فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَيْهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجُوسِيَّ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ صَغِيرًا وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ كَانَ كَبِيرًا وَأَنَّ الْكِتَابِيَّ لَا يُجْبَرُ مُطْلَقًا اتِّفَاقًا فِي الْكَبِيرِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الصَّغِيرِ.
(وَالْمُتَنَصِّرُ) مَثَلًا (مِمَّنْ كَأَسِيرٍ) وَدَاخِلُ بَلَدِ الْحَرْبِ لِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا يُحْمَلُ (عَلَى التَّطَوُّعِ) فَلَهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ) عَلَى الْكُفْرِ، فَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَيَرِثُ وَيُورَثُ.
(وَإِنْ) (سَبَّ) مُكَلَّفٌ (نَبِيًّا أَوْ مَلَكًا) مُجْمَعًا عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكِيَّتِهِ (أَوْ عَرَّضَ) بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِهِ إمَّا أَنَا أَوْ فُلَانٌ فَلَسْت بِزَانٍ أَوْ سَاحِرٍ (أَوْ لَعَنَهُ أَوْ عَابَهُ) أَيْ نَسَبَهُ لِعَيْبٍ (أَوْ قَذَفَهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِحَقِّهِ) كَأَنْ قَالَ: لَا أُبَالِي بِأَمْرِهِ وَلَا نَهْيِهِ أَوْ وَلَوْ جَاءَنِي مَا قَبِلْته (أَوْ غَيْرِ) صِفَتِهِ كَأَسْوَدَ أَوْ قَصِيرٍ (أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا، وَإِنْ فِي بَدَنِهِ) كَأَعْوَرَ أَوْ أَعْرَجَ (أَوْ خَصْلَتِهِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شِيمَتِهِ وَطَبِيعَتِهِ كَبَخِيلٍ (أَوْ غَضَّ) أَيْ نَقَّصَ (مِنْ مَرْتَبَتِهِ) الْعَلِيَّةِ (أَوْ) مِنْ (وَفَوْرِ عِلْمِهِ أَوْ زُهْدِهِ أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ) كَعَدَمِ التَّبْلِيغِ (أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ) بِخِلَافِ تَرَبَّى يَتِيمًا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ كَالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ الْمُنْفَرِدَةِ عَنْ أَجْنَاسِهَا أَوْ رَعَى الْغَنَمَ لِيُعَلِّمَهُ اللَّهُ كَيْفَ يَسُوسُ النَّاسَ (أَوْ) (قِيلَ لَهُ بِحَقِّ رَسُولِ اللَّهِ) لَا تَفْعَلْ كَذَا أَوْ افْعَلْهُ (فَلَعَنَ وَقَالَ أَرَدْت) بِلَعْنِي (الْعَقْرَبَ) لِأَنَّهَا مُرْسَلَةٌ لِمَنْ تَلْدَغُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: (قُتِلَ وَلَمْ يُسْتَتَبْ) أَيْ بِلَا طَلَبٍ أَوْ بِلَا قَبُولِ تَوْبَةٍ مِنْهُ (حَدًّا) إنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ كُفْرًا وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ يُغْنِي بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ وَلَكِنْ مُرَادُهُ التَّنْصِيصُ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي نَصُّوا عَلَيْهَا (إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ) فَلَا يُقْتَلُ أَيْ أَنَّ السَّابَّ يُقْتَلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَيْ يُجْبِرُهُ مَالِكُهُ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ كَانَ كَبِيرًا) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ الْمَجُوسِيِّ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الرَّاجِحِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى التَّطَوُّعِ) أَيْ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْإِكْرَاهُ خِلَافُهُ وَقَوْلُهُ: فَلَهُ حُكْمُ الْمُرْتَدِّ أَيْ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَمَالُهُ الَّذِي عِنْدَنَا يَكُونُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَثْبُتْ إكْرَاهُهُ عَلَى الْكُفْرِ أَيْ بِأَنْ جُهِلَ الْحَالُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ سَبَّ إلَخْ) السَّبُّ هُوَ الشَّتْمُ وَهُوَ كُلُّ كَلَامٍ قَبِيحٍ وَحِينَئِذٍ فَالْقَذْفُ وَالِاسْتِخْفَافُ بِحَقِّهِ وَإِلْحَاقُ النَّقْصِ بِهِ كُلُّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي السَّبِّ وَمُكَرَّرٌ مَعَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلُهُ: مُكَلَّفٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَاحْتُرِزَ بِالْمُكَلَّفِ عَنْ الْمَجْنُونِ وَعَنْ الصَّغِيرِ الْغَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُقْتَلَانِ بِسَبَبِ السَّبِّ وَكَذَا إنْ كَانَ الصَّغِيرُ مُمَيِّزًا حَيْثُ تَابَ بَعْدَ بُلُوغِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّضَ) أَيْ قَالَ قَوْلًا وَهُوَ يُرِيدُ خِلَافَهُ اعْتِمَادًا عَلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ فِي الِانْتِقَالِ لِلْمُرَادِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَ عِنْدَ ذِكْرِهِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ شَخْصٌ النَّبِيُّ أَمَرَ بِكَذَا