للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مِنْ حِصَّةِ مُسْتَعَانٍ بِهِ آخَرَ فَلَهُ ذَلِكَ (وَوُزِّعَتْ) الْأَيْمَانُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ فَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ اجْتَزَأَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ (وَاجْتُزِئَ) فِي حَلِفِ جَمِيعِهَا (بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ) غَيْرِ نَاكِلَيْنِ (وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّمِ (بِخِلَافِ) نُكُولِ (غَيْرِهِ) مِنْ، أَوْلِيَاءِ الدَّمِ فَيُعْتَبَرُ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَبَنِينَ، أَوْ إخْوَةٍ (وَلَوْ بَعُدُوا) فِي الدَّرَجَةِ عَنْ الْمَقْتُولِ كَبَنِي عَمٍّ إذَا اسْتَوَوْا دَرَجَةً وَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ أَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مَنْ يُعْتَبَرُ وَسَقَطَ الدَّمُ (فَتُرَدُّ) أَيْمَانٌ (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ) بِالْقَتْلِ (فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) يَمِينًا إنْ تَعَدَّدُوا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَّهَمٌ بِالْقَتْلِ.

وَإِنْ كَانَ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ الْمُتَّهَمُ وَاحِدًا حَلَفَهَا (وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ) ، أَوْ يَمُوتَ فِي السِّجْنِ (وَلَا اسْتِعَانَةَ) لِمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِعَانَةَ هُنَا أَيْضًا كَالْوَلِيِّ (وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ) أَيْ بَعْضُ، أَوْلِيَاءِ الدَّمِ (نَفْسَهُ) بَعْدَ الْحَلِفِ، أَوْ قَبْلَهُ (بَطَلَ) الدَّمُ فَلَا قَوَدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ تَزِدْ الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُهَا عَلَى نِصْفِ الْقَسَامَةِ فَإِذَا وَجَدَ الْوَلِيُّ عَاصِبًا فَقَطْ مِنْ عَصَبَتِهِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ قُسِمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَحْمِلُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُمْ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَرَادَ هُوَ أَنْ يَحْمِلَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ؛ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اسْتِعَانَةٌ بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِلْمَقْتُولِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَاقِي بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نِصْفِهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ حِصَّةِ مُسْتَعَانٍ بِهِ آخَرَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ ذَلِكَ فَإِذَا اسْتَعَانَ الْوَلِيُّ بِاثْنَيْنِ فَلِلْوَلِيِّ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةَ عَشَرَ وَلَهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا عِشْرِينَ، وَالثَّانِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ الْآخَرُ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَهَذَا فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَتُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: اُجْتُزِئَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ) فَإِذَا طَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْحَلِفَ دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ فِيمَنْ يَحْلِفُهَا مِنْهُمْ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ) أَيْ مِنْ تَحْدِيدِهَا بِالْخَمْسِينَ، وَالتَّحْدِيدُ بِذَلِكَ تَعَبُّدِيٌّ (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَاكِلِينَ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْأَكْثَرِ غَيْرَ نَاكِلِينَ.

وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ كَإِخْوَةٍ، أَوْ أَعْمَامٍ فَطَاعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ يَحْلِفُ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَإِنَّهُ يَجْتَزِئُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ غَيْرَ نَاكِلٍ فَلَوْ كَانَ نَاكِلًا بَطَلَ الدَّمُ وَلَا يَجْتَزِي بِحَلِفِ مَنْ أَطَاعَ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْجَمِيعَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ مَنْ نَكَلَ إنْ كَانَ بَعِيدًا، وَإِنْ كَانَ النَّاكِلُ قَرِيبًا بَطَلَ الدَّمُ (قَوْلُهُ: وَنُكُولُ الْمُعِينِ) أَيْ، وَكَذَا تَكْذِيبُهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ، وَإِلَّا سَقَطَ الدَّمُ حَيْثُ كَانَ الْوَالِي وَاحِدًا فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِينِ بَعْدَ نُكُولِهِ لِيَحْلِفَ بِرِضَا الْوَلِيِّ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَمْكِينِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعُدُوا) مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ أَبْعَدَ) أَيْ كَابْنِ عَمٍّ وَقَوْلُهُ مَعَ أَقْرَبَ أَيْ كَأَخٍ، أَوْ عَمٍّ أَيْ مَعَ إطَاعَةِ الْأَقْرَبِ بِالْحَلِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَمُوتُ فِي السِّجْنِ) هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَنَكَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ سَنَةٍ ضُرِبَ مِائَةً وَأُطْلِقَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَرِّدًا، وَإِلَّا خُلِّدَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا اسْتِعَانَةَ لِمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا) أَيْ بِخِلَافِ عَاصِبِ الْمَقْتُولِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَعَدَمُ اسْتِعَانَةِ مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَزَاهُ لِظَاهِرِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ نَقَلَهُ ح وَبِهِ سَقَطَ اعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَلِفِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ حَلِفِ الْقَسَامَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ تَمَامِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ بِأَنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا قَاتَلَ قَبْلَ الْحَلِفِ أَصْلًا، أَوْ كَانَ التَّكْذِيبُ بَعْدَ حَلِفِ بَعْضِ الْأَيْمَانِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ إلَخْ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي عَمْدٍ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْقَسَامَةُ فِي خَطَإٍ وَأَكْذَبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ حَلَفَ حَظَّهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مِقْدَارَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَطْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْأَيْمَانِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَعْدَ تَتْمِيمِهِ الْخَمْسِينَ بِنَاءً عَلَى إلْغَاءِ أَيْمَانِ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ وَانْظُرْ إذَا كَذَّبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ، وَالِاسْتِيفَاءِ بِالْقَوَدِ، فَهَلْ يُقْتَصُّ مِمَّنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ، أَوْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ رَجَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>