(فَجُرْحٌ) قَادِحٌ فِي شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ أَخَذَهَا فِي نَظِيرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (إلَّا رُكُوبَهُ) ذَهَابًا وَإِيَابًا (لِعُسْرِ مَشْيِهِ وَعُدْمِ دَابَّتِهِ) فَلَيْسَ بِجَرْحٍ لِجَوَازِهِ وَإِضَافَةُ الدَّابَّةِ لَهُ مُخْرِجٌ لِدَابَّةٍ قَرِيبَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعَارَتُهَا (لَا) (كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ السَّفَرُ إلَى مَحَلِّ الْأَدَاءِ
[دَرْسٌ] (وَ) يَجُوزُ (لَهُ) حِينَئِذٍ (أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ (بِدَابَّةٍ) لِرُكُوبِهِ (وَنَفَقَةٍ) لَهُ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ بِلَا تَحْدِيدٍ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ شَيْءٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَزَوْجٍ وَسَيِّدٍ (بِشَاهِدٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَيْ بِسَبَبِ إقَامَتِهِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (فِي) دَعْوَى (طَلَاقٍ) ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَ (وَ) دَعْوَى (عِتْقٍ) ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ فَأَنْكَرَ وَمِثْلُهُمَا الْقَذْفُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ ادَّعَاهُ حُرٌّ عَفِيفٌ عَلَى غَيْرِهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (لَا) فِي (نِكَاحٍ) ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ (فَإِنْ) حَلَفَ مُنْكِرُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ بَرِئَ وَإِنْ (نَكَلَ حُبِسَ) لِيَحْلِفَ فِيهِمَا كَالْقَذْفِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ فَمَتَى حَلَفَ تُرِكَ (وَإِنْ) لَمْ يَحْلِفْ وَ (طَالَ) حَبْسُهُ كَسَنَةٍ (دِينَ) أَيْ وُكِّلَ لِدَيْنِهِ وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ وَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ النِّكَاحِ أَنَّ غَيْرَ النِّكَاحِ لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ وَلَزِمَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّكَاحِ فَمُدَّعِيهِ ادَّعَى خِلَافَ الْأَصْلِ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ فَإِنَّهُ ادَّعَى الْأَصْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْعِصْمَةِ وَأَيْضًا الْغَالِبُ فِي النِّكَاحِ شُهْرَتُهُ فَلَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ فَالْعَجْزُ عَنْ إقَامَةِ الشَّاهِدَيْنِ فِيهِ قَرِينَةُ كَذِبِ مُدَّعِيهِ
وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي دَعْوَى الْمَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ لَهَا أَحْوَالٌ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ لِأَنَّهَا إمَّا مُمْكِنَةٌ فِي الْحَالِ أَوْ مُمْتَنِعَةٌ فِيهِ أَوْ مُمْتَنِعَةٌ مُطْلَقًا أَوْ مُمْتَنِعَةٌ مِنْ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ أَشَارَ لِذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ فَجَرْحٌ) أَيْ فَانْتِفَاعُهُ جَرْحٌ فَهُوَ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا رُكُوبَهُ) أَيْ إلَّا إذَا دَفَعَ الْمَشْهُودُ لَهُ لِلشَّاهِدِ أُجْرَةَ رُكُوبِهِ أَوْ أَرْكَبَهُ دَابَّتَهُ فَلَيْسَ بِجَرْحٍ فَالِاكْتِرَاءُ حُكْمُهُ حُكْمُ دَابَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُ فِي الْجَوَازِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ طفى فَإِنْ دَفَعَ الْمَشْهُودُ لَهُ لِلشَّاهِدِ أُجْرَةَ رُكُوبِهِ فَأَخَذَهَا وَمَشَى فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ جُرْحَةً أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ تَشْتَدَّ الْحَاجَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَانْظُرْ إذَا عَسِرَ مَشْيُهُ وَعَدِمَتْ دَابَّتُهُ وَلَكِنَّهُ مُوسِرٌ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكْرِيَ لِنَفْسِهِ دَابَّةً يَرْكَبُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الدَّابَّةِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكْرِيَ لِنَفْسِهِ دَابَّةً وَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أُجْرَتِهَا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ يُرْكِبُهُ دَابَّتَهُ وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّاهِدِ وَمَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ السَّفَرُ لَهُ) أَيْ وَيُؤَدِّيهَا عِنْدَ قَاضِي بَلَدِهِ وَيَكْتُبُ بِهَا إنْهَاءً لِلْقَاضِي الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ تُنْقَلُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ عَنْ هَذَا الشَّاهِدِ بِأَنْ يُؤَدِّيَهَا عِنْدَ رَجُلَيْنِ يَنْقُلَانِهَا عَنْهُ وَيُؤَدِّيَانِهَا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ
(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ أَدَائِهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ إذَا سَافَرَ لِأَدَائِهَا أَنْ يَنْتَفِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ قَضَى بِحَلِفِهِ (قَوْلُهُ كَزَوْجٍ وَسَيِّدٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ إقَامَتِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي) أَيْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْقَذْفِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَلَا أَعْتَقَ وَلَا قَذَفَ (قَوْلُهُ لَا فِي نِكَاحٍ ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا غَيْرُ طَارِئَيْنِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ يَحْلِفُ مَعَ إقَامَةِ الْآخَرِ شَاهِدًا لَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ فَمَتَى حَلَفَ تَرَكَ) أَيْ فَثَمَرَةُ الْيَمِينِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ دَفْعُ الْحَبْسِ عَنْهُ (قَوْلُهُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ) فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِطَلَاقٍ فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَتْ شَاهِدًا فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ شَاهِدًا فَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِهِ لَزِمَهُ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِالْقَذْفِ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ الْحَدُّ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا فَأَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute