للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا فِي الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِمَا مِنْ السَّبِّ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ دَرْجُ الثَّلَاثَةِ فِي مَسَائِلِ السَّبِّ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعًا لَهُمَا وَقَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِلثَّانِي إلَّا أَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ.

(وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا) أَيْ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ (فِي) قَوْلِ ظَالِمٍ كَعَشَّارٍ طَلَبَ أَخْذَ شَيْءٍ ظُلْمًا فَقَالَ لَهُ الْمَظْلُومُ إنْ أَخَذْت مِنِّي شَكَوْتُك لِلنَّبِيِّ (أَدِّ وَاشْكُ لِلنَّبِيِّ) وَلَا يُقْتَلُ بِخِلَافِ لَوْ قَالَ: إنْ سَأَلْت أَوْ جَهِلْت فَقَدْ سَأَلَ النَّبِيُّ أَوْ جَهِلَ أَوْ قَالَ لَا أُبَالِي بِالنَّبِيِّ فَيُقْتَلُ (أَوْ) قَوْلِهِ (لَوْ سَبَّنِي مَلَكٌ) أَوْ نَبِيٌّ (لَسَبَبْته) فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ سَبٌّ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَقَعْ (أَوْ) قَوْلُهُ: (يَا ابْنَ أَلْفِ كَلْبٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَ نَبِيٍّ فِي نَسَبِهِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ لَا يَخْلُو مِنْ دُخُولِ نَبِيٍّ (أَوْ عَيَّرَ بِالْفَقْرِ فَقَالَ) لِمَنْ عَيَّرَهُ بِهِ (تُعَيِّرُنِي بِهِ وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ) مَا لَمْ يَقُلْهُ تَنْقِيصًا وَإِلَّا قُتِلَ (أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ كَأَنَّهُ وَجْهٌ مُنْكَرٌ أَوْ مَالِكٌ) خَازِنُ النَّارِ فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا؛ لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى التَّحْقِيرِ لِمُخَاطِبِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِسَبِّ الْمَلَكِ وَكَذَا دَخَلَ عَلَيْنَا كَأَنَّهُ عِزْرَائِيلُ (أَوْ اسْتَشْهَدَ بِبَعْضِ) شَيْءٍ (جَائِرٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي الدُّنْيَا) مِنْ حَيْثُ النَّوْعُ الْبَشَرِيُّ حَالَ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ (حُجَّةً لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْقَائِلِ (أَوْ لِغَيْرِهِ) وَلَمْ يُرِدْ تَنْقِيصًا وَلَا عَيْبًا وَلَا تَأَسِّيًا بَلْ لِيَرْفَعَ نَفْسَهُ مِنْ لُحُوقِ النَّقْصِ كَقَوْلِهِ: إنْ قِيلَ فِي الْمَكْرُوهِ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ أَوْ إنْ أَحْبَبْت النِّسَاءَ فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ يُحِبُّهُنَّ (أَوْ) (شَبَّهَ) نَفْسَهُ بِالنَّبِيِّ (لِنَقْصٍ لَحِقَهُ لَا عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ التَّسَلِّي بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (كَأَنْ كُذِّبْت فَقَدْ كُذِّبُوا) أَوْ إنْ أُوذِيت فَقَدْ أُوذُوا أَوْ لَأَصْبِرَنَّ عَلَى كَذَا كَمَا صَبَرُوا وَمَسْأَلَةُ الْحُجَّةِ وَمَسْأَلَةُ التَّشْبِيهِ يَرْجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِحْدَاهُمَا تُغْنِي عَنْ الْأُخْرَى وَلَكِنَّهُ أَرَادَ بَيَانَ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ أُدِّبَ بِالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّأَسِّي فَلَا أَدَبَ أَوْ أَرَادَ التَّنْقِيصَ قُتِلَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ تَنَبَّأَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: هُزِمَ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.

(قَوْلُهُ: رَاجِعًا لَهُمَا) أَيْ لِقَوْلِهِ أَوْ أَعْلَنَ بِتَكْذِيبِهِ أَوْ تَنَبَّأَ

(قَوْلُهُ: أَدِّ) أَيْ إلَى الْعَشَرَةِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ قَالَ) أَيْ الْعَشَّارُ زِيَادَةً عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.

(قَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ تَوْبَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ لِأَجْلِ مَا زَادَهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَوْلُهُ:) أَيْ الْقَائِلِ.

