(وَلَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ (بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ) قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَتْ نَشْهَدُ أَنَّا رَأَيْنَاهُ بِيَدِهِ سَابِقًا وَلَمْ تَشْهَدْ لَهُ بِمِلْكٍ وَالْحَائِزُ يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ فَيَبْقَى بِيَدِ الْحَائِزِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ
(وَإِنْ) (ادَّعَى أَخٌ أَسْلَمَ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ) وَمَاتَ مُسْلِمًا وَادَّعَى الْأَخُ النَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَمَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ (فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ) اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَوْ أُبْدِلَ الْأَخُ بِالِابْنِ وَالنَّصْرَانِيُّ بِالْكَافِرِ كَانَ أَحْسَنَ (وَ) لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَقَدْ عَلِمَتْ مَا لَا تَعْلَمْهُ الْأُولَى وَهَذَا إذَا كَانَ مَعْلُومَ النَّصْرَانِيَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولَهَا فَأَشَارَ لَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ بِقَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ لِكُلِّ بَيِّنَةٍ عَلَى دَعْوَاهُ فَشَهِدَتْ لِلِابْنِ النَّصْرَانِيِّ (بِأَنَّهُ) أَيْ أَبَاهُ (تَنَصَّرَ) عِنْدَ الْمَوْتِ أَيْ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ (أَوْ) بِأَنَّهُ (مَاتَ) عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ نَطَقَ بِهَا وَشَهِدَتْ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَمَاتَ فَلَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ لِيَأْخُذَ الْمَالَ (إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ) هَذَا بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا لَمْ تُقَدَّمْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ صَارَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَيْنِ (فَيُقَسَّمُ) الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ كَمَالٍ تَنَازَعَهُ الِاثْنَانِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (كَمَجْهُولِ الدِّينِ) وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا وَعَبَّرَ أَوَّلًا بِأَصْلِهِ وَهُنَا بِالدِّينِ تَفَنُّنًا
(وَ) إذَا كَانَ لِمَجْهُولِ الدِّينِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ مَثَلًا مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ عَلَى دِينِهِ (قُسِّمَ) مَالُهُ (عَلَى الْجِهَاتِ بِالسَّوِيَّةِ) لِجِهَةِ الْإِسْلَامِ الثُّلُثُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ وَإِذَا أَخَذَتْ كُلُّ جِهَةٍ ثُلُثَهَا قَسَّمُوهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ كُلِّ مِلَّةٍ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ وَظَاهِرٌ أَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَإِذَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا سَلَّمْنَا لَهُمْ مَا يَخُصُّهُمْ يَفْعَلُونَ بِهِ مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيُهُمْ (وَإِنْ) (كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
النِّصْفِ رُبْعَهَا وَأَخَذَ مُدَّعِي السُّدُسِ نِصْفَ سُدُسِهَا وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ فِي أَبٍ مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مَجْهُولِهَا وَلَهُ وَلَدَانِ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ دَعْوَى مُجَرَّدَةً أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَحَاصِلُ هَذِهِ الصُّوَرِ أَنْ تَقُولَ إنَّ هَذَا الْأَبَ الَّذِي قَدْ مَاتَ إمَّا مَعْلُومُ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مَجْهُولُهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقِيمَ كُلُّ وَلَدٍ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ تَتَجَرَّدُ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَفِي مَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الْأَبُ مَعْلُومَ الدِّينِ فَإِنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ هَذَا إذَا كَانَ دِينُهُ الْمَعْلُومُ النَّصْرَانِيَّةَ فَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ فَبِالْعَكْسِ أَيْ إنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (قَوْلُهُ وَمَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ) أَيْ الثَّابِتَةِ لَهُ فِي حَيَاتِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ) أَيْ حَيْثُ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ) أَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فِي الْأَوَّلِ فَلِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ إنَّ أَبَاهُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ الْمُدَّعِي إسْلَامَهُ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ أَخًا نَظَرًا لِلْمُنَازِعِ الْآخَرِ وَأَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْكَافِرَ أَشْمَلُ (قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) أَيْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ وَلَوْ كَانَتْ أَعْدَلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ وَبَيِّنَةُ النَّصْرَانِيَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاقِلَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُسْتَصْحَبَةُ أَعْدَلَ (قَوْلُهُ فَأَشَارَ لَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ لِأَنَّ مَا قَبْلُ إلَّا فِي أَبٍ مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا مَجْهُولٌ حَالُهُ (قَوْلُهُ أَيْ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ) أَيْ لَا أَنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَجْهُولُ الدِّينِ (قَوْلُهُ إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْأَبُ هَلْ هُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا) أَيْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ قُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَاهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ زَادَتْ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّجُلَ جُهِلَ أَصْلُهُ وَإِذَا جُهِلَ فَلَيْسَ ثَمَّ زِيَادَةٌ وَلَا أَمْرٌ يُرَدُّ إلَيْهِ فَوَجَبَ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا
(قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْأَصْلِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ كُلًّا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَلَا تَكْرَارَ وَلَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَبَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَتَدَاعَيَاهُ فَقَالَ الْوَلَدُ الْمُسْلِمُ هُوَ مُسْلِمٌ وَقَالَ الْوَلَدُ النَّصْرَانِيُّ هُوَ نَصْرَانِيٌّ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُقْبَانِيُّ فِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْحَوفِيِّ.
(قَوْلُهُ وَقُسِّمَ مَالُهُ عَلَى الْجِهَاتِ) أَيْ سَوَاءٌ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ عَنْ الْبَيِّنَةِ أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَوْ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالٌ عُلِمَ أَصْلُهُ وَهُوَ مَجْهُولُ الدِّينِ فَلَا أَثَرَ لِلْحَوْزِ فِيهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ أَفْرَادُ جِهَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَفْرَادِ جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ قَسَمُوهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ كُلِّ مِلَّةٍ) أَيْ فَمَا يَخُصُّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ يُقَسَّمُ عَلَى أَفْرَادِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إنْ تَعَدَّدَ أَفْرَادُهَا وَإِنْ اتَّحَدَ أَخَذَ مَا يَخُصُّهَا إنْ كَانَ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَخَذَ نِصْفَ مَا يَخُصُّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ وَالْبَاقِي مِنْهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا بِنْتًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute