للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ كُفْرًا وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ.

(وَفُصِّلَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الْكُفْرِ وُجُوبًا فَلَا يَكْتَفِي الْقَاضِي بِقَوْلِ الشَّاهِدِ أَنَّهُ كَفَرَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَا كَفَرَ بِهِ بَيَانًا وَاضِحًا لَا إجْمَالَ فِيهِ بِأَنْ يَقُولَ كَفَرَ بِقَوْلِهِ كَذَا أَوْ فِعْلِهِ كَذَا، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ يَعْتَقِدُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ كُفْرٌ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَ كَذَلِكَ.

(وَاسْتُتِيبَ) الْمُرْتَدُّ وُجُوبًا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) بِلَيَالِيِهَا مِنْ يَوْمِ الثُّبُوتِ لَا مِنْ يَوْمِ الْكُفْرِ وَلَا يَوْمِ الرَّفْعِ وَيُلْغَى يَوْمُ الثُّبُوتِ إنْ سَبَقَ بِالْفَجْرِ (بِلَا جُوعٍ وَعَطَشٍ) بَلْ يُطْعَمُ وَيُسْقَى مِنْ مَالِهِ وَلَا يُنْفَقُ عَلَى وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُوقَفُ فَيَكُونُ مُعْسِرًا بِرِدَّتِهِ (وَ) بِلَا (مُعَاقَبَةٍ) بِكَضَرْبٍ (وَإِنْ لَمْ يَتُبْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعِدْ بِالتَّوْبَةِ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ (فَإِنْ تَابَ) تُرِكَ (وَإِلَّا) يَتُبْ (قُتِلَ) بِالسَّيْفِ وَلَا يُتْرَكُ بِجِزْيَةٍ وَلَا يُسْتَرَقُّ (وَاسْتُبْرِئَتْ) ذَاتُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ (بِحَيْضَةٍ) قَبْلَ قَتْلِهَا خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ حَامِلًا، فَإِنْ حَاضَتْ أَيَّامَ الِاسْتِتَابَةِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا فَيُنْتَظَرُ أَقْضَى الْأَجَلَيْنِ، فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ أُخِّرَتْ حَتَّى تَضَعَ إنْ وُجِدَ مَنْ يُرْضِعُ وَلَدَهَا وَقَبِلَهَا الْوَلَدُ وَإِلَّا أُخِّرَتْ لِتَمَامِ رَضَاعِهِ.

(وَمَالُ الْعَبْدِ) وَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا (لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا) يَكُنْ عَبْدًا بِأَنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ حُرًّا وَقُتِلَ بِرِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ مُرْتَدًّا قَبْلَ الْقَتْلِ (فَفَيْءٌ) مَحِلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ لِدِينِ وَارِثِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّ قَوْلَهُمْ لَازِمُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ فِي اللَّازِمِ غَيْرُ الْبَيِّنِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: يَكُونُ كُفْرًا) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَعَا عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ لِرِضَاهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِيهِ) أَيْ بَلْ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِكُفْرِهِ وَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفِ الْبِسَاطِيِّ فِي ذَلِكَ لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الْعَلَمِيُّ أَنَّ دُعَاءَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ كَدُعَائِهِ عَلَى غَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ بِكُفْرٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي المج لِارْتِضَائِهِ لَهُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا دَعَا عَلَى نَفْسِهِ فِي غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِلَّا لَمْ يَكْفُرْ قَطْعًا كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ

(قَوْلُهُ: وَفُصِّلَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَهِدَ بِكُفْرِ شَخْصٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُفَصِّلَ وَيُبَيِّنَ الْوَجْهَ الَّذِي كَفَرَ بِهِ وَلَا يُجْمِلْهُ بِأَنْ يَقُولَ كَفَرَ بِقَوْلِهِ كَذَا أَوْ بِفِعْلِهِ كَذَا فَقَوْلُهُ: وَفُصِّلَتْ أَيْ وُجُوبًا صَوْنًا لِلدِّمَاءِ

