للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَا قِيمَةَ لَهَا (إلَّا لِكُلِّ مَا اُسْتُعْمِلَ وَمَالٍ اُنْتُزِعَ) أَيْ إلَّا إذَا اُسْتُخْدِمَ الْعَبْدُ أَيْ اسْتَخْدَمَهُ سَيِّدُهُ أَوْ انْتَزَعَ مِنْهُ مَالًا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ نَظِيرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ (وَلَا يَأْخُذُهُ) مِنْهُ سَيِّدُهُ (الْمَشْهُودُ لَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ فِي نَظِيرِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ الِانْتِزَاعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْهُمَا عِوَضًا عَمَّا أَخَذَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ وَالسَّيِّدُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ ظَلَمَهُمَا (وَ) لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمَا (وَرِثَ عَنْهُ) أَيْ يَرِثُهُ عَنْهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَبَيْتُ الْمَالِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (عَطِيَّتُهُ) هِبَةً وَصَدَقَةً وَنَحْوَهُمَا (لَا تَزَوُّجٌ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْمَالِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ

(وَإِنْ) (كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو) بِالسَّوِيَّةِ وَحُكِمَ بِذَلِكَ (ثُمَّ قَالَا) فِي رُجُوعِهِمَا هِيَ كُلُّهَا (لِزَيْدٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا يُنْقَضُ وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ أَوَّلًا يَدَّعِي الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا وَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ مِنْ يَدِ عَمْرٍو (غَرِمَا) لِلْمَدِينِ (خَمْسِينَ) عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ (لِعَمْرٍو) لِلتَّعْلِيلِ لَا صِلَةَ غَرِمَا أَيْ يَغْرَمَانِ خَمْسِينَ لِلْمَدِينِ لِأَجْلِ عَمْرٍو أَيْ لِأَجْلِ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لِعَمْرٍو أَيْ بَدَلًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَعْوَى الْخَطَأِ وَفِي نُسْخَةٍ لِلْغَرِيمِ أَيْ الْمَدِينِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو وَهِيَ أَحْسَنُ وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِخَمْسِينَ (وَإِنْ) (رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فَقَطْ (غَرِمَ) الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَتِهِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ (نِصْفَ الْحَقِّ) وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ لَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَاخْتَلَفَ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ يَغْرَمُ نِصْفَهُ (كَرَجُلٍ) شَهِدَ (مَعَ نِسَاءٍ) ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعْنَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالرِّقِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَشْهُودِ بِرِقِّيَّتِهِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ أَحْرَارٌ وَإِلَّا رَجَعُوا عَلَيْهِمَا بِالنَّفَقَةِ الَّتِي فَوَّتَاهَا عَلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمَا الَّتِي رَجَعَا عَنْهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ الْحُرِّيَّةَ) أَيْ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَيَنْبَغِي سَرَيَانُ الرِّقِّيَّةِ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَأَنْ يَجْرِيَ فِيهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُعْمِلَ وَمَالٌ اُنْتُزِعَ (قَوْلُهُ نَظِيرَ ذَلِكَ) أَيْ نَظِيرَ الِاسْتِخْدَامِ وَنَظِيرَ الْمَالِ الْمُنْتَزَعِ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِنَظِيرِ الِاسْتِخْدَامِ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ لَغَرِمَ لَهُ الشُّهُودُ عِوَضَهُ فَيَأْخُذُهُ السَّيِّدُ أَيْضًا وَيَتَسَلْسَلُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ ظَلَمَهُمَا) أَيْ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ وَأَنَّ رُجُوعَهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالرِّقِّيَّةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَتُرِكَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمَا) أَيْ وَتُرِكَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ أَوْ عَمَّا انْتَزَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ يَرِثُهُ عَنْهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا) أَيْ يَرِثُهُ عَنْ الشَّخْصِ الْحُرِّ الَّذِي يَرِثُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ حُرًّا وَلَا يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحُرِّيَّةِ وَالسَّيِّدُ مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ رَقِيقٌ وَأَنَّهُ ظَلَمَهُمَا فِي أَخْذِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْمَالِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَانْظُرْ هَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عَمَلًا بِالْمِلْكِيَّةِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً إنْ عَلِمَ صِدْقَ شَهَادَتِهِمَا بِالرِّقِّ فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَ وَكَذَا إنْ شَكَّ احْتِيَاطًا

(قَوْلُهُ بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالسَّوِيَّةِ) أَيْ عَلَى بَكْرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا يُنْقَضُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِزَيْدٍ مِنْهَا إلَّا خَمْسُونَ وَالْخَمْسُونَ الْأُخْرَى لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ زَيْدًا أَوَّلًا يَدَّعِي الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا رَجَعَا فَسَقَا فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لَهُ بِالْمِائَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ) أَيْ لَوْ كَانَا اقْتَسَمَا الْمِائَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُمَا بِهَا وَقَبْلَ الرُّجُوعِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ مِنْ يَدِ عَمْرٍو لِأَنَّ رُجُوعَهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو) أَيْ لِإِتْلَافِهِمَا تِلْكَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَعْوَى الْخَطَأِ) أَيْ مِنْ دَعْوَى ابْنِ غَازِيٍّ الْخَطَأَ وَأَنَّ الصَّوَابَ لِلْغَرِيمِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ عَنْ جَمِيعِ الْحَقِّ وَأَمَّا رُجُوعُ أَحَدِهِمَا عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ فَسَيَأْتِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِهِ عَلَيْهِ لِمُدَّعِيهِ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيَغْرَمُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحَقَّ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الشَّاهِدِ الرَّاجِعِ بِنِصْفِ ذَلِكَ الْحَقِّ الَّذِي غَرِمَهُ (قَوْلُهُ لَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو) أَيْ السَّابِقَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِيهَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْمَدِينِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا زَيْدٌ ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ وَاَلَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الرَّاجِعِ وَالرَّاجِعُ شَهِدَ بِهَا أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ فَيَغْرَمُ نِصْفَهَا لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا ذَلِكَ النِّصْفَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَيَّ ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ اسْتِظْهَارٌ أَيْ مُقَوِّيَةٌ لِلشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْحَقُّ ثَبَتَ بِالشَّاهِدِ (قَوْلُهُ أَوْ يَغْرَمُ نِصْفَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ مُكَمِّلَةٌ لِنِصَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ) أَيْ سَوَاءٌ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ النِّسَاءِ حَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ بِلَا رُجُوعٍ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا مِمَّنْ رَجَعَ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ شَيْءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>