للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُمْ الْمَسْبِيُّونَ فَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ بِزِنًا أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ حُدَّ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " كَانَ " مَعْطُوفٌ عَلَى بَلَغَتْ (وَإِنْ) (مُلَاعَنَةً وَابْنَهَا) فَمَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا أَوْ قَذَفَ ابْنَهَا بِنَفْيِ نَسَبٍ حُدَّ فَقَوْلُهُ: مُلَاعَنَةً رَاجِعٌ لِقَذْفِ الزِّنَا وَقَوْلُهُ: وَوَلَدَهَا رَاجِعٌ لِنَفْيِ النَّسَبِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَلَمْ يَجْعَلُوا اللِّعَانَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ (أَوْ) (عَرَّضَ) بِالْقَذْفِ (غَيْرُ أَبٍ) فَيُحَدُّ (إنْ أَفْهَمَ) تَعْرِيضُهُ الْقَذْفَ بِالْقَرَائِنِ كَالْخِصَامِ كَأَنْ يَقُولَ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ أَوْ أَنَا مَعْرُوفُ الْأَبِ وَأَمَّا تَعْرِيضُ الْأَبِ لِابْنِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْجَدِّ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَأَمَّا تَصْرِيحُهُ بِالْقَذْفِ لِابْنِهِ فَيُحَدُّ عَلَى مَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفَسَقَ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا.

(يُوجِبُ) الْقَذْفُ الْمَذْكُورُ (ثَمَانِينَ جَلْدَةً) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ قَالَ تَعَالَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] (وَإِنْ) (كَرَّرَ) الْقَذْفَ مِرَارًا (لِوَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ) فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَلْدُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ وَلَا بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفِ وَصُورَتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ أَنْ يَقُولَ كُلُّكُمْ زَانٍ أَوْ قَالَ لَهُمْ يَا زُنَاةُ أَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ يَا زَانِي أَوْ فُلَانٌ زَانٍ وَفُلَانٌ زَانٍ (إلَّا) أَنْ يُكَرِّرَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَدِّ فَيُعَادُ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ فِي تَكْرَارِهِ بَعْدَ الْحَدِّ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَغَيْرِهِ كَأَنْ يَقُولَ مَا كَذَبْت أَوْ لَقَدْ صَدَقْت فِيمَا قُلْتُ، فَإِنْ كَرَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْجَلْدِ أُلْغِيَ مَا مَضَى وَابْتُدِئَ الْعَدَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ قَلِيلًا فَيُكَمِّلُ الْأَوَّلَ ثُمَّ يَبْتَدِئُ الثَّانِيَ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ (وَ) يُوجِبُ (نِصْفَهُ عَلَى)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَعَمُّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الْمَسْبِيَّ وَالْمَنْبُوذَ وَالْغَرِيبَ.

وَحَاصِلُ مَا فِي الْجَمِيعِ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّهُ إنْ نَفَى شَخْصٌ وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَفَاهُ عَنْ أَبٍ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا؛ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ مِنْ التَّوَارُثِ بِالنَّسَبِ لِجَهْلِنَا بِآبَائِهِمْ لَا؛ لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ زِنًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَنْسَابَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ وَلَا يَتَوَارَثُونَ بِهَا وَأَمَّا إذَا رَمَى وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ بِالزِّنَا فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ اتِّفَاقًا إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ أَيْ عَنْ أَبٍ مُطْلَقًا لَا عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا لِأَنَّ شَرْطَ حَدِّ الْقَاذِفِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مُلَاعَنَةً) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ زِنًا فَالْمَعْنَى قَذَفَ الْمُكَلَّفُ حُرًّا مُسْلِمًا بِزِنًا يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِالزِّنَا غَيْرَ مُلَاعَنَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مُلَاعَنَةً.

(قَوْلُهُ: وَابْنَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِنَفْيِ النَّسَبِ لَيْسَ ابْنَ مُلَاعَنَةٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ ابْنَهَا.

(قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا حُدَّ) مَحَلُّ حَدِّ قَاذِفِ الْمُلَاعَنَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ أَوْ كَانَ زَوْجًا وَقَذَفَهَا بِغَيْرِ مَا لَاعَنَهَا بِهِ وَأَمَّا لَوْ قَذَفَهَا وَلَوْ بَعْدَ اللِّعَانِ بِمَا لَاعَنَهَا بِهِ فَلَا يُحَدُّ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَذَفَ ابْنَهَا بِنَفْيِ النَّسَبِ) أَيْ عَنْ أَبِيهِ الَّذِي لَاعَنَهَا فِيهِ وَإِنَّمَا حُدَّ الْقَاذِفُ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ أَبِيهِ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَا مَنْفِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْمُلَاعَنَةِ أَوْ يَا ابْنَ مَنْ لُوعِنَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: لَا أَبَ لَك، حُدَّ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ لَا الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ أَبُوك نَفَاك إلَى لِعَانِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا، وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَا مَنْفِيَّ حُدَّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّضَ بِالْقَذْفِ) أَيْ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَنَفْيُ النَّسَبِ عَنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أَبٍ) أَيْ وَلَوْ زَوْجًا عَرَّضَ بِزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ) أَيْ أَوْ لَسْت بِلَائِطٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْأَبِ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ الْوَالِدِ.

(قَوْلُهُ: الشَّامِلُ لِلْجَدِّ) أَيْ وَلِلْجَدَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ وَلَا أَدَبَ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ فِي التَّصْرِيحِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي التَّعْرِيضِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرَّرَ الْقَذْفَ مِرَارًا لِوَاحِدٍ) أَيْ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَانَ الْقَذْفُ الْمُكَرَّرُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ قُذِفَ قَذْفَانِ لِوَاحِدٍ فَحُدَّ وَاحِدٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَا قَذَفَ سَوَاءٌ كَانَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ جَمَاعَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الْقَذْفُ لِجَمَاعَةٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى كَرَّرَ وَسَوَاءٌ قَذَفَهُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَلْدُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً فِي مَجْلِسٍ أَوْ مُفْتَرِقِينَ فِي مَجَالِسَ شَتَّى فَعَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ، فَإِنْ قَامَ بِهِ أَحَدُهُمْ وَضُرِبَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَنْ قَذَفَ سَوَاءٌ كَانَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ) أَيْ وَصُورَةُ الْقَذْفِ لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا لَمْ يَقْذِفْ الْجَمِيعَ بَلْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا إذَا قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَرَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْجَلْدِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِهِ أُلْغِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَرَّرَ الْقَذْفَ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْجَلْدِ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي مِنْ الْجَلْدِ قَلِيلًا فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ يُبْتَدَأُ بِالثَّانِي.

(تَنْبِيهٌ) لَا يَنْدَرِجُ حَدُّ الْقَذْفِ فِي قَتْلٍ لِرِدَّةٍ كَمَا مَرَّ وَلَا فِي قَتْلٍ لِغَيْرِهَا كَحِرَابَةٍ أَوْ زِنَا مُحْصَنٍ أَوْ قِصَاصٍ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>