(قَوْلُهُ: وَاسْتُتِيبَ الْمُرْتَدُّ) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ اسْتِتَابَتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الِاسْتِتَابَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ أَخَّرَ قَوْمَ صَالِحٍ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَعَلَّهُمْ أَنْ يَتُوبُوا فِيهِ فَكَوْنُ أَيَّامِ الِاسْتِتَابَةِ ثَلَاثَةً وَاجِبٌ، فَلَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ قَبْلَهَا مَضَى لِأَنَّهُ حَكَمَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ يَطْلُبُ مِنْهُ التَّوْبَةَ مَرَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الثُّبُوتِ) أَيْ مِنْ يَوْمِ ثُبُوتِ الْكُفْرِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُلْغَى يَوْمُ الثُّبُوتِ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُلَفَّقُ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ احْتِيَاطًا لِعِظَمِ الدِّمَاءِ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الْقَائِلِ: إنَّ يَوْمَ الثُّبُوتِ يَكْمُلُ مِنْ الرَّابِعِ وَلَا يُلْغَى إذَا كَانَ الثُّبُوتُ مَسْبُوقًا بِالْفَجْرِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُوقَفُ) أَيْ لِأَنَّ مَالَهُ يُوقَفُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتُبْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَا جُوعٍ أَيْ هَذَا إذَا وَعَدَ بِالتَّوْبَةِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَعِدْ بِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ هَذَا إذَا تَابَ حَقِيقَةً بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ تُطْلَبُ مِنْهُ التَّوْبَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إنْ تَابَ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالتَّوْبَةِ الْمَنْفِيَّةِ التَّوْبَةُ الْحَقِيقِيَّةُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَابَ) أَيْ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ تُرِكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُتِلَ) أَيْ بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ يَوْمِ الثَّالِثِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتُبْرِئَتْ ذَاتُ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ وَهِيَ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ بِحَيْضَةٍ) أَيْ إنْ مَضَى لِلْمَاءِ بِبَطْنِهَا أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ أَوْ لَمْ يَمْضِ لَهُ أَرْبَعُونَ وَلَكِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِمَا، وَإِلَّا لَمْ تُؤَخَّرْ وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَمَا يَجْرِي فِي ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ يَجْرِي كَذَلِكَ فِي الْمُطَلَّقَةِ وَلَوْ بَائِنًا كَمَا كَتَبَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ عَنْ شَيْخِهِ ابْن عبق وَكَانَ اسْتِبْرَاءُ الْحُرَّةِ حَيْضَةً؛ لِأَنَّ مَا عَدَاهَا تَعَبُّدٌ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ هُنَا؛ لِأَنَّهَا بِرِدَّتِهَا صَارَتْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّعَبُّدِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ وَكَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فِي كُلِّ خَمْسِ سِنِينَ مَرَّةً، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ لِضَعْفٍ أَوْ إيَاسٍ مَشْكُوكٍ فِيهِ اُسْتُبْرِئَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا، إلَّا أَنْ تَحِيضَ أَثْنَاءَهَا فَلَا تَكْمُلُ الْأَشْهُرُ الثَّلَاثَةُ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُتَوَقَّعُ حَمْلُهَا قُتِلَتْ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا سَيِّدٌ بِأَنْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَكَانَ مُدَّةً بَعُدَ عَنْهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ لَمْ تُسْتَبْرَأْ بِحَيْضَةٍ، إلَّا إنْ ادَّعَتْ حَمْلًا وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أَوْ شَكُّوا فِيهِ فَتُسْتَبْرَأُ بِهَا (قَوْلُهُ: تَمَامُهَا) أَيْ تَمَامُ أَيَّامِ الِاسْتِتَابَةِ وَهِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ

(قَوْلُهُ: وَمَالُ الْعَبْدِ) أَيْ الْمُرْتَدِّ إذَا قُتِلَ أَوْ مَاتَ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ قِنًّا بَلْ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُبَعَّضٍ قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُكَاتَبُ وَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا كَانَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَوْ حَدَثَ لَهُ بَعْدَهَا فَهَلْ يَنْتَفِعُ الْوَلَدُ بِذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي خَلَفَهُ أَبُوهُ فَيَخْرُجُ بِهِ حُرًّا أَوْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَيَسْعَى فِي نُجُومِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا قَوْلَانِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ الْمَالُ لِسَيِّدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ حُرًّا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ) أَيْ مِلْكًا لَا إرْثًا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ) أَيْ الْمُرْتَدُّ الْمَقْتُولُ أَوْ الْمَيِّتُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ عَبْدًا.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَتْلِ) أَيْ فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ.

(قَوْلُهُ: فَفَيْءٌ) أَيْ فَمَالُهُ فَيْءٌ (قَوْلُهُ: مَحِلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ) أَيْ وَلَا تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ وَلَوْ كَانُوا كُفَّارًا ارْتَدَّ لِدِينِهِمْ وَلَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>