(وَقُسِّمَ) الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِ كُلٍّ (عَلَى) قَدْرِ (الدَّعْوَى) لَا بِالسَّوِيَّةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا) أَوْ أَحَدِهِمْ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ وَلَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي عِفَاءٍ مِنْ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ (كَالْعَوْلِ) فِي الْفَرَائِضِ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ النِّصْفَ قُسِّمَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْكُلَّ وَالثَّانِي النِّصْفَ وَالثَّالِثُ السُّدُسَ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ لِلْأَوَّلِ قَدْرُ أَصْلِهَا سِتَّةٌ وَلِلثَّانِي قَدْرُ نِصْفِ الْأَصْلِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّالِثِ قَدْرُ سُدُسِ الْأَصْلِ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الثَّالِثُ يَدَّعِي الثُّلُثَ عَالَتْ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَإِنْ كَانَتْ السِّتَّةُ فِي الْفَرَائِضِ يَنْتَهِي عَوْلُهَا إلَى عَشَرَةٍ فَلَهُ اثْنَانِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الْمَجْهُولَ أَصْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ بِلَا يَمِينٍ سَوَاءٌ قَامَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَاسْتَوَتَا أَوْ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مَعْنَى التَّرْجِيحِ بِالْيَدِ وَقَيَّدْنَا بِمَجْهُولِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْحَوْزَ لَا يَنْفَعُ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ كَمَا مَرَّ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَ حَائِزِهِ وَالْمُدَّعِي غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ لِأَنَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ تَارَةً يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ وَتَارَةً يُقِرُّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَتَارَةً لِغَيْرِهِمَا وَتَارَةً لَا يَدَّعِيهِ لِأَحَدٍ وَفِي الْأَرْبَعِ تَارَةً يَقُومُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ بَيِّنَةٌ تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَتَارَةً لَا تَقُومُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ فَفِي صُوَرِ الْبَيِّنَةِ إذَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَسَقَطَتْ الْبَيِّنَتَانِ حَلَفَ وَبِقِي بِيَدِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ سَقَطَتَا وَبَقِيَ بِيَدِ حَائِزِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقِيلَ يُنْزَعُ مِنْهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَقِيلَ إقْرَارُهُ لَغْوٌ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِمَا أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي هُوَ لِمَنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَيَدْخُلَانِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى وَفِي صُوَرِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ إنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ حَلَفَ وَبَقِيَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ لِقُوَّةِ الْإِقْرَارِ هُنَا وَضَعْفِهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَلِذَا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ هُنَا وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي قُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَلَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَرْجِعَ لِبَيِّنَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ لَيْسَ بِيَدِ حَائِزٍ أَصْلًا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ كَثِيرًا إنْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مِثْلَ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَقَلِيلًا إنْ كَانَ مِثْلَ الْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ لَعَلَّ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ بَعْدَ يَمِينِ كُلٍّ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ الَّذِي يَبْدَأُ مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ تَبْدِئَةُ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لَا بِالسَّوِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ يُقَسَّمَ نِصْفَيْنِ كَمَا يَقُولُ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَقَوْلُهُ كَالْعَوْلِ أَيْ لَا عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ كَمَا يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِأَيْدِيهِمَا وَأَمَّا قَسْمُ مَا لَيْسَ بِأَيْدِيهِمَا فَعَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَقِيلَ يُقَسَّمُ عَلَى الدَّعَاوَى وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَبْلُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِتَسَاوِيهِمَا فِيهِ فِي الْحِيَازَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا قُسِّمَ عَلَى الدَّعَاوَى فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ يُعَالُ فِي الْقَسْمِ كَالْفَرَائِضِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُعَالُ فِي الْقَسْمِ بَلْ يُقَسَّمُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ يُحِيث يَخْتَصُّ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِالزَّائِدِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى رَدٌّ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِالْقَسْمِ بِالسَّوِيَّةِ وَقَوْلُهُ كَالْعَوْلِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَسَّمُ عَلَى الدَّعَاوَى لَكِنْ لَا كَالْعَوْلِ بَلْ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ فَيَخْتَصُّ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ قُسِّمَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ) كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكُلِّ النِّصْفُ وَنِسْبَةُ النِّصْفِ لِلْكُلِّ مَعَ الزِّيَادَةِ ثُلُثٌ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ يُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ اثْنَانِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ وَاحِدٌ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ لَكَانَ لِمُدَّعِي النِّصْفِ الرُّبْعُ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفَ فَيَأْخُذُهُ وَالْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ (قَوْلُهُ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ) أَيْ مَخْرَجُ السُّدُسِ لِدُخُولِ مَخْرَجِ النِّصْفِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ أَيْ لِأَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السِّتَّةِ نِصْفُهَا وَسُدُسُهَا فَيُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي السُّدُسِ وَاحِدٌ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ أَخَذَ مُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا إلَّا نِصْفَ سُدُسٍ وَأَخَذَ مُدَّعِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute