للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ) كَالْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى لَائِطٍ ذَا لِوَاطٍ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَتَامِرٍ أَيْ ذِي تَمْرٍ فَيَشْمَلُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لَا اسْمَ فَاعِلٍ مِنْ لَاطَ حَتَّى يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مَعْطُوفٍ مَعَ عَاطِفِهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا وَيُزَادُ فِي الْمَفْعُولِ طَوْعُهُ وَكَوْنُ الْفَاعِلِ بِهِ بَالِغًا وَإِلَّا لَمْ يُرْجَمْ وَأُدِّبَ الْمُمَيِّزُ الطَّائِعُ أَدَبًا شَدِيدًا وَلَا يَسْقُطُ عَنْ كَافِرٍ بِإِسْلَامِهِ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ.

وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَجُلِدَ) الْمُكَلَّفُ (الْبِكْرُ الْحُرُّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (مِائَةً وَتَشَطَّرَ) الْجَلْدُ (بِالرِّقِّ، وَإِنْ قَلَّ) كَمُبَعَّضٍ وَكَذَا مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ أَمَّا الْأُنْثَى فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] وَأَمَّا الذَّكَرُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا إذْ لَا فَرْقَ (وَتَحَصَّنَ كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (دُونَ صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ) بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا عَتَقَ وَزَوْجَتُهُ مُطِيقَةٌ غَيْرُ بَالِغٍ أَوْ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ وَأَصَابَهَا تَحَصَّنَ دُونَهَا، فَإِنْ عَتَقَتْ فَقَطْ تَحَصَّنَتْ دُونَهُ إنْ أَصَابَهَا وَهِيَ بَالِغَةٌ مُسْلِمَةٌ عَاقِلَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذَّكَرَ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ يَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمُطِيقَةِ وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَالْأُنْثَى تَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجِهَا إنْ كَانَ بَالِغًا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ مَجْنُونًا فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ تَحْصِينِ الذَّكَرِ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إطَاقَةُ مَوْطُوءَتِهِ وَشَرْطَ تَحْصِينٍ الْأُنْثَى بُلُوغُ وَاطِئِهَا فَقَطْ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ وَلَا يُقَالُ وَإِسْلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ الْمُسْلِمَةَ فَهُوَ خَارِجٌ بِالنِّكَاحِ لِلصَّحِيحِ.

وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَغُرِّبَ) الْبِكْرُ (الْحُرُّ الذَّكَرُ فَقَطْ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَشْبِيهٌ فِي الرَّجْمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمُحْصَنَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بَلْ وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا مَعَ دُخُولِهِ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ الْعَبْدَ اللَّائِطَ يُجْلَدُ خَمْسِينَ وَإِنَّ الْكَافِرَ يُرَدُّ إلَى حُكَّامِ مِلَّتِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْتَاجَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ لَائِطَ اسْمُ فَاعِلٍ قَاصِرٌ عَلَى الْفَاعِلِ فَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ وَمَلُوطٍ بِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ بَالِغَيْنِ أَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ طَائِعَيْنِ أَوْ مُكْرَهَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رَجْمِ الْفَاعِلِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا فَمَتَى كَانَ مُكَلَّفًا رُجِمَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ مُكَلَّفًا أَمْ لَا وَيُشْتَرَطُ فِي رَجْمِ الْمَفْعُولِ تَكْلِيفُهُ وَطَوْعُهُ وَكَوْنُ وَاطِئِهِ بَالِغًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَيُزَادُ فِي الْمَفْعُولِ طَوْعُهُ) أَيْ وَأَمَّا الْفَاعِلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ مَتَى كَانَ مُكَلَّفًا رُجِمَ وَلَوْ مُكْرَهًا بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ لَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ الْمُمَيِّزُ الطَّائِعُ) أَيْ اللَّائِطُ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا (قَوْلُهُ: كَحَدِّ الْفِرْيَةِ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ فَاعِلٍ يَسْقُطُ أَيْ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْكَافِرِ بِإِسْلَامِهِ حَدُّ الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ وَمَا مَاثَلَهَا فِي كَوْنِهِ حَقًّا لِمَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ كَالدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ أَيْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَأَرَادَ بِالزِّنَا الْمَعْنَى الْأَعَمَّ الشَّامِلَ لِلِّوَاطِ وَبِالْحَدِّ مَا يَشْمَلُ الْأَدَبَ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ إذَا شَرِبَ أَوْ زَنَى زِنًا غَيْرَ لِوَاطٍ إنَّمَا يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ، وَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ الْكَافَ مِنْ قَوْلِهِ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّ فَاعِلَ يَسْقُطُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الرَّجْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ الَّتِي نَقَلَهَا عبق

(قَوْلُهُ: الْبِكْرُ) الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُحْصَنِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ أَصْلًا أَوْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْءٌ فِي أَمَتِهِ أَوْ فِي زَوْجَتِهِ لَكِنْ فِي حَيْضِهَا أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ وَفُسِخَ.

(قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ الْكَائِنُ مِنْ أَفْرَادِ جِنْسِ الْحُرِّ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ الْحُرُّ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ.

(قَوْلُهُ: بِالرِّقِّ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ الرَّقِيقُ أَوْ أُنْثَى فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا خَمْسُونَ جَلْدَةً إذَا زَنَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ الرِّقُّ فِي تِلْكَ الرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَتَقَ) أَيْ الزَّوْجُ الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ مُطِيقَةٌ) أَيْ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ مُطِيقَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَصَابَهَا) أَيْ بَعْدَ عِتْقِهِ.

(قَوْلُهُ: تُحَصَّنُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَتْ أَيْ الزَّوْجَةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُكَلَّفَةُ وَقَوْلُهُ: تَحَصَّنَتْ دُونَهُ إنْ أَصَابَهَا أَيْ بَعْدَ عِتْقِهَا وَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا فَوَطْءُ الْمَجْنُونِ يُحَصِّنُ الزَّوْجَةَ الْعَاقِلَةَ كَمَا أَنَّهُ يُحِلُّهَا لِمُبِتِّهَا وَوَطْءُ الْمَجْنُونَةِ يُحَصِّنُ زَوْجَهَا الْعَاقِلَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحِلُّهَا لِمُبِتَّهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِحْلَالِ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) أَيْ حَاصِلُ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: يَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ وَطْئًا مُبَاحًا بِانْتِشَارٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ.

(قَوْلُهُ: وَالْأُنْثَى) أَيْ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُكَلَّفَةُ (قَوْلُهُ: إطَاقَةُ مَوْطُوءَتِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْوَطْءِ مُبَاحًا إذْ وَطْءُ غَيْرِ الْمُطِيقَةِ لَيْسَ مُبَاحًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْبُلُوغُ الْمَذْكُورُ فِي الْعَشَرَةِ فَبُلُوغُ مَنْ اُعْتُبِرَ تَحْصِينُهُ كَالْمَرْأَةِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ فِي تَحْصِينِهَا مِنْ بُلُوغِهَا وَبُلُوغِ وَاطِئِهَا هَذَا وَقَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بُلُوغَ وَاطِئِهَا زَائِدٌ عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ الْمُتَقَدِّمَ فِي الشُّرُوطِ مَا يَشْمَلُ بُلُوغَ مَنْ اُعْتُبِرَ تَحْصِينُهُ وَبُلُوغَ غَيْرِهِ فَبِالنِّسْبَةِ لِتَحْصِينِ الرَّجُلِ يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ فَقَطْ وَبِالنِّسْبَةِ لِتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ يُعْتَبَرُ بُلُوغُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَغُرِّبَ الْحُرُّ الذَّكَرُ) أَيْ بَعْدَ الْجَلْدِ مِائَةً وَإِنَّمَا غُرِّبَ عُقُوبَةً لَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>