للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسْلِمْ، فَإِنْ أَدْخَلَ ضَرَرًا عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ أُدِّبَ مَا لَمْ يَقْتُلْ مِنْهُمْ أَحَدًا بِسِحْرِهِ وَإِلَّا قُتِلَ.

(وَأَسْقَطَتْ) الرِّدَّةُ (صَلَاةً وَصِيَامًا وَزَكَاةً) كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ فَلَا يُطْلَبُ بِهَا إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانَ فَعَلَهَا سَقَطَ ثَوَابُهَا وَلَا إعَادَةَ إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ وَقْتِهَا (و) أَسْقَطَتْ بِمَعْنَى أَبْطَلَتْ (حَجًّا تَقَدَّمَ) مِنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إذَا أَسْلَمَ لِبَقَاءِ وَقْتِهِ وَهُوَ الْعُمْرُ كَمَا لَوْ صَلَّى صَلَاةً فَارْتَدَّ ثُمَّ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِهَا (وَنَذْرًا وَكَفَّارَةً وَيَمِينًا بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَكَذَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ ارْتَدَّ وَكَذَا الْيَمِينُ بِالطَّلَاقِ كَإِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ فَعَلَهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ أَوْ تَوْبَتِهِ (وَ) أَسْقَطَتْ (إحْصَانًا وَوَصِيَّةً) بِمَعْنَى أَبْطَلَتْهُمَا وَيَنْبَغِي أَنْ تَقَيُّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ بِمَا إذْ الَمْ يَقْصِدْ بِالرِّدَّةِ إسْقَاطَهَا وَإِلَّا لَمْ تُسْقِطْ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ.

(لَا) تُسْقِطُ الرِّدَّةُ (طَلَاقًا) صَدَرَ مِنْهُ قَبْلَهَا فَلَا تَحِلُّ مَبْتُوتَةٌ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ زَمَنَ رِدَّتِهِ وَهَذَا مَا لَمْ تَرْتَدَّ مَعَهُ وَإِلَّا حَلَّتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا (وَ) لَا تُسْقِطُ (رِدَّةُ مُحَلِّلٍ) إحْلَالَهُ فَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَلَوْ قَالَ وَإِحْلَالُ مُحَلِّلٍ كَانَ أَوْضَحَ يَعْنِي إذَا ارْتَدَّ الْمُحَلِّلُ لِلْمَبْتُوتَةِ فَرِدَّتُهُ لَا تُبْطِلُ إحْلَالَهُ لَهَا بَلْ إحْلَالُهَا لِمَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا مُسْتَمِرٌّ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا سَوَاءٌ قُتِلَ مُحَلِّلُهَا بِرِدَّتِهِ أَوْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ) فَإِنَّهَا تُبْطِلُ تَحْلِيلَهَا لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا فَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ ثُمَّ ارْتَدَّتْ فَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ إذَا أَسْلَمَتْ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ لِأَنَّهَا أَبْطَلَتْ فِعْلَهَا فِي نَفْسِهَا وَهُوَ نِكَاحُهَا الَّذِي أَحَلَّهَا كَمَا أَبْطَلَتْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدْخَلَ ضَرَرًا عَلَى أَهْلِ الْكُفْرِ أُدِّبَ) أَيْ كَمَا يُؤَدَّبُ لَوْ سَحَرَ مُسْلِمًا وَلَمْ يُدْخِلْ عَلَيْهِ ضَرَرًا

(قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصَوْمًا وَزَكَاةً) أَيْ أَسْقَطَتْ قَضَاءَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَهَا قَبْلَهَا لِعَدَمِ مُطَالَبَتِهِ بِهَا حِينَئِذٍ وَأَسْقَطَتْ ثَوَابَهَا إنْ كَانَ فَعَلَهَا قَبْلَهَا لِبُطْلَانِهَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَحَجًّا) أَيْ فَرْضًا فَلَوْ ارْتَدَّ فِي إحْرَامِ نَفْلٍ لَأَفْسَدَهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ إذَا رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَبْطَلَتْ) أَيْ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الْإِسْقَاطَ فِي مَعْنَى عَدَمِ الْمُطَالَبَةِ وَفِي مَعْنَى الْإِبْطَالِ وَهَذَا الِاسْتِعْمَالُ الثَّانِي بِالنَّظَرِ لِلْحَجِّ وَالْإِحْصَانِ وَالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَنَذْرًا) أَيْ فَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ التَّصَدُّقُ بِدِينَارٍ ثُمَّ ارْتَدَّ سَقَطَ عَنْهُ النَّذْرُ فَلَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ.

(قَوْلُهُ: وَكَفَّارَةً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ كَفَّارَةَ صَوْمٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ) أَيْ بِأَنْ عَلَّقَ الْعِتْقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ الطَّلَاقَ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهَا) أَيْ بِالْمَذْكُورَاتِ مِنْ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ وَالْكَفَّارَةِ مُطْلَقًا فَإِذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالظِّهَارِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَتَسْقُطُ نَفْسُ الْيَمِينِ إنْ كَانَ لَمْ يَحْنَثْ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَكَفَّارَتُهُ إنْ حَنِثَ قَبْلَهَا وَظَاهِرُهُ سُقُوطُ الْيَمِينِ بِالْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى أَمْرٍ وَفَعَلَهُ زَمَنَ الرِّدَّةِ مُعَيَّنًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِحَمْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ لَهَا عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا يَسْقُطُ الْحَلِفُ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا يَسْقُطُ الظِّهَارُ تَشْبِيهٌ فِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ تَمْثِيلًا لَلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُعَلَّقٌ وَهَذَا مُنَجَّزٌ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ كَمَا قَالَ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ فَعَلَهُ بَعْدَ رِدَّتِهِ وَتَوْبَتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ فَعَلَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَقَدْ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَهِيَ لَا تُسْقِطُهُ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: وَأَسْقَطَتْ إحْصَانًا) أَيْ فَإِذَا عَقَدَ مُسْلِمٌ بَالِغٌ عَاقِلٌ عَلَى امْرَأَةٍ عَقْدًا صَحِيحًا وَوَطِئَهَا وَطْئًا مُبَاحًا ثُمَّ ارْتَدَّ فَقَدْ زَالَ إحْصَانُهُ فَإِذَا زَنَى فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَلَا يُرْجَمُ.

(قَوْلُهُ: وَوَصِيَّةً) أَيْ فَإِذَا أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَلَوْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ كَمَا فِي ح وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَحَلَّ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ إذَا مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ لَا إنْ عَادَ لِلْإِسْلَامِ وَأَقَرَّهُ بْن.

(قَوْلُهُ: أَنْ تُقَيَّدَ هَذِهِ الْأُمُورُ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْقَطَتْ صَلَاةً وَصَوْمًا إلَى هُنَا

(قَوْلُهُ: لَا طَلَاقًا) أَيْ ثَلَاثًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَا عِتْقًا حَصَلَا بِغَيْرِ تَعْلِيقٍ وَقَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ وَيَمِينًا بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَيْ أَوْ بِطَلَاقٍ فَفِيهِ احْتِبَاكٌ لَكِنْ بِتَعْلِيقٍ.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّ عِتْقَهُ الصَّادِرَ مِنْهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَا يَبْطُلُ بِهَا بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ كَانَ تَدْبِيرًا أَوْ مُنَجَّزًا أَوْ مُؤَجَّلًا عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَمِثْلُ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ بِهِمَا الْهِبَةُ وَالْوَقْفُ إذَا حِيزَا قَبْلَهَا عَادَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْحَوْزُ حَتَّى ارْتَدَّ وَقُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ بَطَلَا وَانْظُرْ لَوْ تَأَخَّرَ الْحَوْزُ بَعْدَهَا وَعَادَ لِلْإِسْلَامِ هَلْ يُحْكَمُ بِالْبُطْلَانِ أَوْ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا تَحِلُّ مَبْتُوتَةٌ) أَيْ بَتَّهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ زَمَنَ رِدَّتِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ دُخُولُ الزَّوْجِ بِهَا فِي زَمَنِ رِدَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَلَّتْ بَعْدَ إسْلَامِهَا) وَلَا يُتَوَقَّفُ حِلُّهَا عَلَى نِكَاحِهَا لِزَوْجٍ آخَرَ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ حَيْثُ قَالَ لَا تَحِلُّ، إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ وَلَوْ ارْتَدَّا مَعًا ثُمَّ عَادَا لِلْإِسْلَامِ وَوَجْهُ مَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الطَّلَاقَ نِسْبَةٌ بَيْنَهُمَا فَالزَّوْجُ مُطَلِّقٌ وَالزَّوْجَةُ مُطَلَّقَةٌ فَإِذَا ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا زَالَ وَصْفُهُ وَبَقِيَ عَلَى الْآخَرِ وَصْفُهُ، فَإِنْ ارْتَدَّا مَعًا زَالَ وَصْفُهُمَا مَعًا وَبَطَلَ بِالْمَرَّةِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِرِدَّتِهِمَا التَّحْلِيلَ، وَإِلَّا لَمْ تَحِلَّ اتِّفَاقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ فَتْوَى ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ رِدَّةِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا تُبْطِلُ تَحْلِيلَهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تُبْطِلُ وَصْفَ مَنْ تَلَبَّسَ بِهَا لَا وَصْفَ غَيْرُهُ، وَإِنْ نَشَأَ عَنْ وَصْفِ مَنْ تَلَبَّسَ بِهَا فَرِدَّةُ الزَّوْجِ إنَّمَا تُبْطِلُ إحْصَانَهُ لَا إحْصَانَهَا وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ وَرِدَّةُ الْمُحَلِّلِ إنَّمَا تُبْطِلُ وَصْفَهُ وَهُوَ كَوْنُهُ مُحَلِّلًا وَلَا تُبْطِلُ وَصْفَهَا وَهُوَ كَوْنُهَا مُحَلَّلَةً بِالْفَتْحِ، وَإِنْ كَانَ نَاشِئًا عَنْ وَصْفِهِ وَكَذَا الْعَكْسُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>