للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أَوْ السَّيِّدُ بِأَنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ أَوْ بِأَرْبَعَةِ عُدُولٍ لَيْسَ الْحَاكِمُ أَحَدَهُمْ إنْ أَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ إنْ أَقَامَهُ السَّيِّدُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ السَّيِّدِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالْعَكْسُ وَمِثْلُ حَدِّ الزِّنَا فِي ذَلِكَ حَدُّ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ لَا السَّرِقَةِ فَلَا يُقِيمُهَا إلَّا الْحَاكِمُ، فَإِنْ قَطَعَهُ سَيِّدُهُ أُدِّبَ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ إنَّ السَّيِّدَ لَا يُقِيمُ عَلَى رَقِيقِهِ إلَّا الْجَلْدَ دُونَ الرَّجْمِ فَالضَّمِيرُ فِي أَقَامَهُ لِلْحَدِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ وَبِقَيْدِ الْجَلْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ.

(وَإِنْ) زَنَتْ ذَاتُ زَوْجٍ وَ (أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ) مِنْ زَوْجِهَا (بَعْدَ) إقَامَةِ (عِشْرِينَ سَنَةً) مَعَهُ (وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ) وَادَّعَى وَطْأَهَا فِيهَا (فَالْحَدُّ) أَيْ الرَّجْمُ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحَ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهَا عَدَمَ الْوَطْءِ وَأَنَّهَا بِكْرٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تُكَذِّبُهَا (وَعَنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - (فِي) (الرَّجُلِ) يُقِيمُ مَعَ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالزِّنَا فَيُنْكِرُ الْوَطْءَ (يَسْقُطُ) الرَّجْمُ عَنْهُ وَيُجْلَدُ (مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَيْ لِلْوَطْءِ (أَوْ) مَا لَمْ (يُولَدْ لَهُ) مِنْهَا أَوْ يَظْهَرُ حَمْلٌ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ رُجِمَ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْجَلْدِ وَلَا يُغْنِي جَلْدٌ عَنْ رَجْمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْخِلَافِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَأُوِّلَا) أَيْ الْمَحِلَّانِ (عَلَى الْخِلَافِ) إذْ قُبِلَ قَوْلُهُ: دُونَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ وَفَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ) إنَّمَا رُجِمَتْ الزَّوْجَةُ (لِخِلَافِ الزَّوْجِ) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ لَهَا لِأَنَّهُ ادَّعَى الْوَطْءَ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى فَقَطْ) فَقَدْ كَذَّبَهَا وَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا لَسَقَطَ عَنْهَا الرَّجْمُ كَمَا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَوْ خَالَفَتْهُ وَقَالَتْ بَلْ وَطِئَ لَرُجِمَ (أَوْ) يُوَفَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الرَّجْمُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الْأُولَى (لِأَنَّهُ يَسْكُتُ) أَيْ لِأَنَّ شَأْنَ الرَّجُلِ إذَا مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ أَنْ يَسْكُتَ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ شَأْنَهَا عَدَمُ السُّكُوتِ فَسُكُوتُهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَطَؤُهَا فَلَمْ تُصَدَّقْ فِي إنْكَارِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهَا الرَّجْمُ أَوْ يُوَفَّقْ بِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الرَّجْمُ (لِأَنَّ) الْمَسْأَلَةَ (الثَّانِيَةَ) وَهِيَ مَسْأَلَتُهُ (لَمْ تَبْلُغْ) مُدَّةُ إقَامَتِهِ مَعَهَا (عِشْرِينَ) سَنَةً فَلِذَا صَدَقَ وَلَمْ يُرْجَمْ وَلَوْ بَلَغَتْ الْمُدَّةُ عِشْرِينَ لَرُجِمَ وَلَمْ يُصَدَّقْ كَمَا أَنَّهَا رُجِمَتْ فِي مَسْأَلَتِهَا لِبُلُوغِهَا الْعِشْرِينَ وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْهَا لَسَقَطَ عَنْهَا هَذِهِ (تَأْوِيلَاتٌ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِعِلْمِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنَّمَا يُقِيمُهُ الْحَاكِمُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ السَّيِّدِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَكَذَا إذَا ثَبَتَ الزِّنَا عَلَى شَخْصٍ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقِيمُ الْحَاكِمُ الْحَدَّ عَلَى ذَلِكَ الزَّانِي بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ آخَرَ أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلسَّيِّدِ إذَا كَانَ لَهُ حَدُّهُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ الْحَاكِمِ يَعْنِي مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُدُولِ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ حَدِّ الزِّنَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إقَامَةِ الْحَاكِمِ أَوْ السَّيِّدِ لَهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُقِيمُهَا، إلَّا الْحَاكِمُ) أَيْ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِرَقِيقِهِمْ وَيَدَّعُونَ سَرِقَتَهُمْ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ فِيهِ تَمْثِيلٌ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْكَرَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الثَّابِتَ زَوْجِيَّتُهَا إذَا أَقَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي وَقَالَتْ مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا وَقَالَ بَلْ وَطِئْتهَا فَإِنَّهَا تُرْجَمُ؛ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِمَامِ) صَوَابُهُ أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطَالَ مُكْثُهُ مَعَهَا ثُمَّ شَهِدَتْ الْعُدُولُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَقَالَ مَا جَامَعْت زَوْجَتِي مُنْذُ تَزَوَّجْتهَا وَأَنَا الْآنَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يُرْجَمُ بَلْ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا أَوْ يَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ بَلْ قَالَ عِنْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِالزِّنَا لَمْ أَطَأْ زَوْجَتِي مُنْذُ تَزَوَّجْتهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْجَلْدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ بِوَطْئِهَا أَوْ بِظُهُورِ حَمْلِهَا بَعْدَ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ: إذْ قُبِلَ قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ قَوْلَانِ مُتَقَابِلَانِ عَامَّانِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْأَوَّلُ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِمَا وَالثَّانِي قَبُولُ قَوْلِهِمَا وَلَا يُرْجَمَانِ بَلْ يُجْلَدَانِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ الْخِلَافِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا رُجِمَتْ الزَّوْجَةُ فِي مَسْأَلَتِهَا لِضَعْفِ إنْكَارِهَا مُخَالَفَةَ الزَّوْجِ وَتَكْذِيبَهُ لَهَا لِأَنَّهَا تَقُولُ مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهُوَ يَقُولُ بَلْ جَامَعْتهَا وَلَمْ يُرْجَمْ الزَّوْجُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ ضَعْفِ إنْكَارِهِ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِ الزَّوْجَةِ لَهُ فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا فِي مَسْأَلَتِهَا فَإِنَّهَا لَا تُرْجَمُ وَصَارَتْ مَسْأَلَةُ الْمَرْأَةِ مُوَافِقَةً لِمَسْأَلَةِ الرَّجُلِ فِي عَدَمِ الرَّجْمِ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي مَسْأَلَتِهِ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ وَتَصِيرُ مَسْأَلَةُ الرَّجُلِ مُوَافِقَةً لِمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ فِي الرَّجْمِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي مَسْأَلَتِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ فِي مَسْأَلَتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ لِزَوْجَتِهِ الشَّأْنُ أَنَّهُ يَسْكُتُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا حَصَلَ لَهَا عَدَمُ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجِهَا فَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ عَنْهُ بَلْ تُظْهِرُ ذَلِكَ وَتُبْدِيه فَسُكُوتُهَا وَعَدَمُ إبْدَائِهَا إلَى الْآنَ دَلِيلٌ عَلَى تَكْذِيبِهَا وَالْأَنْسَبُ بِالتَّأْوِيلِ قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لِأَنَّهَا لَا تَسْكُتُ أَيْ أَنَّهَا إنَّمَا رُجِمَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَسْأَلَتِهَا لِمُخَالَفَةِ الزَّوْجِ لَهَا أَوْ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ هَذِهِ الْمُدَّةَ عَنْ إبْدَاءِ عَدَمِ وَطْئِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَعَ فِيهِ تَكْذِيبٌ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ لَكِنْ حَكَمَ الْإِمَامُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ بِقَبُولِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّ الْمُدَّةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ سَنَةً وَحَكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي مَسْأَلَةِ زِنَاهَا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّ مُدَّةَ إقَامَتِهَا تَحْتَ زَوْجِهَا عِشْرُونَ سَنَةً فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ عِشْرِينَ أَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ أَقَلَّ لَاتَّفَقَ الْمَسْأَلَتَانِ فِي الْحُكْمِ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ

<<  <  ج: ص:  >  >>