للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا دِيَةَ تُرَدُّ إنْ أُخِذَتْ (بِخِلَافِ عَفْوِهِ) أَيْ الْبَعْضِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ (فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) وَأَمَّا قَبْلَ الْقَسَامَةِ فَكَالتَّكْذِيبِ فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي.

(وَلَا يُنْتَظَرُ) فِي الْقَسَامَةِ (صَغِيرٌ) مَعَهُ كَبِيرٌ مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ فَيُقْسِمُ الْكَبِيرُ إذَا تَعَدَّدَ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ وَيُقْتَلُ الْجَانِي إثْرَ الْقَسَامَةِ (بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ) فَيُنْتَظَرَانِ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِمَا (إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الصَّغِيرِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا مُعِينٍ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَهُوَ أَقْعَدُ مَعْنًى أَيْ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُ الْكَبِيرِ مَعَ الصَّغِيرِ (فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ) خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْآنِ (وَالصَّغِيرُ) حَاضِرٌ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ فِي النَّفْسِ وَحُضُورُهُ مَعَ الْكَبِيرِ مَنْدُوبٌ لَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَيُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِبُلُوغِ الصَّبِيِّ فَيَحْلِفُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ مَا لَمْ يَعْفُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ بَطَلَ الدَّمُ (وَوَجَبَ بِهَا) أَيْ بِالْقَسَامَةِ (الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (و) وَجَبَ بِهَا (الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَوَدِ (تَعَيَّنَ لَهَا) أَيْ لِلْقَسَامَةِ بِتَعْيِينِ الْمُدَّعِي عَلَى جَمَاعَةٍ اسْتَوَوْا فِي الْعَمْدِ مَعَ وُجُودِ اللَّوْثِ يَقُولُونَ لِمَنْ ضَرْبِهِ مَاتَ وَلَا يَقُولُونَ لَمَنْ ضَرَبَهُمْ وَلَا يُقْتَلُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَلَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَهَا.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْقَسَامَةَ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ذَكَرَ حُكْمَ مَفَاهِيمِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ) (أَقَامَ شَاهِدًا) وَاحِدًا (عَلَى جُرْحٍ) خَطَأً، أَوْ عَمْدًا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا (أَوْ) (قَتْلِ كَافِرٍ، أَوْ عَبْدٍ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا، أَوْ عَبْدًا أَوْ لَا (أَوْ جَنِينٍ) أَلْقَتْهُ أُمُّهُ مَيِّتًا (حَلَفَ) مُقِيمُ الشَّاهِدِ يَمِينًا (وَاحِدَةً) فِي الْجَمِيعِ (وَأَخَذَ الدِّيَةَ) مِنْ الْجَانِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَغْرَمُ الدِّيَةَ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا، وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ قَالَهُ عبق (قَوْله وَلَا دِيَةَ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَ الْقَسَامَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْعَفْوُ قَبْلَ تَمَامِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي) أَيْ وَلَا لِلْعَافِي بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ) .

حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الثُّبُوتُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ لَا فِي الْقَسَامَةِ وَلَا فِي الْقَوَدِ بَلْ لِلْكِبَارِ أَنْ يَقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَسَاوِينَ فِي الدَّرَجَةِ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مُبَرْسَمٌ أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الثُّبُوتُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُمَا يُنْتَظَرَانِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا يُنْتَظَرَانِ فِي حَلِفِ بَعْضِ الْقَسَامَةِ وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِمَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا وَحَمَلَهُ الْمَوَّاقُ وعج عَلَى الِانْتِظَارِ لِلْقَتْلِ إذَا أَرَادَهُ غَيْرُهُمَا، وَهُوَ صَوَابٌ إلَّا أَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ وَمُغْمًى وَمُبَرْسَمٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ الصَّغِيرِ) يَعْنِي مَعَ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُعِينٌ) أَيْ فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ إذَا اُنْتُظِرَ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَا شَرْطٌ) أَيْ فِي الِاعْتِدَادِ بِأَيْمَانِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ حُضُورَ الصَّغِيرِ حِينَ حَلِفِ الْكَبِيرِ مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ؛ إذْ لَا مُقْتَضَى لِلْوُجُوبِ وَيُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْ الْقَوْلَ بِالشَّرْطِيَّةِ مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ) أَيْ بِحَيْثُ يَحْلِفُ هُوَ وَأَخُوهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْكَبِيرِ، أَوْ غَيْبَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ) أَيْ الصَّبِيُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَمْ يَجِدْ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ وَقَوْلُهُ بَطَلَ الدَّمُ أَيْ وَرُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْجَانِي فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ، أَوْ يُحْبَسَ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْقَسَامَةِ) يَعْنِي عَلَى جَمِيعِ الْمُتَّهَمِينَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْخَطَإِ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِ الْمُتَّهَمِينَ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَيُعَيِّنُونَ وَاحِدًا مِنْ الْقَاتِلَيْنِ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ اسْتَوَوْا فِي الْعَمْدِ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ نَوْعُ الْفِعْلِ، أَوْ تَعَدَّدَ وَاخْتَلَفَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ فِي الْعَمْدِ إلَّا وَاحِدٌ وَلَوْ تَعَدَّدَ نَوْعُ الْفِعْلِ وَاخْتَلَفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ نَوْعُ الْفِعْلِ وَاخْتَلَفَ فَيُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، فَهُوَ ضَعِيفٌ اُنْظُرْ بْن وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَسَامَةَ بِلَوْثٍ كَقَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَأَمَّا مَعَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْبَيِّنَةِ فَيُقْتَلَانِ مَعًا اتِّفَاقًا بِلَا قَسَامَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْر مُعَيَّنٍ) أَيْ وَلَا وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: خَطَأً، أَوْ عَمْدًا) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْخَطَإِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّيَةَ؛ إذْ جُرْحُ الْعَمْدِ إذَا أَقَامَ بِهِ شَاهِدًا حَلَفَ مَعَهُ وَاقْتَصَّ (قَوْلُهُ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا) أَيْ كَالْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ (قَوْلُهُ كَانَ الْقَاتِلُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْكَافِرِ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ كَافِرًا حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَوْ جَنِينٍ) أَيْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى ضَرْبِ جَنِينٍ حُرٍّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَدْ نَزَلَ مَيِّتًا وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ الْجَنِينُ حَيًّا وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ خَطَأً، فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ عَمْدًا، فَالْقَوَدُ بِقَسَامَةٍ.

(قَوْلُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ مُقِيمُ الشَّاهِدِ وَاحِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ وَلِيُّ الْكَافِرِ، أَوْ الْجَنِينُ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالظَّاهِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>