(خِلَافٌ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ نَفْيُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) وِفَاقٌ (وَالْمُرَادُ) بِالْحَمِيلِ (وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ) وَيَحْرُسُهُ خَوْفَ الْهَرَبِ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَكِيلِ حَمِيلٌ لَا الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ فَوَافَقَ مَا فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي (أَوْ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَبِحَمِيلٍ الْوَجْهُ (إنْ لَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ) أَيْ عَيْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ غَرِيبًا أَوْ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُعْذَرُ إلَيْهِ فِيهَا إلَّا أَنْ يُخْشَى تَغِيبُهُ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَاثْنَانِ بِالْوِفَاقِ
(وَيَجِبُ عَنْ) دَعْوَى جِنَايَةٍ (الْقِصَاصُ) أَوْ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَدَنِ (الْعَبْدُ) إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَا سَيِّدُهُ (وَ) يُجِيبُ (عَنْ) مُوجِبِ (الْأَرْشِ السَّيِّدُ) لَا الْعَبْدُ لِأَنَّ الْجَوَابَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الْمُجِيبُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَالْعَبْدُ لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمْهُ فَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ فَلَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لِلسَّيِّدِ إلَّا لِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ تُوجِبُ قَبُولَ إقْرَارِهِ (وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ) مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ (بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَيُمْهَلُ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) أَيْ فَهُمَا قَوْلَانِ مُتَغَايِرَانِ مَشَى فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى قَوْلٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ وِفَاقٌ) أَيْ وَهُوَ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ وَيَحْرُسُهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا الْكَفِيلُ بِالْوَجْهِ أَيْ الَّذِي إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ وَيَضْمَنُ مَا عَلَيْهِ وَهَذَا التَّوْفِيقُ لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ لِتَشْهَدَ إلَخْ
(قَوْلُهُ وَيُجِيبُ عَنْ دَعْوَى جِنَايَةِ الْقِصَاصِ) أَيْ عَنْ دَعْوَى الْجِنَايَةِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَدُّ أَيْ وَعَنْ الدَّعْوَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ أَوْ التَّعْزِيرِ وَالْمُرَادُ بِجَوَابِهِ عَنْ الدَّعْوَى بِمَا ذَكَرَا إجَابَتُهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ أَوْ التَّجْرِيحِ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ قَذَفَ فُلَانًا أَوْ شَتَمَ فُلَانًا فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُجِيبُ إمَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ فَإِنْ أَقَرَّ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ حُدَّ أَوْ أُدِّبَ وَإِنْ أَنْكَرَ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا أَوْ يَجْرَحَهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَ مَعَ إنْكَارِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ جَوَابِ الْعَبْدِ فِي دَعْوَى جِنَايَةِ الْقِصَاصِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِي جَوَابِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ كَإِقْرَارِهِ بِقَتْلِ مُمَاثِلِهِ وَقَدْ اسْتَحْيَاهُ سَيِّدُ مُمَاثِلِهِ لِيَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَحْيَاهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ تَوَاطَأَ مَعَ الْعَبْدِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِ سَيِّدِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْمَلُ بِجَوَابِهِ وَلَا يُمَكَّنُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمُمَاثِلِ مِنْ أَخْذِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّ ذَلِكَ السَّيِّدِ مِنْ الْقِصَاصِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَجْهَلُ أَنَّ الِاسْتِحْيَاءَ كَالْعَفْوِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ لِلْقِصَاصِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ اُنْظُرْ ح وَكَمَا يُجِيبُ الْعَبْدُ عَنْ الْقِصَاصِ يُجِيبُ عَنْ الْمَالِ غَيْرِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ إذَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَابَ بِإِنْكَارٍ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَأَمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا أَوْ يُجَرِّحَهَا فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ هَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَإِلَّا وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ سَقَطَ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِهِ إنْ عَتَقَ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ عِلْمِ السَّيِّدِ بِهِ لَزِمَهُ اُنْظُرْ ح فَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ فَفِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ) أَيْ كَمَا لَوْ قِيلَ لِلْعَبْدِ أَنْت قَطَعْت يَدَ فُلَانٍ خَطَأً فَقَالَ نَعَمْ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ إقْرَارُ السَّيِّدِ فَهُوَ كَالْقَاطِعِ فَإِنْ أَقَرَّ غَرِمَ الدِّيَةَ أَوْ سَلَّمَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا السَّيِّدُ فَيَلْزَمَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ يُجَرِّحَهَا (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ إلَخْ) أَيْ كَمَشْيِ دَابَّةٍ رَكِبَهَا الْعَبْدُ عَلَى إصْبَعٍ صَغِيرٍ فَقَطَعَتْهُ فَتَعَلَّقَ بِهِ الصَّغِيرُ وَهِيَ تُدْمِي وَيَقُولُ فَعَلَ بِي هَذَا فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَتَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ فَيُسَلِّمُهُ سَيِّدُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةُ فِي قَطْعِ النِّزَاعِ وَهِيَ الْمُتَوَجِّهَةُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ فَبِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْخَصْمِ الْيَمِينَ مِنْ خَصْمِهِ بِدُونِ تَوْجِيهِ مَنْ ذَكَرَ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لَهُ فَإِنْ أَطَاعَ لَهُ بِهَا ثُمَّ تَرَافَعَا لِحَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ ثَانِيًا لِأَنَّ يَمِينَهُ الْأُولَى لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا (قَوْلُهُ فِي كُلِّ حَقٍّ) أَيْ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ جَلِيلًا أَوْ حَقِيرًا وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ اللِّعَانُ وَالْقَسَامَةُ إذْ يَقُولُ فِي الْأَوَّلِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَقَطْ كَمَا قَدَّمَهُ وَفِي الثَّانِي أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَمَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ كَمَا يَأْتِي فَيَقْتَصِرُ فِيهِمَا عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَلَا يُزَادُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ مِنْ مُدَّعٍ) أَيْ تَكْمِلَةً لِلنِّصَابِ كَمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ كَانَتْ اسْتِظْهَارًا كَأَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِالْحَقِّ أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَيْ عِنْدَ عَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نَقْصٍ مِنْهُ فَلَا يُزَادُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الِاسْمِ بِدُونِ وَصْفِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ يَمِينًا يُكَفِّرُ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا زِيَادَةُ الْإِرْهَابِ وَالتَّخْوِيفِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَازِرِيُّ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فَقَطْ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute