للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهُ وَكَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِظْهَارُ لِإِيهَامِهِ رُجُوعَ الضَّمِيرِ عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ وَلَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى (بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ) مِنْهَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَوَرِثَهَا (دُونَ مَا غَرِمَ) لَهَا مِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِرَافِهِ بِتَكْمِيلِهِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ لِإِنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا لِأَنَّ كُلَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمُنْكِرَ لِطَلَاقِهَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهِ مِنْهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ هُنَاكَ شَاهِدَا دُخُولٍ أَمْ لَا (وَرَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهُ (بِمَا فَوَّتَاهَا مِنْ إرْثٍ وَصَدَاقٍ) أَيْ نِصْفِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَغْرَمُ لَهَا النِّصْفَ فَقَطْ وَلَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَكَانَتْ تَرِثُهُ وَتَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الصَّدَاقِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ إلَّا شُهُودُ طَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ إذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ شُهُودُ دُخُولٍ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ مَا قَبْلَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رُجُوعٌ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهَا صَدَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُسَمَّى لَهَا كَمَا مَرَّ

(وَإِنْ كَانَ) الرُّجُوعُ (عَنْ تَجْرِيحِ) شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ مِنْ زَوْجِهَا (أَوْ) عَنْ (تَغْلِيظِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ) مِنْ زَوْجِهَا أَيْ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِطَلَاقِ أَمَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفِرَاقِ وَسَيِّدُهَا مُصَدِّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ بِتَجْرِيحِهِمَا أَوْ بِتَغْلِيظِهِمَا بِأَنْ قَالَا غَلِطْتُمَا فِي شَهَادَتِكُمَا وَإِنَّمَا الَّتِي طَلَّقَتْ غَيْرَهَا أَوْ قَالَا سَمِعْنَا شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالْغَلَطِ وَمَاتَا أَوْ غَابَا أَوْ أَنْكَرَا إقْرَارَهُمَا بِالْغَلَطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَهَا ثُمَّ مَاتَتْ رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَرَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَيَتَرَاجَعَانِ (قَوْلُهُ مَعَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ) أَيْ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى إنْكَارِ الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا يُفِيدُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَبَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى إنْكَارِ الطَّلَاقِ وَرَجَعَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ دُونَ مَا غَرِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَغَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ مَاتَتْ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ جَمِيعَ إرْثِهِ مِنْهَا وَلَا يُقَالُ دُونَ مَا غَرِمَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الْمَازِرِيُّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَبِهَذَا يُعْلَمُ فَسَادُ تَعْمِيمِ الشَّارِحِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ فَتَدَبَّرْ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا) أَيْ مَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَاثْنَانِ بِالدُّخُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَلَزِمَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (قَوْلُهُ وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ) أَيْ قَبْلَ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا (قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهِ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَلَا عَلَى بَيِّنَةِ الدُّخُولِ إنْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَنِصْفِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ مَاتَ الزَّوْجُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِمَا فَاتَهَا مِنْ إرْثِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَبِنِصْفِ صَدَاقِهَا إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَكَانَتْ تَرِثُهُ وَيَكْمُلُ لَهَا صَدَاقُهَا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَرَجَعَ الْأَرْبَعَةُ عَنْ الشَّهَادَةِ وَرَجَعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ بِمَا يُفَوِّتُهَا مِنْ الْمِيرَاثِ فَقَطْ إذْ لَمْ يَفُتْهَا شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ حَتَّى تَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهَا صَدَاقًا) لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ لَمْ يَفُتْهَا مِنْ الصَّدَاقِ شَيْءٌ حَتَّى تَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ

(قَوْلُهُ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ) تُنَازِعُهُ تَجْرِيحٌ وَتَغْلِيظٌ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْعَرَبِ قَطَعَ اللَّهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

يَا مَنْ رَأَى عَارِضًا أَسَرَّ بِهِ ... بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الْأَسَدِ

وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:

وَيُحْذَفُ الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ ... كَحَالِهِ إذَا بِهِ يَتَّصِلُ

بِشَرْطِ عَطْفِ وَإِضَافَةِ إلَى ... مِثْلُ الَّذِي لَهُ أَضَفْت الْأَوَّلَا

(تَنْبِيهٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَبْدَ كَالْأَمَةِ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُتَزَوِّجِ كَالْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَإِذَا شَهِدَا بِطَلَاقِ الْعَبْدِ لِزَوْجَتِهِ وَسَيِّدُهُ مُصَدَّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ أَوْ تَغْلِيطِهَا فَحُكْمُ الْقَاضِي بِرَدِّ الْمَرْأَةِ لِعِصْمَةِ الْعَبْدِ وَنَقْضِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ التَّجْرِيحِ أَوْ التَّغْلِيظِ

<<  <  ج: ص:  >  >>