للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ تَابَ.

(أَوْ) (لَعَنَ الْعَرَبَ أَوْ بَنِي هَاشِمٍ وَقَالَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَرَدْت الظَّالِمِينَ) مِنْهُمْ فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُ إلَخْ قُتِلَ وَقِيلَ قَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيُؤَدَّبُ مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مَا ذَكَرَ وَعُزِيَ لِلنَّوَادِرِ (وَشُدِّدَ عَلَيْهِ) بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ وَالْقُيُودِ وَلَمْ يُقْتَلْ (فِي) قَوْلِهِ (كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ) أَيْ خَانٍ (قَرْنَانُ) مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَالنُّونِ (وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا) فَلَوْ لَمْ يَقُلْ وَلَوْ كَانَ نَبِيًّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(وَ) شُدِّدَ عَلَيْهِ أَيْضًا (فِي) نِسْبَةِ شَيْءٍ (قَبِيحٍ) مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (لِأَحَدِ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) (مَعَ الْعِلْمِ بِهِ) وَذُرِّيَّتُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - انْحَصَرَتْ فِي أَوْلَادِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَأَمَّا آلُ الْبَيْتِ مِنْ غَيْرِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِهِمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ (كَأَنْ انْتَسَبَ لَهُ) أَيْ لِلنَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِغَيْرِ حَقٍّ بِالْقَوْلِ أَوْ بِفِعْلٍ كَأَنْ يَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ خَضْرَاءَ (أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ:) الِانْتِسَابَ كَأَنْ يَقُولَ مُعَرِّضًا بِنَفْسِهِ مِنْ أَشْرَفِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَالَ لِمَنْ آذَاهُ أَنْت شَأْنُك تُؤْذِي آلَ الْبَيْتِ (أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ) بِالسَّبِّ (عَدْلٌ) فَقَطْ (أَوْ لَفِيفٌ) مِنْ النَّاسِ أَيْ غَيْرِ مَقْبُولِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ (فَعُلِّقَ) بِسَبَبِ ذَلِكَ (عَنْ الْقَتْلِ) أَيْ لَمْ يُقْتَلْ لِعَدَمِ تَمَامِ الشَّهَادَةِ بِمَنْ ذُكِرَ فَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَبِ.

(أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ) كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ وَخَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الَّذِي قِيلَ فِيهِ: إنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ (أَوْ) سَبَّ (صَحَابِيًّا) إلَّا عَائِشَةَ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ بِهِ فَيُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ (وَسَبُّ اللَّهِ كَذَلِكَ) أَيْ كَسَبِّ النَّبِيِّ صَرِيحُهُ كَصَرِيحِهِ وَمُحْتَمَلُهُ كَمُحْتَمَلِهِ فَيُقْتَلُ فِي الصَّرِيحِ وَيُؤَدَّبُ فِي الْمُحْتَمَلِ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ كَانَ السَّابُّ ذِمِّيًّا قُتِلَ مَا لَمْ يُسْلِمْ.

(وَفِي) (اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ) أَيْ هَلْ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ أَوْ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ كَسَبِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (خِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ الِاسْتِتَابَةُ وَقَوْلُهُ: (كَمَنْ) (قَالَ) مُتَضَجِّرًا (لَقِيت فِي مَرَضِي مَا) أَيْ مَرَضًا (لَوْ قَتَلْت أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

عُلِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاسْتِشْهَادِ وَالتَّشْبِيهِ لَهُ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ إمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ رَفْعَ نَفْسِهِ وَدَفْعَ النَّقْصِ عَنْهَا وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ التَّأَسِّي وَالتَّسَلِّيَ وَإِمَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ التَّنْقِيصَ فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى يُؤَدَّبُ وَيُسْجَنُ وَفِي الثَّانِيَةِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَفِي الثَّالِثَةِ يُقْتَلُ وَبَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي كَمَا فِي عبق أَنْ يُحْمَلَ عَلَى قَصْدِ تَرَفُّعِ نَفْسِهِ فَيُؤَدَّبُ كَمَا أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةٍ أَوْ عُيِّرَ بِالْفَقْرِ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُ إلَخْ قُتِلَ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قُتِلَ كَذَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَالشِّفَاءِ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ يَكُونُ مُرْتَدًّا وَلَمْ يُدَعِّمْهُ بِنَقْلٍ.

(قَوْلُهُ: قَرْنَانُ) أَيْ مُعَرَّصٌ لِأَنَّهُ يَقْرُنُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: فِي نِسْبَةِ شَيْءٍ قَبِيحٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا نَسَبَهُ لِلتَّعْرِيصِ أَوْ لِلْعَوَانَةِ عِنْدَ الظَّلَمَةِ أَوْ لِلْكَذِبِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِلْمِ بِهِ) أَيْ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: بِالْقَوْلِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَنَا شَرِيفٌ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَتَعَمَّمَ بِعِمَامَةٍ خَضْرَاءَ) فَإِذَا تَعَمَّمَ بِهَا غَيْرُ شَرِيفٍ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَاعْلَمْ أَنَّ لُبْسَ الْعِمَامَةِ الْخَضْرَاءِ فِي الْأَصْلِ لِمَنْ كَانَ شَرِيفًا مِنْ أَبِيهِ وَقَدْ قَصَرَهَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ الْأَشْرَفُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ هُوَ شَرِيفٌ مِنْ أُمِّهِ لُبْسُهَا وَأُدِّبَ، إلَّا أَنَّ الْعُرْفَ الْآنَ قَدْ جَرَى بِلُبْسِهِ لَهَا وَعَمَّتْ الْبَلْوَى بِذَلِكَ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ لُبْسُهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: الِانْتِسَابَ) أَيْ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْلُهُ: كَأَنْ يَقُولَ إلَخْ أَيْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ شَرِيفٌ وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ مُحْتَمَلًا لَا صَرِيحًا فِي الِانْتِسَابِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الْقَائِلِ هَضْمَ نَفْسِهِ وَأَنَّ ذُرِّيَّتَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ مَزِيدُ الشَّرَفِ وَلَمْ يَقْصِدْ الِانْتِسَابَ لَهُ

(قَوْلُهُ: أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ) مِثْلُهُ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى مِلْكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ وَأَمَّا قَوْلُ الْقَرَافِيِّ يُقْتَلُ سَابُّهُمَا وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي عبق.

(قَوْلُهُ: وَخَالِدُ بْنُ سِنَانٍ) الرَّاجِحُ نُبُوَّتُهُ وَكَذَلِكَ الْخَضِرُ وَأَمَّا لُقْمَانُ وَمَرْيَمُ فَالرَّاجِحُ عَدَمُ نُبُوَّتِهِمَا كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ) هُوَ اسْمُ بِئْرٍ كَانُوا قُعُودًا حَوْلَهَا فَانْهَارَتْ بِهِمْ وَبِمَنَازِلِهِمْ وَقَوْلُهُ: الَّذِي قِيلَ فِيهِ أَنَّهُ نَبِيُّ أَهْلِ الرَّسِّ أَيْ وَقِيلَ إنَّ نَبِيَّهُمْ شُعَيْبٌ وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ فَكَانَ نَبِيًّا غَيْرَ رَسُولٍ بَيْنَ عِيسَى وَسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَبَّ صَحَابِيًّا) قَالَ عج أَيْ جِنْسَهُ فَيَشْمَلُ سَبَّ الْكُلِّ وَمِثْلُ السَّبِّ تَكْفِيرُ بَعْضِهِمْ وَلَوْ مِنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ بَلْ كَلَامُ السُّيُوطِيّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ لِمُسَمًّى بِالْإِكْمَالِ يُفِيدُ عَدَمَ كُفْرِ مَنْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ وَأَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ فَيُؤَدَّبُ فَقَطْ خِلَافًا لِقَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يَرْتَدُّ، وَأَمَّا مَنْ كَفَّرَ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ كَمَا فِي الشَّامِلِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَكَذَّبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ بِهِ) أَيْ مِنْهُ وَهُوَ الزِّنَا وَقَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ أَيْ فَإِذَا سَبَّهَا بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ زَنَتْ فَيُقْتَلُ لِرِدَّتِهِ لِتَكْذِيبِهِ لِلْقُرْآنِ وَأَمَّا لَوْ سَبَّهَا بِغَيْرِ مَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ التَّشْبِيهِ أَيْ وَسَبُّ اللَّهِ كَسَبِّ النَّبِيِّ صَرِيحُهُ كَصَرِيحِهِ وَمُحْتَمَلُهُ كَمُحْتَمَلِهِ، إلَّا أَنَّ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ السَّابِّ لَهُ صَرِيحًا وَعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ قَبُولُهَا (قَوْلُهُ: كَمَنْ قَالَ لَقِيت إلَخْ) مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَمَا قَالَ بَعْضٌ مَا لَوْ قَالَ لَوْ بَلِيَ نَبِيٌّ بِهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>