وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُكَمِّلَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوَّلًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي خَطَأً فَلَا يَكْفِي الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي قَتَلَنِي فَيَكْفِي الْوَاحِدُ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَإِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ بِالْإِقْرَارِ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ، وَإِنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ التَّوَقُّفُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ، أَوْ الِاكْتِفَاءُ بِالشَّاهِدِ مُطْلَقًا (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ وَثَبَتَ إقْرَارُهُ بِشَاهِدَيْنِ كَمَا هُوَ عَيْنُ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (مَعَ شَاهِدٍ) بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، فَهُوَ لَوْثٌ يَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي هَذَا يَثْبُتُ الدَّمُ، أَوْ الدِّيَةُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ (أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ) بِأَنْ قَالَ قَتَلَهُ خَطَأً (بِشَاهِدٍ) أَيْ مَعَ شَاهِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ خَطَأً فَلَوْثٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ بِالْخَطَإِ فَغَيْرُ لَوْثٍ وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ) أَيْ الْقَتْلِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ الْآخَرُ خَطَأً، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِسَيْفٍ، وَالْآخَرُ بِعَصًا (بَطَلَ) الدَّمُ لِتَنَاقُضِ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُمَا بَيَانُ صِفَةِ الْقَتْلِ، لَكِنْ إنْ بَيَّنَاهَا وَاخْتَلَفَا بِطَلَبِ شَهَادَتِهِمَا وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الرَّابِعِ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ بِقَوْلِهِ (وَكَالْعَدْلِ) الْوَاحِدِ (فَقَطْ) يَشْهَدُ (فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ) أَيْ بِمُعَايَنَتِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ، وَالْمَرْأَتَانِ الْعَدْلَتَانِ كَالْعَدْلِ فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا قُلْنَا أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُكَمِّلَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ تُفْرَدُ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّمَا يَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا يُجْمَعُ مَعَهَا الْيَمِينُ الْمُكَمِّلَةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ حَيْثُ كَانَتْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْجُرْحِ عَمْدًا لَوْثًا دُونَ شَهَادَتِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ خَطَأً أَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ فِي الْخَطَإِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُقِرُّ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْقِصَاصُ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ فَصَحَّ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنَّهُ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، أَوْ قَتَلَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْوَاحِدَ) أَيْ وَأَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، أَوْ قَتَلَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ) أَيْ وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ لَا تَكْفِي لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاكْتِفَاءِ بِالشَّاهِدِ) أَيْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِالضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ: كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عَدْلَانِ وَشَهِدَ مَعَ هَذَا الْإِقْرَارِ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ إقْرَارُهُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ، أَوْ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَوْثٌ كَمَا سَيَأْتِي وَانْضَمَّ لِذَلِكَ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى الْإِقْرَارِ خِلَافًا لعبق.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَغْنِ هَذَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَوْثًا فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْقَاتِلُ أَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً وَشَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ كَانَ ذَلِكَ لَوْثًا يَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذَا الْفَرْعِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ بِمُعَايَنَةِ الْجُرْحَ، أَوْ الضَّرْبِ لَوْثًا فَأَوْلَى شَهَادَتُهُ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَدْ انْضَمَّ لِذَلِكَ إقْرَارُ الْقَاتِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ أَخْذَ الدِّيَةِ هُنَا لَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي الْخَطَإِ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ، أَوْ رَجَعَ عَنْهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عَدْلَانِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ وَاحِدٌ، فَهُوَ لَوْثٌ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ) أَيْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ بِمُعَايَنَتِهِ فِي صِفَتِهِ (قَوْلُهُ بَطَلَ الدَّمُ) أَيْ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ الْمُخْتَلَفُ فِي صِفَتِهِ عَنْ ضَرْبِهِ، أَوْ مَاتَ بِفَوْرِهِ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لِتَعَارُضِ الشَّهَادَتَيْنِ فَلَمَّا تَعَارَضَتَا سَقَطَتَا.
(قَوْلُهُ: وَكَالْعَدْلِ الْوَاحِدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ، وَإِلَّا كَانَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ أَنَّهُ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ إلَّا أَنَّ الْمَقْتُولَ لَمْ يَقُلْ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ: فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ) أَيْ مَا لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غِيلَةً، وَإِلَّا فَلَا يُقْسِمُونَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا عَدْلَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَكْفِي الْعَدْلُ، وَالْقَسَامَةُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ الَّذِي لَيْسَ بِغِيلَةٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ) أَيْ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ، أَوْ الدِّيَةَ أَيْ فِي الْخَطَإِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute