(إلَّا بَعْدَ) مَوْتِ الْأَبِ وَ (أُخِذَ الْمَالُ) مِنْ تَرِكَتِهِ (بِإِرْثٍ) فَيَغْرَمَانِ مَا أَخَذَهُ لِمَنْ حَجَبَهُ مِنْهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (عَبْدًا) لَهُ فَحُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَثُبُوتِ نَسَبِهِ عَمَلًا بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ (فَقِيمَتُهُ) يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا لِتَفْوِيتِهِمَا بِشَهَادَتِهِمَا رِقِّيَّتِهِ عَلَيْهِ (أَوَّلًا) أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ
(ثُمَّ إنْ) (مَاتَ) الْأَبُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِبُنُوَّةِ مَنْ كَانَ رَقِيقُهُ (وَتَرَكَ) وَلَدًا (آخَرَ) غَيْرَ الْمَشْهُودِ بِبُنُوَّتِهِ (فَالْقِيمَةُ) الَّتِي أَخَذَهَا الْأَبُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِمَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ (لِلْآخَرِ) أَيْ يَسْتَحِقُّهَا الِابْنُ الْآخَرُ الْمُحَقَّقُ نَسَبُهُ دُونَ الْمَشْهُودِ بِبُنُوَّتِهِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ وَأَنَّ أَبَاهُ ظَلَمَ الشُّهُودَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُمْ ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِهَا يَقْسِمَانِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ نِصْفَيْنِ (وَغَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ (لَهُ) أَيْ لِلْأَخِ الْآخَرِ الْمُحَقَّقِ نَسَبُهُ (نِصْفَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا أَيْ يَغْرَمَانِ لَهُ مِثْلَ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ مَنْ شُهِدَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ (وَإِنْ ظَهَرَ) عَلَيْهِ (دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ) التَّرِكَةَ وَكَذَا غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ (أُخِذَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْوَلَدَيْنِ (النِّصْفُ) الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ وَفَّى (وَ) إلَّا (كَمُلَ) وَفَاؤُهُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا ثَابِتُ النَّسَبِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً لِأَنَّ كَوْنَهَا مِيرَاثًا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ يَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَبِيهِ (وَرَجَعَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الثَّابِتِ النَّسَبِ (بِمَا) أَيْ بِمِثْلِ مَا (غَرِمَهُ الْعَبْدُ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (لِلْغَرِيمِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ لَهُ إنَّمَا غَرِمْنَا لَك النِّصْفَ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ لِكَوْنِنَا فَوَّتْنَاهُ عَلَيْك بِشَهَادَتِنَا فَلَمَّا تَبَيَّنَ الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ ظَهَرَ أَنَّك لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ مَالِ أَبِيك شَيْئًا لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِرْثِ فَلَمْ نُفَوِّتْ عَلَيْك شَيْئًا فَأَعْطِنَا مَا أَخَذْته مِنَّا
(وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِرِقٍّ لِحُرٍّ) أَيْ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى حُرٍّ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُ رَقِيقٌ لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرِقِّهِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِمَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
نَفَقَتَهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَغْرَمَانِهَا لَهُ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَقَالَ ح إنَّهُ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ اهـ بْن (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ) أَيْ إلَّا إذَا مَاتَ الْأَبُ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَالَهُ بِإِرْثٍ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَغْرَمَانِ لِوَارِثِ الْأَبِ الْمَحْجُوبِ بِذَلِكَ الْوَلَدِ قَدْرَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلَّا بَعْدَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا غُرْمَ أَيْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ لَا لِلْأَبِ وَلَا لِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ وَيَأْخُذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَالَهُ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَغْرَمَانِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِرْثٍ أَيْ فَيَغْرَمَانِ لِلْوَارِثِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَخْذِ الْمَالِ) أَيْ أَخَذَ مَنْ شَهِدَ بِبُنُوَّتِهِ الْمَالَ وَهُوَ تَرِكَةُ أَبِيهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِإِرْثٍ عَنْ أَخْذِهِ لَهُ بِغَيْرِهِ كَدَيْنٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فَيَغْرَمَانِ مَا أَخَذَهُ) أَيْ فَيَغْرَمَانِ قَدْرَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَا لَهُ مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِمَنْ حَجَبَهُ مِنْهُ) أَيْ لِمَنْ حَجَبَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ عَاصِبٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُصْبَةً (قَوْلُهُ وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ) أَيْ وَأَنَّهُ رَقِيقٌ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْأُبُوَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ) أَيْ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَالَ بِالْإِرْثِ فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ الْمَالَ بِالْإِرْثِ غَرِمَا ثَانِيًا الْمَالَ الْمَأْخُوذَ لِلْوَارِثِ الْمَحْجُوبِ بِذَلِكَ الْوَلَدِ مِنْ عَاصِبٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا إشَارَةً إلَى أَنَّ هُنَاكَ مَرْتَبَةٌ ثَانِيًا
(قَوْلُهُ وَتَرَكَ وَلَدًا آخَرَ) أَيْ ثَابِتَ النَّسَبِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ (قَوْلُهُ يَقْتَسِمَانِ) أَيْ الِابْنَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ) أَيْ بَعْدَ قَسْمِ الْوَلَدَيْنِ لِلتَّرِكَةِ وَتَغْرِيمٍ ثَابِتِ النَّسَبِ لِلشَّاهِدَيْنِ مِثْلُ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ مَنْ شَهِدَا لَهُ بِالْبُنُوَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي ظَهَرَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْضًا نِصْفُ الدَّيْنِ وَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى ثَابِتِ النَّسَبِ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ لِلْغَرِيمِ وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مُسْتَغْرِقٌ مَعَ اسْتِوَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ وَغَيْرِهِ فِي الْحُكْمِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَكَمُلَ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً) أَيْ فِي الْأَخْذِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ الْعَبْدُ) أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي وَرِثَهُ (قَوْلُهُ إنَّمَا غَرِمْنَا لَك النِّصْفَ) أَيْ مِثْلَ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِرِقٍّ لِحُرٍّ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِحُرٍّ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ صِفَةً لِرِقٍّ بِمَعْنَى رُقْيَةٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِرِقِّيَّةٍ كَائِنَةٍ لِحُرٍّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى حُرٍّ بِأَنَّهُ رِقٌّ لِفُلَانٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِرِقِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِمَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاعَ حُرًّا وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الرَّاجِعِينَ هُنَا دِيَتَهُ اهـ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ تَخْرِيجٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ أَضْعَفُ مِنْ الْفِعْلِ وَلِأَنَّهُ انْضَمَّ إلَى الْقَوْلِ هُنَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَالَا إنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقِلَّا فِي التَّسَبُّبِ فِي الرِّقِّيَّةِ بَلْ الْمُدَّعِي مَعَهُمَا اهـ بْن وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِ الرَّاجِعِينَ عَنْ الشَّهَادَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute