للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا الْمِثَالُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى وَأَشَارَ لِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (أَوْ رَآهُ) أَيْ رَأَى الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ (يَتَشَحَّطُ) بِالْحَاءِ، وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ يَتَحَرَّكُ وَيَضْطَرِبُ (فِي دَمِهِ، وَالْمُتَّهَمُ) بِالْقَتْلِ (قُرْبَهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَّهَمِ (آثَارُهُ) أَيْ الدَّمِ أَيْ أَمَارَةُ الْقَتْلِ وَشَهِدَ الْعَدْلُ بِذَلِكَ فَلَوْثٌ (وَوَجَبَتْ) الْقَسَامَةُ (وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ) كَشَهَادَةِ عَدْلٍ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مَعَ عَدْلَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَلَا يَكُونُ تَعَدُّدُهُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ، أَوْ الدِّيَةِ بِلَا قَسَامَةٍ (وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اللَّوْثِ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (بَقَرِيَّةِ قَوْمٍ) وَلَوْ مُسْلِمًا بَقَرِيَّةِ كُفَّارٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُخَالِطُهُمْ فِي غَيْرِهِمْ، وَإِلَّا كَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ كَمَا فِي قَضِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ حَيْثُ قُتِلَ بِخَيْبَرَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ؛ لِأَنَّ خَيْبَرَ مَا كَانَ يُخَالِطُ الْيَهُودُ فِيهَا غَيْرَهُمْ (أَوْ دَارَهُمْ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ إنْسَانٌ وَرَمَاهُ فِيهَا لِيَلُوثَ أَهْلَهَا بِهِ (وَلَوْ) (شَهِدَ اثْنَانِ) عَلَى شَخْصٍ (أَنَّهُ قَتَلَ) آخَرَ (وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ) وَلَمْ يُعْرَفْ (اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) يَمِينًا لِتَتَنَاوَلَ التُّهْمَةُ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمْ (وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ) فِي أَمْوَالِهِمْ إنْ حَلَفُوا، أَوْ نَكَلُوا مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ عَلَى، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ) دُونَ مَنْ حَلَفَ إنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ (بِلَا قَسَامَةٍ) عَلَى الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَلَوْ شَهِدَا بِالْخَطَإِ لَكَانَتْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَمَفْهُومُ اثْنَانِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ قَتَلَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدِّيَةِ (وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ (عَنْ قَتْلَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمِثَالُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الْعَدْلِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ لَوْثًا فَأَوْلَى شَهَادَتُهُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَدْ يُقَالُ لِمَا كَانَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَيْسَتْ لَوْثًا وَأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِتَكْمِلَةِ الشَّهَادَةِ وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ بِمُعَايَنَةِ الْجَرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ تَعَرَّضَ لِذِكْرِ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْفَرْعِ دَفْعًا لِلتَّوَهُّمِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ رَأَى الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ) أَيْ رَآهُ بِبَصَرِهِ فَرَأَى هُنَا بَصَرِيَّةٌ تَتَعَدَّى لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ فَجُمْلَةُ يَتَشَحَّطُ حَالٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فَاعِلَ رَأَى ضَمِيرُ الْعَدْلِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعَدْلِ بِذَلِكَ بَلْ كَذَلِكَ إذَا رَآهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ عَدْلَانِ، أَوْ أَكْثَرُ؛ إذْ لَيْسَ الْمُوجِبُ لِلْقَسَامَةِ انْفِرَادَ الْعَدْلِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بَلْ قُوَّةُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ، وَالْمُتَّهَمُ قُرْبُهُ) أَيْ، أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يَتَشَحَّطُ وَلَا لِلْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ آثَارُهُ بَلْ مَتَى رَآهُ الْعَدْلُ بِقُرْبِ الْمَقْتُولِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ كَانَ لَوْثًا (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا أَرَادُوا الْقِصَاصَ، أَوْ الدِّيَةَ فَلَا يُمَكَّنُونَ إلَّا بِالْقَسَامَةِ أَمَّا إذَا أَرَادُوا التَّرْكَ فَلَا يُكَلَّفُونَ أَيْمَانَهَا وَأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ لَا لِرَدِّ قَوْلٍ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ عِنْدَ تَعَدُّدِ اللَّوْثِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَتْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَمَا مَرَّ إقْرَارُهُ بِالْقَتْلِ وَثَبَتَ الْإِقْرَارُ بِشَاهِدَيْنِ مَعَ مُعَايَنَةِ شَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ وَلَا شَكَّ فِي تَعَدُّدِ اللَّوْثِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْقَصْدُ مِمَّا مَرَّ إفَادَةُ أَنَّ اجْتِمَاعَ الْأَمْرَيْنِ لَوْثٌ، وَالْقَصْدُ مِمَّا هُنَا إفَادَةُ أَنَّ تَعَدُّدَ اللَّوْثِ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَسَامَةِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ وُجُودِ الْقَتِيلِ بِقَرْبَةِ قَوْمٍ سَوَاءٌ كَانُوا مُسْلِمِينَ، أَوْ كُفَّارًا لَيْسَ لَوْثًا إذَا كَانُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ) أَيْ فَنَكَلَا عَنْ أَيْمَانِهَا فَوَدَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عِنْدِهِ وَقَوْلُهُ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةَ كُلٌّ مِنْهَا مُصَغَّرٌ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَصَادٍ كَذَلِكَ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدْ تُخَفَّفُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ لَا يَدَعُهُ فِي مَكَان يُتَّهَمُ هُوَ بِهِ وَلَيْسَ الْمَوْتُ فِي الزَّحْمَةِ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ بَلْ هُوَ هَدَرٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ دَخَلَ فِيهِمْ الْقَاتِلُ (قَوْلُهُ: لِتَنَاوُلِ التُّهْمَةِ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمْ) أَيْ وَيَمِينُ الدَّمِ لَا تَكُونُ إلَّا خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ الْغُرْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ أَحَدِهِمْ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ الْبَاقُونَ فَالدِّيَةُ بِتَمَامِهَا عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ مِنْ، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: لَكَانَتْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ) أَيْ إنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ، أَوْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ) أَيْ، أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِمْ كُلِّهِمْ، أَوْ نُكُولِهِمْ كُلِّهِمْ، وَإِلَّا فَعَلَى النَّاكِلِ كَمَا سَبَقَ فِي الشَّاهِدَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ بَلْ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ عَنْ قَتْلَى) أَيْ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ، أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>