(قَوْلُهُ: فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَلَا يُقْتَلُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ سَبٌّ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَقَعْ) يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ لَوْ جِئْتنِي بِالنَّبِيِّ عَلَى كَتِفِك مَا قَبِلْتُك أَنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ دُونَ قَوْلِهِ لَسَبَبْته فِي إيهَامِ التَّنْقِيصِ فَإِذَا كَانَ لَا يُقْتَلُ فِيمَا هُوَ أَشَدُّ فِي إيهَامِ التَّنْقِيصِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَا يُقْتَلُ فِيمَا هُوَ دُونَهُ فِي إيهَامِ التَّنْقِيصِ نَعَمْ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ التَّنْقِيصِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَوْ جِئْتنِي بِالنَّبِيِّ عَلَى كَتِفِك مَا قَبِلْته فَالظَّاهِرُ تَعَيُّنُ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ فِيهِ تَنْقِيصٌ، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ اُنْظُرْ عبق.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ دُخُولَ نَبِيٍّ فِي نَسَبِهِ) أَيْ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ الدُّخُولَ كَانَ سَابًّا فَيُقْتَلُ وَلَا تُقْبَلُ لَهُ تَوْبَةٌ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَلْ مَعَ عَدَمِ قَصْدِهِ مَعَ أَنَّ لَفْظَهُ لَا يَخْلُو مِنْ دُخُولِ نَبِيٍّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ الْمُبَالَغَةَ وَالْكَثْرَةَ لَا حَقِيقَةَ الْأَلْفِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَعَنَ اللَّهُ آبَاءَك إلَى آدَمَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ كَمَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ شَاسٍ؛ لِأَنَّ فِي آبَائِهِ نَبِيًّا وَهُوَ نُوحٌ إذْ هُوَ أَبٌ لِمَنْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَعْتَبِرُوا إرَادَةَ التَّخْصِيصِ فِي هَذَا الْفَرْعِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ الْأَمِيرِ عَلَى عبق.

(قَوْلُهُ: فَقَالَ لِمَنْ عَيَّرَهُ بِهِ) أَيْ قَالَ لَهُ بِقَصْدِ رَفْعِ نَفْسِهِ وَدَفْعِ النَّقْصِ عَنْهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَصْدٌ أَصْلًا وَأَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ بِقَصْدِ التَّنْقِيصِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَالنَّبِيُّ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ) أَيْ وَشَأْنُ رَعْيِ الْغَنَمِ الْفَقْرُ وَمِثْلُ قَدْ رَعَى الْغَنَمَ قَدْ رَعَى بِدُونِ ذِكْرِ الْغَنَمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقُلْهُ تَنْقِيصًا، وَإِلَّا قُتِلَ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ كَمَا لَوْ قَالَ يَتِيمُ أَبِي طَالِبٍ أَوْ وُلِدَ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَإِنَّمَا قُتِلَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ كَذَلِكَ أَيْ وُلِدَ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ لِمَا فِي هَذَا اللَّفْظِ مِنْ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّهِ قَالَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ وِلَادَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ وِلَادَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ السُّرَّةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِغَضْبَانَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إذَا قَالَ لِقَوْمٍ جَبَّارِينَ كَأَنَّهُمْ الزَّبَانِيَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ جَرَى مَجْرَى التَّحْقِيرِ لِمُخَاطِبِهِ) أَيْ بِتَهْوِيلِ أَمْرِهِ بِغَضَبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِسَبِّ الْمَلَكِ) أَيْ وَإِنَّمَا السَّبُّ الْوَاقِعُ عَلَى الْمُخَاطَبِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَشْهَدَ) أَيْ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ بِبَعْضٍ جَائِزٍ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا تَأَسِّيًا) أَيْ تَسَلِّيًا (قَوْلُهُ: لَا عَلَى التَّأَسِّي) أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ التَّأَسِّي بَلْ لِرَفْعِ نَفْسِهِ مِنْ لُحُوقِ النَّقْصِ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ كَذَبُوا) أَيْ الْأَنْبِيَاءُ وَكَقَوْلِهِ كَيْفَ أَسْلَمُ مِنْ أَلْسِنَةِ النَّاسِ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْهُمْ أَنْبِيَاءُ اللَّهِ وَرُسُلُهُ أَوْ إنْ قِيلَ فِي الْمَكْرُوهُ فَقَدْ قِيلَ فِي النَّبِيِّ الْمَكْرُوهُ أَوْ أَنَا فِي قَوْمِي غَرِيبٌ كَصَالِحٍ أَوْ أَنَا صَبَرْت عَلَى الْبَلَاءِ كَأَيُّوبَ.

(قَوْلُهُ: وَمَسْأَلَةُ الْحُجَّةِ) أَيْ وَمَسْأَلَةُ الِاسْتِشْهَادِ لِلْحُجَّةِ وَمَسْأَلَةُ التَّشْبِيهِ يَرْجِعَانِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ أَرَادَ إلَخْ) الْأَوْلَى فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ إلَى الِاحْتِجَاجِ يَكُونُ عَلَى خَصْمٍ مَثَلًا وَالتَّشْبِيهُ أَعَمُّ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: أُدِّبَ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَيُسْجَنُ أَيْضًا كَمَا فِي الشِّفَاءِ وَهَذَا إذَا أَرَادَ رِفْعَةَ نَفْسِهِ وَدَفْعَ النَّقْصِ عَنْهُ لَا تَنْقِيصَ النَّبِيِّ وَلَا التَّأَسِّي.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ التَّنْقِيصَ قُتِلَ) قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>