(وَبَقِيَ وَلَدُهُ) الصَّغِيرُ (مُسْلِمًا) وَلَوْ وُلِدَ حَالَ رِدَّةِ أَبِيهِ أَيْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَتْبَعُهُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ إنْ أَظْهَرَ خِلَافَهُ (كَأَنْ تَرَكَ) وَلَدَهُ أَيْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغَ وَأَظْهَرَ خِلَافَ الْإِسْلَامِ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسَّيْفِ.
(وَأُخِذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمُرْتَدِّ إنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ (مَا جَنَى) أَيْ أَرْشُ جِنَايَتِهِ (عَمْدًا عَلَى عَبْدٍ) وَكَذَا خَطَأً وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ (أَوْ) مَا جَنَى عَمْدًا عَلَى (ذِمِّيٍّ) لَا خَطَأً فَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَبَيْتُ الْمَالِ لَا يَحْمِلُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا فَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ عَمْدًا بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّ فَقَطْ (لَا) إنْ جَنَى الْمُرْتَدُّ عَمْدًا عَلَى (حُرٍّ مُسْلِمٍ) فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ وَهُوَ يَسْقُطُ بِقَتْلِهِ لِرِدَّتِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ مُطْلَقًا وَدِيَةُ الْحُرِّ الذِّمِّيِّ إنْ جَنَى عَلَيْهِ عَمْدًا وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (كَأَنْ) (هَرَبَ) الْمُرْتَدُّ (لِدَارِ الْحَرْبِ) بَعْدَ أَنْ قَتَلَ حُرًّا مُسْلِمًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ، فَإِنْ رَجَعَ قُتِلَ لِرِدَّتِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، فَإِنْ أَسْلَمَ قُتِلَ قَوَدًا (إلَّا حَدَّ الْفِرْيَةِ) أَيْ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ هَرَبَ لِبَلَدِ الْحَرْبِ أَمْ لَمْ يَهْرُبْ إنْ وَقَعَتْ مِنْهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ قَذَفَ بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُسِرَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّهُ.
(وَالْخَطَأُ) مُبْتَدَأٌ أَيْ جِنَايَةُ الْخَطَأِ مِنْ الْمُرْتَدِّ عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ (عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) خَبَرُهُ (كَأَخْذِهِ) أَيْ بَيْتِ الْمَالِ (جِنَايَةً عَلَيْهِ) مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ فَكَمَا يَغْرَمُ عَنْهُ بِأَخْذِ مَالِهِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ وَلَهُ مَالُهُ (وَإِنْ) (تَابَ) الْمُرْتَدُّ بِالرُّجُوعِ لِلْإِسْلَامِ (فَمَالُهُ) يَرْجِعُ (لَهُ) وَلَوْ عَبْدًا عَلَى الرَّاجِحِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّهُ ارْتَدَّ لِئَلَّا يَرِثَهُ أَحَدٌ مِنْ وَرَثَتِهِ كَزَوْجَتِهِ أَوْ عَمِّهِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: وَبَقِيَ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا قُتِلَ الْمُرْتَدُّ وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ وَلَدَهُ حَالَ إسْلَامِهِ أَوْ حَالَ رِدَّتِهِ بَقِيَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ مُسْلِمًا أَيْ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ أَظْهَرَ خِلَافَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُهُ) أَيْ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ إنَّمَا تَكُونُ فِي دِينٍ يُقَرُّ عَلَيْهِ فَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ حُكِمَ بِإِسْلَامِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ بِتَبَعِيَّتِهِ لَهُ فِي الدِّينِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ تَرَكَ وَلَدَهُ) أَيْ الْمَوْلُودَ لَهُ حَالَ رِدَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ حَتَّى بَلَغَ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَكَانَ مُظْهِرًا لِخِلَافِ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالسَّيْفِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وِفَاقًا لِلْجَوَاهِرِ وَخِلَافًا لِقَوْلِ النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ إنْ وُلِدَ لَهُ حَالَ كُفْرِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ لَمْ يُجْبَرْ بِخِلَافِ مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَيُجْبَرُ
(قَوْلُهُ: وَأُخِذَ مِنْهُ مَا جَنَى إلَخْ) أَيْ وَكَذَلِكَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَرْشُ مَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُقْتَلُ بِعَبْدٍ وَلَا كَافِرٍ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَفِي قَتْلِهِ بِهِمَا اضْطِرَابٌ اهـ بْن.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ الْحُرَّ إذَا جَنَى عَلَى غَيْرِهِ وَمَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ فَتِلْكَ الْجِنَايَةُ إمَّا فِي مَالِهِ وَإِمَّا هَدَرٌ وَإِمَّا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ جَنَى عَمْدًا عَلَى ذِمِّيٍّ أَوْ جَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً عَلَى عَبْدٍ زَمَنَ رِدَّتِهِ أَوْ قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَدِيَةُ الذِّمِّيِّ وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَمْدًا عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ لِذَلِكَ مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ وَهُوَ يَسْقُطُ بِقَتْلِهِ لِرِدَّتِهِ وَأَمَّا لَوْ جَنَى خَطَأً عَلَى ذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ كَانَتْ دِيَةُ ذَلِكَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى عَبْدٍ) أَيْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الذِّمِّيِّ وَفِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلذِّمِّيِّ) أَيْ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخَّرَ قَوْلُهُ: عَمْدًا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَوَدُ إلَخْ) فَلَوْ رَجَعَ الْمُرْتَدُّ الْجَانِي عَمْدًا عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِلْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: كَأَنْ هَرَبَ الْمُرْتَدُّ لِدَارِ الْحَرْبِ) تَشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ قَتَلَ حُرًّا مُسْلِمًا أَيْ وَبَقِيَ فِيهَا غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُمْ إنْ عَفَوْا الدِّيَةَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَمْدِ هُوَ هَلْ الْقَوَدُ فَقَطْ أَوْ التَّخَيُّرُ اهـ. فَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَمَا قَالَ بْن: إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّ هَذَا مَحَلُّ الْخِلَافِ وَأَمَّا لَوْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ بَعْدَ قَتْلِهِ حُرًّا مُسْلِمًا ثُمَّ أُسِرَ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ بِرِدَّتِهِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ، وَإِنْ أَسْلَمَ قُتِلَ قَوَدًا.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْقَذْفِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفِرْيَةِ الْقَذْفُ وَالْفِرْيَةُ فِي الْأَصْلِ الْكَذِبُ سُمِّيَ الْقَذْفُ فِرْيَةً؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ عِنْدَ الشَّارِعِ، وَإِنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ حَقًّا فِي نَفْسِهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا قَذَفَ شَخْصًا فِي بَلَدِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ رِدَّتِهِ أَوْ فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَدِّهِ لِلْقَذْفِ مُطْلَقًا عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَمْ لَا، فَإِنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ حُدَّ ثُمَّ قُتِلَ هَذَا إذَا لَمْ يَهْرُبْ لِبَلَدِ الْحَرْبِ بَلْ وَلَوْ هَرَبَ لَهَا ثُمَّ أُسِرَ وَأَمَّا إنْ قَذَفَهُ وَهُوَ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُسِرَ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ سَوَاءٌ أَسْلَمَ أَوْ لَمْ يُسْلِمْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ لِمَا يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مِنْ الْمَعَرَّةِ فَيُحَدُّ قَبْلَ قَتْلِهِ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ ارْتِدَادُ الْمَقْذُوفِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ عَنْ قَاذِفِهِ كَمَا فِي عج.
(قَوْلُهُ: هَرَبَ لِبَلَدِ الْحَرْبِ أَمْ لَمْ يَهْرُبْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا حُرٍّ مُسْلِمٍ وَالْمَعْنَى لَا إنْ جَنَى عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ، إلَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ، وَإِنْ هَرَبَ لِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ، إلَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ فَإِنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ إذَا أُسِرَ
(قَوْلُهُ: وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ.
(قَوْلُهُ: كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ) أَيْ أَرْشَ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجَانِي عَبْدًا كَافِرًا؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ بَابِ الدِّمَاءِ وتَقَدَّمَ أَنَّ عَلَى قَاتِلِهِ الْأَدَبَ وَالدِّيَةَ وَهِيَ ثُلُثُ خُمْسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ قَتْلِ الْإِمَامِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَابَ الْمُرْتَدُّ) أَيْ الْحُرُّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلِسَيِّدِهِ نَزْعُ