فَقَالَ دَعْنِي مَا أَنَا بِسَاحِرٍ وَلَا كَاذِبٍ (قَوْلُهُ: أَيْ نَسَبَهُ لِعَيْبٍ) الْعَيْبُ خِلَافُ الْمُسْتَحْسَنِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَوْ عَقْلًا، وَقَوْلُهُ: أَيْ نَسَبَهُ لِعَيْبٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي خَلْقِهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ أَسْوَدُ أَوْ أَعْوَرُ أَوْ فِي خُلُقِهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ أَحْمَقُ أَوْ جَبَانٌ أَوْ بَخِيلٌ أَوْ فِي دِينِهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ قَلِيلُ الدِّينِ تَارِكُ الصَّلَاةِ مَانِعُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَذَفَهُ) أَيْ نَسَبَهُ لِلزِّنَا أَوْ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ بِأَنْ قَالَ إنَّهُ زَانٍ أَوْ ابْنُ زِنًا. (قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ) أَيْ لِمَنْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ أَمَرَك بِكَذَا أَوْ نَهَاك عَنْ كَذَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ صِفَتِهِ) الضَّمِيرُ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ نَبِيٍّ أَوْ مَلَكٍ. (قَوْلُهُ: كَأَسْوَدَ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ النَّبِيُّ فُلَانٌ كَانَ أَسْوَدَ أَوْ كَانَ قَصِيرًا جِدًّا أَوْ جِبْرِيلُ كَانَ يَنْزِلُ عَلَى الْمُصْطَفَى فِي صِفَةِ عَبْدٍ أَسْوَدَ أَوْ فِي صِفَةِ شَخْصٍ قَصِيرٍ جِدًّا (قَوْلُهُ: أَوْ أَلْحَقَ بِهِ نَقْصًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ النَّقْصُ الَّذِي أَلْحَقَ بِهِ فِي دِينِهِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ بَلْ وَإِنْ كَانَ فِي بَدَنِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ تَرَبَّى يَتِيمًا أَوْ مِسْكِينًا أَوْ كَانَ خَادِمًا عِنْدَ النَّاسِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وُفُورِ عِلْمِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ عَلَى غَايَةٍ مِنْ الْعِلْمِ أَوْ الزُّهْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَضَافَ لَهُ) أَيْ نَسَبَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ وَعَبَّرَ أَوَّلًا بِأَضَافَ وَثَانِيًا بِنَسَبٍ تَفَنُّنًا وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ نَسَبَ إلَيْهِ وَقَالَ أَوْ أَضَافَ إلَيْهِ مَا لَا يَجُوزُ أَوْ مَا لَا يَلِيقُ بِمَنْصِبِهِ أَيْ كَالطَّمَعِ فِي الدُّنْيَا وَعَدَمِ الزُّهْدِ فِيهَا وَالطَّفَالَةِ وَشَرَاهَةِ النَّفْسِ كَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ) رَجَّعَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَهِيَ أَوْ غَضَّ مِنْ مَرْتَبَتِهِ أَوْ أَضَافَ لَهُ مَا لَا يَجُوزُ أَوْ نَسَبَ لَهُ مَا لَا يَلِيقُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ بَلْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ بِأَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ لِجَهْلٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ تَهَوُّرٍ فِي الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْ مَفْهُومَ غَيْرِ الشَّرْطِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَمَّهُ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ تَرَبَّى إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ تَرَبَّى يَتِيمًا لِلْإِشَارَةِ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ تَرَبَّى يَتِيمًا فَقَطْ فَهَذَا يُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي تَرَبَّى يَتِيمًا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّهُ كَالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ، فَقَدْ صَرَّحَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ السَّيِّدُ مُحَمَّدٌ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي مِسْكِينٍ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْمُرَادِ فِي حَدِيثِ: «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَأَمِتْنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ» . وَالْمُرَادُ بِالْمَسَاكِينِ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَوَاضِعُونَ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ:) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَرَدْتُ الْعَقْرَبَ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ لِظُهُورِ لُحُوقِ السَّبِّ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِلَا قَبُولِ تَوْبَةٍ) أَيْ إذَا حَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ بِأَنْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَابَ) أَيْ وَأَنْكَرَ مَا شَهِدَتْ بِهِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ فَلَا يُقْتَلُ)