمَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى امْرَأَةٍ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ ثُمَّ نَسِيَهَا (الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ (إنْ حَصَلَ) لَهُ (الْعِلْمُ) بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ بِامْرَأَةٍ) أَوْ مِنْ لَفِيفِ النَّاسِ (لَا) إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا (بِشَاهِدَيْنِ) فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا وَلَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ (إلَّا نَقْلًا) عَنْهُمَا فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ فِي شَهَادَتِهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ انْضِمَامِ شَاهِدٍ آخَرَ إلَيْهِ وَأَنْ يَقُولَا اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِنَا وَهَذَا إذَا شَارَكَاهُ فِي عِلْمِ مَا يَشْهَدُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ نَقْلُهُ عَنْهُمَا
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَهَادَةِ السَّمَاعِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهَا قَدْ تَجِبُ (بِسَمَاعٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ (فَشَا) أَيْ انْتَشَرَ وَاشْتُهِرَ (عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ) الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
غَيْرُ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ وَشَهِدُوا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً لِعِلْمِهِمْ بِهَا كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ هِيَ أَعَمُّ مِنْهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعَمُّ مِنْهَا أَيْ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ لِصِحَّةِ حَمْلِ هَذِهِ عَلَى مَا إذَا شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهَا وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ نِسَاءٍ وَعَلَى مَا إذَا شَهِدُوا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً وَقَالُوا كَذَلِكَ نَعْرِفُهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الَّتِي شَهِدُوا عَلَيْهَا وَقَالَتْ أَنْتَقِبُ وَأَدْخُلُ بَيْنَ نِسَاءٍ مُنْتَقِبَاتٍ وَيُخْرِجُونَنِي فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا اهـ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى جَزْمِ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ أَنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ إخْرَاجُهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ مَا هُنَا أَعَمَّ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ فَإِذَا شَهِدُوا بِدَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ بِعَيْنِهِ لِشَخْصٍ) أَيْ وَأَدْخَلَهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي مُمَاثِلٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ خَطَأٌ) أَيْ إدْخَالُهُ فِي مُمَاثِلٍ وَطَلَبُ الشُّهُودِ بِإِخْرَاجِهِ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ إخْرَاجُ الدَّابَّةِ أَوْ الْعَبْدِ مِنْ الْمُمَاثِلِ وَالْقَائِلُ بِخَطَأِ مَنْ فَعَلَهُ هُوَ الْعَلَّامَةُ تت قَالَ بْن وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ قَالَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ الدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فِيهِمَا قَالَ بِعَدَمِ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لَبَن
(قَوْلُهُ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ بَلْ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ بِأَنْ تَذَكَّرَ بِنَفْسِهِ وَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبِعَ فِيهِ عبق التَّابِعُ لِشَيْخِهِ عج وَقَدْ قَرَّرَ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ الرَّجُلُ لِيَشْهَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَشَهِدَ عِنْدَهُ رَجُلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا كَانَ يَعْرِفُهَا بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ بَلْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا وَكَيْفَ يُعْرَفُ النِّسَاءُ إلَّا بِمِثْلِ هَذَا ابْنُ رُشْدٍ وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ إنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ إنْ أَتَى بِالشَّاهِدَيْنِ لِلرَّجُلِ لِيَشْهَدَا عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً لَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ أَتَى لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنْ لَفِيفٍ مِنْ النَّاسِ يَشْهَدُونَ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَتِهِمْ هَذَا حَاصِلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا تَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَقَدْ حَمَلَ طفى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجَازَ الْأَدَاءُ أَيْ مُسْتَنِدًا إلَى التَّعْرِيفِ الْحَاصِلِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِيَّةِ إنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ التَّعْرِيفِ الْعِلْمُ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ التَّوَثُّقُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ وَقَوْلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ أَيْ لَا مُسْتَنِدًا إلَى تَعْرِيفِ شَاهِدَيْنِ إذَا كَانَ تَعْرِيفُهُمَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا هُوَ مُحَصِّلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق التَّابِعِ لعج لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَاهِدَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ فَصَّلَ فِي الشَّاهِدَيْنِ هَذَا التَّفْصِيلَ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ جَازَ لَهُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِامْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ أَدَّى الشَّهَادَةَ نَقْلًا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِنَادُ فِي الْأَدَاءِ إلَى التَّعْرِيفِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَامْرَأَةٌ عَرَفَ نَسَبَهَا ثُمَّ نَسِيَهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُ لَهَا نَسَبًا وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ تَعْرِيفٌ بِهِ وَمَا هُنَا فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ وَحَصَلَ تَعْرِيفٌ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ النَّاقِلَيْنِ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ لِلنَّاقِلِ عَنْهُمَا أَشْهِدْ عَلَى شَهَادَتِنَا
(قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ إلَى ذِكْرِ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute