للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَيْهِ كَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ

(وَإِنْ) (قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِوَكِيلِ رَبِّ الْحَقِّ الْغَائِبِ حِينَ طَالَبَهُ الْوَكِيلُ بِالْحَقِّ الَّذِي وُكِّلَ عَلَيْهِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ) أَوْ قَضَيْته حَقَّهُ (أُنْظِرَ) إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ بِكَفِيلِ الْمَالِ إنْ طَلَبَهُ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالدَّيْنِ مُدَّعِيًا الْإِبْرَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ وَهَذَا إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذْ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَ أَوْ مَا اقْتَضَى وَتَمَّ الْأَخْذُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ

(وَمَنْ اسْتَمْهَلَ) أَيْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ (لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ) أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بِحَقٍّ (أُمْهِلَ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِلَا حَدٍّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ (كَحِسَابٍ وَشُبْهَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُهْلَةَ لِحِسَابٍ يُحَرِّرُهُ أَوْ لِكِتَابٍ يُخَرِّجُهُ وَيَنْظُرُ فِيهِ لِيَكُونَ فِي جَوَابِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ (بِكَفِيلِ الْمَالِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى حَقِّهِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَطَلَبَ الْمُهْلَةَ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَاهِدِهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ بِكَفِيلٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَمُدَّةِ الْمُهْلَةِ بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَدْخُولُهَا مَعْطُوفٌ عَلَى دَفْعٍ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةِ (فَبِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ) يَضْمَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُجَابُ لِحَمِيلٍ بِالْمَالِ اتِّفَاقًا إذْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ حَمِيلِ الْوَجْهِ أَيْ لَا يُجَابُ لِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ بَابِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِالدَّعْوَى (وَهَلْ) مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ كَسَرِقَةٍ إلَخْ) أَيْ كَنِسْبَتِهِ لِسَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ حِرَابَةٍ

(قَوْلُهُ أَنَظَرَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَخَّرَ حَتَّى يَعْلَمَ مَا عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ هَلْ أَبْرَأ أَوْ اُقْتُضِيَ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْإِنْظَارُ إنْ قَرُبَتْ غِيبَةُ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَعُدَتْ إلَخْ ثُمَّ إنَّ التَّفْرِقَةَ الْمَذْكُورَةَ بَيْنَ الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يُقْضَى بِالْحَقِّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَا يُؤَخَّرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عِنْدِي تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْظُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ بِقِيلِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْوَكِيلِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ حَيْثُ قَالَ لَا يُقْضَى عَلَى الْمَدِينِ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً إلَّا إذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ إنَّهُ مَا أَبْرَأَ) هَذَا إذَا حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِبْرَاءَ فَإِنْ حَضَرَ وَأَقَرَّ بِهِ رَدَّ لِلْغَرِيمِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَتَمَّ الْأَخْذُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ الْوَكِيلُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ) أَيْ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَلِلْغَرِيمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ غَرِيمَانِ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْغَرِيمُ فَلَا شَيْءَ لَهُ

(قَوْلُهُ وَمَنْ اسْتَمْهَلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِقَضَائِهِ أُمْهِلَ بِكَفِيلِ الْمَالِ وَأَمَّا مَنْ اسْتَمْهَلَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِحَقٍّ ادَّعَاهُ أُمْهِلَ فَإِذَا طَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَمِيلًا بِالْمَالِ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ اتِّفَاقًا وَفِي إجَابَتِهِ لِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ خِلَافٌ يَأْتِي إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ وَأَمَّا تَعْمِيمُ بَعْضِ الشُّرُوحِ فِيهِ بِجَعْلِهِ شَامِلًا لِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ وَالطَّالِبِ حَيْثُ قَالَ وَمَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ بِحَقٍّ أَوْ بِقَضَائِهِ أُمْهِلَ إلَخْ فَغَيْرُ صَوَابٍ لِأُمُورٍ الْأَوَّلُ أَنَّ إقَامَةَ الْغَرِيمِ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَكَيْفَ يُسْتَمْهَلُ الْمُدَّعِي لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْحَقِّ يَدْفَعُ بِهَا بَيِّنَةَ الْقَضَاءِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْغَرِيمِ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِمْهَالَ الْمُدَّعِي لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْحَقِّ يَكُونُ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَجْهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي بَيْنَ مَوْضُوعَيْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ التَّحْدِيدِ بِجُمُعَةٍ وَمَحَلُّ إمْهَالِ الْمَطْلُوبِ إنْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً كَجُمُعَةٍ وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا لِأَنَّ عَلَى الطَّالِبِ ضَرَرًا فِي إمْهَالِ الْمَطْلُوبِ مَعَ بُعْدِ بَيِّنَتِهِ (قَوْلُهُ كَحِسَابٍ وَشِبْهِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَعْمَلَ حِسَابًا أَوْ أَنْظُرَ فِي الدَّفَاتِرِ وَأَعْرِفَ مَا وَصَلَنِي وَمَا خَرَجَ مِنْ يَدَيْ وَالْبَاقِي لِي فَإِنَّهُ يُمْهَلُ بِكَفِيلِ الْمَالِ هَذَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ بَعْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَأَمَّا إنْ كَانَ طَلَبُهُ لِذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهَا عَلَيْهِ بِهِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ بِكَفِيلٍ حَتَّى بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي وَمَسْأَلَةِ مَنْ اسْتَمْهَلَ إلَخْ وَأَمَّا مَا بَعْدَ الْكَافِ فَتَارَةً يَكْفِي فِيهَا الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ وَتَارَةً لَا يَكْفِي فِيهَا إلَّا الْحَمِيلُ بِالْمَالِ فَإِنْ رَجَعَ الْقَيْدُ لَهَا أَيْضًا وَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى طَلَبِهِ لِلْحِسَابِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَاتَهُ مَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْإِمْهَالِ وَفِي لُزُومِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ أَفْيَدُ لَا أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ بِالْمَالِ) هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَتَى بِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ أَمَّا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا فَيَكْفِي الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) أَيْ لِإِرَادَةِ إقَامَتِهَا لَا أَنَّهُ أَقَامَهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ فَبِحَمِيلٍ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>