للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ (وَلَوْ) كَانَ الْحَالِفُ (كِتَابِيًّا) فَلَا يَزِيدُ يَهُودِيٌّ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَلَا النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَلَا يُنْقِصُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ بِاَللَّهِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ وَفِي نُسْخَةٍ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَيْضًا وَهِيَ أَوْضَحُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ مُطْلَقًا يَقُولُ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ فَالتَّأْوِيلَاتُ ثَلَاثَةٌ

(وَغُلِّظَتْ) الْيَمِينُ وُجُوبًا (فِي رُبْعِ دِينَارٍ) فَأَكْثَرَ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ (بِجَامِعِ) الْبَاءِ لِلْآلَةِ فَإِنْ امْتَنَعَ عُدَّ نَاكِلًا (كَالْكَنِيسَةِ) لِذِمِّيٍّ (وَبَيْتِ النَّارِ) لِمَجُوسِيٍّ وَلِلْمُسْلِمِ الذَّهَابُ لِتَحْلِيفِهِمْ بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَتْ حَقِيرَةً شَرْعًا لِأَنَّ الْقَصْدَ صَرْفُهُمْ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَاطِلِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَعَلَى سُورَةِ بَرَاءَةٍ وَفِي ضَرِيحِ وَلِيٍّ حَيْثُ كَانَ لَا يَنْكَفُّ إلَّا بِذَلِكَ وَيَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقَضِيَّةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنْ الْفُجُورِ (وَ) غُلِّظَتْ (بِالْقِيَامِ) إنْ طُلِبَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ (لَا بِالِاسْتِقْبَالِ) لِلْقِبْلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ (وَ) غُلِّظَتْ (بِمِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) أَيْ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ كَبَعْدِ الْعَصْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا أَجْزَأَهُ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ) أَيْ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ قَالَ ح وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْقِصُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِهِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُهَا لِقَوْلِهَا وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَظَاهِرُهَا كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ كِتَابِيًّا يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ) أَيْ فِي الْحَقِّ وَاللِّعَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ) أَيْ وَلَا يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ بِخِلَافِ الْيَهُودِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ قَالُوا الْعُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ لَا يَقُولُونَ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَأَمَّا النَّصَارَى فَقَدْ قَالُوا بِبُنُوَّةِ عِيسَى وَأُلُوهِيَّتِهِ فَقَالُوا إنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَافْتَرَقَا (قَوْلُهُ بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ تَأْوِيلٌ حَيْثُ صَحِبَهُ تَأْوِيلٌ آخَرُ فَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِأَيْضًا وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ التَّأْوِيلِ عَلَى ظَاهِرِهَا تَغْلِيبًا وَإِلَّا فَالتَّأْوِيلُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ فَالتَّأْوِيلَاتُ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ بِجَعْلِ لَفْظِهَا بَاقِيًا عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ شُمُولِهِ الْمُسْلِمَ وَالْكِتَابِيَّ وَالثَّانِي بِجَعْلِ لَفْظِهَا قَاصِرًا عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيِّ وَالثَّالِثُ بِجَعْلِهِ قَاصِرًا عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ وَغُلِّظَتْ الْيَمِينُ وُجُوبًا) أَيْ إنْ طَلَبَ الْمُحَلِّفُ التَّغْلِيظَ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْيَمِينِ وَالتَّشْدِيدَ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ فَإِنْ أَبَى مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِمَّا طَلَبَهُ الْمُحَلِّفُ مِنْ التَّغْلِيظِ عُدَّ نَاكِلًا وَقَوْلُهُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ إلَخْ أَيْ فَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا إذَا كَانَ مَا ذُكِرَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْجَمِيعِ لَا إنْ كَانَ مَا ذُكِرَ لِشَخْصَيْنِ عَلَى وَاحِدٍ وَلَوْ مُتَفَاوِضَيْنِ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْآلَةِ) أَيْ لَا لِلظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْجَامِعِ تُغَلَّظُ بِصِفَاتٍ أُخْرَى زَائِدَةٍ عَنْ الْوَصْفِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كَوْنِهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْيَمِينُ وَاحِدَةٌ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ تُغَلَّظُ بِوُقُوعِهَا فِي الْجَامِعِ وَالْمُرَادُ بِالْجَامِعِ الْجَامِعُ الْأَعْظَمُ وَهُوَ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَا جَامِعَ لَهُمْ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَحْلِفُونَ حَيْثُ هُمْ وَلَا يُجْلَبُونَ إلَى الْجَامِعِ وَقَالَ التازغدري يُجْلَبُونَ لِلْجَامِعِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ وُجُوبِ السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَثُلُثٌ وَقَالَ بِنَحْوِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا حَلَفُوا بِمَوْضِعِهِمْ نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَأَقْوَاهَا أَوْسَطُهَا فَإِنْ زَعَمَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّهِ لِمَرَضٍ فَقَالَ ابْنُ بَقِيٍّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ إنْ ثَبَتَ عَجْزُهُ بِبَيِّنَةٍ حَلَفَ بِبَيِّنَتِهِ وَإِلَّا أُخْرِجَ لِلْمَسْجِدِ قَهْرًا وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ لَا رَاجِلًا وَلَا رَاكِبًا وَخُيِّرَ الْمُدَّعِي فِي تَحْلِيفِهِ فِي بَيْتِهِ وَتَأْخِيرِهِ لِصِحَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ أَوْ رَدُّ الْيَمِينِ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ إنْ ثَبَتَ مَرَضُهُ حَلَفَ فِي بَيْتِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَى عَجْزِهِ وَخُيِّرَ الْمُدَّعِي فِي الْأَمْرَيْنِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ بِتَحْلِيفِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ صَرْفُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّغْلِيظِ صَرْفُ الْحَالِفِ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَاطِنِ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي ضَرِيحِ وَلِيٍّ) أَيْ وَكَذَا تَحْلِيفُهُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ لَا بِالِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ الْمُحَلِّفُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ الْأَخَوَانِ يُغَلَّظُ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ إنْ طَلَبَ ذَلِكَ الْمُحَلِّفُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ فِي التُّحْفَةِ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن فَقَوْلُ شَارِحِنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ أَيْ وَيَطْلُبُهُ الْمُحَلِّفُ (قَوْلُهُ وَبِمِنْبَرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) إنَّمَا اخْتَصَّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ يَكُونُ بِالْحَلِفِ فِي الْجَامِعِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قِيلَ لَكِنْ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَهُ بْن وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِمَكَّةَ فَيَكُونُ بِالْحَلِفِ عِنْدَ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَكَان فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَلَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>