أَيْ حَسَنُ الصَّوْتِ مُرْتَفِعُهُ (مُرْتَفِعٌ) بِمَكَانٍ عَالٍ إنْ أَمْكَنَ (قَائِمٌ) وَكُرِهَ الْجُلُوسُ (إلَّا لِعُذْرٍ) مِنْ مَرَضٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا لَكِنْ قَالَ فِيهَا فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ (مُسْتَقْبِلٌ إلَّا لِإِسْمَاعٍ) فَيَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ وَلَوْ بِبَدَنِهِ (وَ) نُدِبَ (حِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ) بِأَنْ يَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا فَلَا يَحْكِي فَإِنْ سَمِعَ الْبَعْضُ اقْتَصَرَ فِي الْحِكَايَةِ عَلَى مَا سَمِعَ (لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ) فَلَا يَحْكِي الْحَيْعَلَتَيْنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا ثَوَابَ وَلَا عِقَابَ فِي فِعْلِهِ قُلْت فَائِدَتُهَا أَنَّ مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ يَكُونُ الثَّوَابُ فِي تَرْكِهِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّوَابِ فِي تَرْكِ مَا لَمْ تَشْتَدَّ كَرَاهَةُ فِعْلِهِ أَوْ أَنَّ الْمُعَاتَبَةَ عَلَى مَا اشْتَدَّتْ كَرَاهَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْمُعَاتَبَةِ عَلَى مَا دُونَهُ فِي الْكَرَاهَةِ وَالْمُرَادُ الْمُعَاتَبَةُ فِي الدُّنْيَا بِحَسَبِ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدٍ الصَّغِيرِ وَاسْتَظْهَرَ هُوَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُعَاتَبَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ إرَادَةِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ حَسَنُ الصَّوْتِ) أَيْ وَكُرِهَ غَلِيظُهُ (قَوْلُهُ: مُرْتَفِعُهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَطْرِيبٍ وَإِلَّا كُرِهَ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ وَالْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا مَا لَمْ يُتَفَاحَشْ التَّطْرِيبُ وَالْإِحْرَامُ كَذَا قَالُوا وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ بِالْحُرْمَةِ الْبُطْلَانُ وَإِلَّا فَالْأَذَانُ مِنْ أَصْلِهِ سُنَّةٌ أَوْ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِخْفَافُ بِالسُّنَّةِ تَأَمَّلْ وَيَرْجِعُ فِي تَفَاحُشِهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الَّذِينَ لَا تَلْتَبِسُ عَلَيْهِمْ الْأُمُورُ. وَالتَّطْرِيبُ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ وَتَرْعِيدُهُ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بَعْضُ الْمُؤَذِّنِينَ بِمِصْرَ ثُمَّ إنَّ تَفْسِيرَ الشَّارِحِ الصَّيِّتَ بِأَمْرَيْنِ الْحُسْنِ وَالِارْتِفَاعِ تَبِعَ فِيهِ عبق وخش قَصَرَهُ عَلَى الِارْتِفَاعِ وَجَعَلَ الْحُسْنَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِمَكَانٍ) أَيْ عَلَى مَكَان عَالٍ عُلُوًّا ظَاهِرًا كَمِئْذَنَةٍ أَوْ سَقْفٍ كَانَ سَقْفَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ عَلَى حَائِطٍ كَانَ حَائِطَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ عَلَى دَابَّةٍ لَا نَحْوِ مِصْطَبَةٍ فَلَا يَكْفِي فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ الْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا) أَيْ ظَاهِرُهُ جَوَازُ الْجُلُوسِ لِعُذْرٍ مُطْلَقًا أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِيهَا إلَخْ) لَفْظُهَا قَالَ مَالِكٌ يُكْرَهُ أَذَانُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِلنَّاسِ (قَوْلُهُ: مُسْتَقْبِلٌ) أَيْ لِلْقِبْلَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا لِإِسْمَاعِ أَيْ فَإِنَّهُ يَدُورُ حَوْلَ الْمَنَارِ وَيُؤَذِّنُ كَيْفَ تَيَسَّرَ وَلَوْ أَدَّى لِاسْتِدْبَارِهِ الْقِبْلَةَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَظَاهِرُهَا كَالْمُصَنِّفِ جَوَازُ الدَّوْرَانِ حَالَةَ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ لَا يَدُورُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْكَلِمَةِ وَقِيلَ إنْ كَانَ الدَّوَرَانُ لَا يَنْقُصُ مِنْ صَوْتِهِ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي وَرَابِعُهَا لَا يَدُورُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالْأَوْلَى أَنْ يَبْتَدِئَ الْأَذَانَ لِلْقِبْلَةِ وَابْتِدَاؤُهُ لِغَيْرِهَا خِلَافُ الْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ) أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةٍ كَأَنْ يَسْمَعَ الْحَاكِي لِلْأَذَانِ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ السَّامِعِ لَا تُنْدَبُ لَهُ الْحِكَايَةُ وَإِنْ أَخْبَرَ بِالْأَذَانِ أَوْ رَأَى الْمُؤَذِّنَ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَلَوْ كَانَ عَدِمَ سَمَاعَهُ لِعَارِضٍ كَصَمَمٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لِسَامِعِهِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْكِي أَذَانَ نَفْسِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَحْكِيهِ لِأَنَّهُ سَمِعَ نَفْسَهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ لِآخِرِ الْأَذَانِ يَحْكِيهِ إنْ شَاءَ اهـ فَلَا يَحْكِي أَذَانَ نَفْسِهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ وَإِنَّمَا يَحْكِيهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَهَلْ يَحْكِي الْمُؤَذِّنُ أَذَانَ مُؤَذِّنٍ آخَرَ سَمِعَهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ وَأَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَكْرِيرَ الْحِكَايَةِ وَقِيلَ تَكْفِيهِ حِكَايَةُ الْأَوَّلِ وَيُجْزِي عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُتَرَدِّدِينَ بِالْحَطَبِ لِمَكَّةَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ الْأَذَانُ مَكْرُوهًا كَمَا لَوْ كَانَ الْأَذَانُ لِفَائِتَةٍ أَوْ لِجِنَازَةٍ أَوْ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ أَوْ كَانَ فِيهِ تَطْرِيبٌ كَأَذَانِ مِصْرَ كَمَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مُحَرَّمًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ سَمِعَ الْبَعْضَ اقْتَصَرَ فِي الْحِكَايَةِ عَلَى مَا سَمِعَ) تَبِعَهُ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَحْكِي الْأَذَانَ كُلَّهُ كَمَا يُفِيدُهُ خَبَرُ إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ إذْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا سَمِعْتُمْ وَلَوْ الْبَعْضَ خُصُوصًا وَقَدْ قَالَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا قَالَ (قَوْلُهُ: لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ) أَيْ فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute