للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ إنْ أَصَابَ) أَيْ وَطِئَ (بَعْدَهُنَّ) أَيْ بَعْدَ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهَا (بِنِكَاحٍ) مُتَعَلِّقٍ بِأَصَابَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بِسَبَبِ عَقْدٍ (لَازِمٍ) ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فَخَرَجَ مَنْ أَصَابَ بِمِلْكٍ أَوْ زِنًا وَخَرَجَ نِكَاحٌ غَيْرُ لَازِمٍ كَنِكَاحِ عَبْدٍ حُرَّةً بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَعِيبٍ وَفَاسِدٍ يُفْسَخُ أَبَدًا أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَفَسْخٍ قَبْلَ الطُّولِ (صَحَّ) أَيْ حَلَّ الْوَطْءُ خَرَجَ مَا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ عَقْدٍ لَازِمٍ وَهِيَ حَائِضٌ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا فَإِذَا زَنَى بَعْدَ جَلْدِهِ وَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِمَا ذَكَرَهُ لِشُرُوطِ الْإِحْصَانِ الْعَشَرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ إلَخْ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِهِ الِانْتِشَارُ وَعَدَمُ الْمُنَاكَرَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ بِانْتِشَارٍ بِلَا مُنَاكَرَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ الْإِحْصَانِ عَشَرَةٌ إذَا تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا لَمْ يُرْجَمْ وَهِيَ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ وَحُرِّيَّةٌ وَإِسْلَامٌ وَإِصَابَةٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ وَوَطْءٌ مُبَاحٌ بِانْتِشَارٍ وَعَدَمِ مُنَاكَرَةٍ (بِحِجَارَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجْمٍ (مُعْتَدِلَةٍ) بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (وَلَمْ يَعْرِفْ) الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ) بِالرَّجْمِ (ثُمَّ) مِنْ بَعْدِهِمْ (الْإِمَامُ) أَيْ الْحَاكِمُ ثُمَّ النَّاسُ عَقِبَهُ وَالْحَدِيثُ الدَّالُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَمَسَّك بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ (كَلَائِطٍ) وَمَلُوطٍ بِهِ فَيُرْجَمَانِ (مُطْلَقًا) أَحْصَنَا أَمْ لَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ يَرْجُمُهُ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْجَمَ نَفْسَهُ لِأَنَّ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْقَتْلِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ بَلْ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُقِرَّ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ غَيْرُ الْحُرِّيَّةِ فِي تَعْرِيفِ الزِّنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ إنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ وَقَوْلُهُ: يُرْجَمُ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ قِرَاءَتَهُ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ بَابِ الزِّنَا وَهِيَ لِلْمُصَاحِبَةِ أَيْ الزِّنَا مَصْحُوبٌ بِرَجْمِ الْمُكَلَّفِ وَجَلْدِ الْبِكْرِ وَتَغْرِيبِ الْحُرِّ الذَّكَرِ أَيْ هَذَا الْحُكْمُ مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَطِئَ) أَيْ إنْ حَصَلَ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا وَبَعْدَ اتِّصَافِهِ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا لَازِمًا وَكَانَ ذَلِكَ الْوَطْءُ مُبَاحًا وَعَبَّرَ بِأَصَابَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِحْصَانِ كَمَالُ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ بَلْ يَكْفِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا.

(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا) هَكَذَا بِأَوْ عَلَى الصَّوَابِ لَا بِالْوَاوِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الْفَاسِدَ الَّذِي يَمْضِي بِالدُّخُولِ فَفِي الْمَوَّاقِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا يُحْصِنُ وَطْؤُهُ بِخِلَافِ الَّذِي لَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ إحْصَانٌ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِنِكَاحِ مَنْ أَصَابَ أَيْ قَبْلَ الزِّنَا بِمِلْكٍ أَوْ بِزِنًا أَيْ قَبْلَ زِنَاهُ ثَانِيًا وَقَوْلُهُ: وَخَرَجَ نِكَاحٌ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَازِمٌ مَنْ أَصَابَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الزِّنَا بِنِكَاحٍ غَيْرِ لَازِمٍ.

(قَوْلُهُ: كَنِكَاحِ عَبْدٍ) أَيْ فَلَا تَكُونُ زَوْجَتُهُ مُحْصَنَةً بِوَطْئِهِ لَهَا فَإِذَا زَنَتْ لَمْ تُرْجَمْ، أَمَّا إذَا كَانَ نِكَاحُ الْعَبْدِ لِتِلْكَ الْحُرَّةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ وَوَطِئَهَا بَعْدَ إجَازَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ يَكُونُ مُحَصِّنًا لِمَوْطُوءَتِهِ الْحُرَّةِ وَالْعَبْدُ لَا يُرْجَمُ إذَا زَنَى عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَفْسَهُ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ الْحُرِّيَّةَ.

(قَوْلُهُ: وَمَعِيبٍ) عَطْفٌ عَلَى عَبْدٍ أَيْ كَنِكَاحِ عَبْدٍ وَنِكَاحِ شَخْصٍ مَعِيبٍ (قَوْلُهُ: وَفَاسِدٌ يُفْسَخُ أَبَدًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ خَرَجَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَنِكَاحٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ أَبَدًا أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ الْمُسْتَنِدُ لِذَلِكَ النِّكَاحِ مُحَصِّنًا لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ طُولٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ قَبْلَ طُولٍ.

(قَوْلُهُ: صَحَّ) فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا زَنَى بَعْدَهُ جَلَدَهُ) أَيْ وَلَا يُرْجَمُ لِعَدَمِ حِلِّيَّةٌ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ.

(قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِهِ الِانْتِشَارُ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّاذِلِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِحْصَانِ مِنْ الِانْتِشَارِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِحْلَالِ بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِصَابَةٌ) أَيْ وَوَطْءٌ بَعْدَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ. (قَوْلُهُ: وَوَطْءٌ مُبَاحٌ) أَيْ وَكَوْنُ ذَلِكَ الْوَطْءِ مُبَاحًا.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ مُنَاكَرَةٍ) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِأَنْ يَعْتَرِفَا بِحُصُولِهِ لَا إنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِحُصُولِهِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ: مُعْتَدِلَةٍ بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ) أَيْ لَا بِحِجَارَةٍ عِظَامٍ خَشْيَةَ التَّشْوِيهِ وَلَا بِحَصَيَاتٍ صِغَارٍ خَشْيَةَ التَّعْذِيبِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ الرَّامِي بِلَا كُلْفَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِسُرْعَةِ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ وَيُخَصُّ بِالرَّجْمِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي هِيَ مَقَاتِلُ مِنْ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى فَوْقُ وَيُتَّقَى الْوَجْهُ وَالْفَرْجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ حُفْرَةً وَقِيلَ يُحْفَرُ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ وَقِيلَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ يُتْرَكُ إنْ هَرَبَ وَيُجَرَّدُ أَعْلَى الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَلَا يُرْبَطُ الْمَرْجُومُ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ جَمَاعَةٍ قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢] فَإِنَّهُ فِي مُطْلَقِ الزَّانِي وَأَقَلُّ الطَّائِفَةِ أَرْبَعَةٌ عَلَى أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ قِيلَ لِيَشْتَهِرَ الزَّجْرُ وَقِيلَ لِيَدْعُوَا لَهُمَا بِالرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَقِيلَ لِيَشْهَدُوا بِزَوَالِ الْعِفَّةِ لِئَلَّا يُقْذَفَ الزَّانِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ بِالرَّجْمِ) أَيْ يَرْجُمُ الزَّانِي قَبْلَ الْحَاكِمِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا سُنَّةٍ مَعْمُولٍ بِهَا.

(قَوْلُهُ: كَلَائِطٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>