للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَوْثًا تُسَوِّغُ لِلْوَلِيِّ الْقَسَامَةَ وَمِثْلُ الْمَذْكُورَاتِ الْبَيْعُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَالرَّضَاعُ وَالْقِسْمَةُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ فَلِذَا أَتَى فِيهَا بِالْكَافِ

ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الشَّهَادَةِ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً بِقَوْلِهِ (وَالتَّحَمُّلُ) لِلشَّهَادَةِ (إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ) أَيْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ بِأَنْ خِيفَ ضَيَاعُ الْحَقِّ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذْ لَوْ تَرَكَهُ الْجَمِيعُ لَضَاعَ الْحَقُّ وَيَتَعَيَّنُ بِمَا يَتَعَيَّنُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ التَّحَمُّلِ إذْ قَدْ يَحْسُنُ حَالُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَوْ لَا يَقْدَحُ فِيهِ الْخَصْمُ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَيَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّلِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحَمُّلِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ عَمَّا إذَا لَمْ يُفْتَقَرْ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَا الْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ يَجُوزُ كَرُؤْيَةِ هِلَالٍ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ (وَتَعَيَّنَ الْأَدَاءُ) عَلَى الْمُتَحَمِّلِ أَيْ إعْلَامُ الْحَاكِمِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا تَحَقَّقَهُ (مِنْ) مَسَافَةٍ (كَبَرِيدَيْنِ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الثَّالِثُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا كَمَسَافَةِ قَصْرٍ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقُ أَنَّهَا اسْتِقْصَائِيَّةٌ (وَ) تَعَيَّنَ الْأَدَاءُ (عَلَى ثَالِثٍ إنْ لَمْ يَجْتَزْ بِهِمَا) أَيْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِاتِّهَامِهِمَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ وَكَذَا عَلَى رَابِعٍ وَخَامِسٍ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَقُّ

(وَإِنْ) (انْتَفَعَ) مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ بِأَنْ امْتَنَعَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَّا بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَتَعَقَّبَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِهِ قَائِلًا مَا وَقَفْت فِي الْجِرَاحِ عَلَى شَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ بْن (قَوْلُهُ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَوْثًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْثٍ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ بِالْقَتْلِ تَكُونُ لَوْثًا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا اللَّوْثُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى ظَاهِرِهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ فَقَالَ وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ اهـ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ نَقْلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَلَفَتْ الْوَرَثَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا مَعَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَاسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتَهُ فِي الْخَطَأِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ يُسَاعِدُهُ فَلَا قَسَامَةَ وَتِلْكَ الشَّهَادَةُ بِاللَّوْثِ كَالْعَدَمِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ تَسُوغُ لِلْوَلِيِّ الْقَسَامَةُ) أَيْ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِهِمْ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتَهُ فِي الْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْمَذْكُورَاتِ الْبَيْعُ إلَخْ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ الَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ لَمْ يَجْعَلْهَا دَاخِلَةً تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعَزْلٍ لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا لَا لِلتَّمْثِيلِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَيْضًا عَلَى الْخَطِّ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَعَلَى الرَّهْنِ كَمَا فِي ح فَجُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ السَّمَاعِ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَعَزْلٍ وَجَمِيعِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ) أَيْ طُولِ زَمَنِ السَّمَاعِ بَلْ يُثْبِتُهَا سَوَاءٌ طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ أَمْ لَا فَطُولُ زَمَنِ السَّمَاعِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَكَذَا بِالْمَوْتِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلِذَا) أَيْ فَلِأَجْلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطُّولِ فِيهَا أَتَى فِيهَا بِالْكَافِ أَيْ وَلَمْ يَعْطِفْهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ الْعِتْقِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنَ عَمِّهِ لَمْ يَثْبُتْ فَهُوَ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ وَالْمُتَحَمِّلُ لِلشَّهَادَةِ إلَخْ) التَّحَمُّلُ لُغَةُ الِالْتِزَامِ فَإِذَا الْتَزَمْت دَفْعَ مَا عَلَى الْمَدِينِ فَيُقَالُ إنَّك مُتَحَمِّلٌ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهُوَ عِلْمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ عِلْمُهُ لِمَا يَشْهَدُ بِهِ بِدُونِ اخْتِيَارٍ كَمَا إذَا كَانَ مَارًّا فَسَمِعَ مَنْ يَقُولُ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ فَلَا يُسَمَّى تَحَمُّلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ التَّحَمُّلِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ لِلشَّهَادَةِ فِيهِ تَعْرِيضٌ لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ لِأَنَّ الْغَالِبَ رَدُّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُوجَدْ سَوَاءٌ ظَهَرَ تَحَمُّلُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّلِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحَمُّلِ) أَيْ دُونَ الْأَدَاءِ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْمُتَعَيِّنُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ والمج وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ بَلْ وَعَلَى التَّحَمُّلِ الْمُتَعَيِّنِ خُصُوصًا إذَا كَتَبَ وَثِيقَةً لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَنْ لَا يَحْكِرَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ التَّحَمُّلِ ضَيَاعُ حَقٍّ (قَوْلُهُ مِنْ كَبَرِيدَيْنِ) أَيْ مِنْ مَسَافَةٍ بَيْنَ الْمُتَحَمِّلِ وَمَحَلِّ الْأَدَاءِ كَبَرِيدَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِيلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا قَارَبَ الْبَرِيدَيْنِ كَبَرِيدَيْنِ وَنِصْفٍ يُعْطَى حُكْمَهُمَا وَمَا قَارَبَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ كَالثَّلَاثَةِ وَالنِّصْفِ يُعْطَى حُكْمَهَا وَالْمُتَوَسِّطُ يَلْحَقُ بِالْبَرِيدَيْنِ (قَوْلُهُ وَعَلَى ثَالِثٍ) فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الِاثْنَيْنِ الِامْتِنَاعُ وَيَقُولُ لِرَبِّ الْحَقِّ احْلِفْ مَعَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِمَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ كَعَدَاوَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَمِ عَدَالَةٍ

(قَوْلُهُ بِأَنْ امْتَنَعَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ انْتِفَاعَهُ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ انْتِفَاعُ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ جُرْحَةٌ امْتَنَعَ أَوْ لَا كَمَا فِي طفى

<<  <  ج: ص:  >  >>