للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ فَيَغْرَمَانِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّهُ فِيهِ بِوَطْءٍ لَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَ) لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقٍ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (اخْتَصَّ) بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ (الرَّاجِعَانِ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِدُخُولٍ) أَوْ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ الرَّاجِعَانِ (عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ دُونَ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهَا) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِمَا عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ

(وَرَجَعَ شَاهِدُ الدُّخُولِ) فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ فَلَوْ قَالَ وَرَجَعَا كَانَ أَخْصَرَ (عَلَى الزَّوْجِ) بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ (بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي الرُّجُوعِ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا مَاتَتْ وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ عَلَى إنْكَارِهِ طَلَاقَهَا فَإِنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ الرَّاجِعَيْنِ يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ لِأَنَّ مَوْتَهَا فِي عِصْمَتِهِ عَلَى دَعْوَاهُ يَكْمُلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا كَالطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا لَمْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ مَوْتِهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَرَجَعَ الزَّوْجُ) بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى عَدَمَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ فَغَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لَهَا فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ غَرِمَا لَهُ كُلَّ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّهُ) أَيْ الصَّدَاقَ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِوَطْءٍ أَيْ فَبِسَبَبِ شَهَادَتِهِمَا بِهِ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ لِوُجُوبِهِ بِهِ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ غَرِمَا لَهُ الصَّدَاقَ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ (قَوْلُهُ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَ يُنْكِرُ كُلًّا مِنْ الطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ.

(قَوْلُهُ وَاخْتَصَّ بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ) أَيْ لِلزَّوْجِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ يَغْرَمَانِ إذَا رَجَعَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ هُوَ مَا فِي تت وَحَلُولُو وَابْنِ مَرْزُوقٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَالنِّصْفُ الثَّانِي مَا أَوْجَبَهُ إلَّا شَاهِدَا الدُّخُولِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا ذَلِكَ النِّصْفَ الَّذِي أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَقَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَبَهْرَامُ يَغْرَمَانِ إذَا رَجَعَا كُلَّ الصَّدَاقِ فَقَالَا فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ أَيْ اخْتَصَّا بِغُرْمِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَالدُّخُولُ أَوْجَبَ كُلَّ الصَّدَاقِ فَاَلَّذِي أَوْجَبَ كُلَّ الصَّدَاقِ شَاهِدَا الدُّخُولِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا مَا أَتْلَفَاهُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كُلُّ الصَّدَاقِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ مُحْتَمِلٍ لِكُلٍّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ أَيْ اخْتَصَّا بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ بِغُرْمِ كُلِّهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا رَجَّحَهُ بْن قَائِلًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ فَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَنْهَا غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَوْ اقْتَصَرَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ أَكْثَرُ مِنْ الصَّدَاقِ وَغَرَامَةُ النِّصْفِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ دُونَ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ غُرْمِ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ بِرُجُوعِهِمَا وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٍ لَا غُرْمَ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّنَافِي وَالْعُذْرِ لَهُ أَنَّهُ دَرَجَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَدَرَجَ هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَمَنْ مَعَهُ لِمَا رَأَى أَنَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ فَلَمْ تُمْكِنْهُ مُخَالَفَتُهُ قَالَهُ طفى بْن وَلَوْلَا مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ تَفْرِيعِ مَا هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَقُلْت إنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ لِأَنَّ مَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا لِوُجُودِ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ كَمَا أَفَادَهُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق

(قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ) أَيْ مَا إذَا شَهِدَا اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (قَوْلُهُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) أَيْ بِسَبَبِ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتَمَرَّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ لَهُ مَعْنًى (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا) أَيْ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَأَقَرَّ بِهِ وَقَدْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ لَمْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّ مَوْتَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى دَعْوَاهُ يَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةً لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُقِرًّا بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَمُتْ عَلَى عِصْمَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا) صُورَتُهُ عَقْدٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ إنْكَارِهِ لِذَلِكَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ وَقَدْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ يَرِثُهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا غَرِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِاعْتِرَافِهِ لِكَمَالِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ فِي عِصْمَتِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ مَوْتِهَا وَغَرِمَا لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>