للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذَا قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا فَيُجْلَدُ أَرْبَعِينَ، وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِيَغِ الْقَذْفِ وَهِيَ قِسْمَانِ تَعْرِيضٌ وَتَصْرِيحٌ وَذَكَرَ الْأَوَّلَ فَقَالَ (كَلَسْتُ بِزَانٍ أَوْ) قَالَ لَهُ (زَنَتْ عَيْنُك) أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك وَوَجْهُ التَّعْرِيضِ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَذَّةَ الْوَطْءِ تَحْصُلُ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ فَإِذَا قَالَ زَنَتْ عَيْنُك مَثَلًا لَزِمَ مِنْهُ التَّعْرِيضُ بِزِنَا الْفَرْجِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ زَنَتْ عَيْنُك لَا فَرْجُك أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ أَنَّهُ أَرْسَلَ نَاظِرَهُ فَقَطْ لَمْ يُحَدَّ (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت (مُكْرَهَةً) فَيُحَدُّ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ لَاعَنَ وَإِلَّا حُدَّ (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَنَا أَوْ أَنْتَ (عَفِيفُ الْفَرْجِ) ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْفَرْجِ أُدِّبَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (لِعَرَبِيٍّ) حُرٍّ مُسْلِمٍ (مَا أَنْت بِحُرٍّ) ؛ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ (أَوْ) قَالَ لِعَرَبِيٍّ (يَا رُومِيُّ) أَوْ يَا فَارِسِيُّ وَنَحْوَ ذَلِكَ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ، وَإِنْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْعَجَمِيَّةُ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِأَعْجَمِيٍّ يَا عَرَبِيُّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ الْخِصَالِ مِنْ الْجُودِ وَالشَّجَاعَةِ (كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ) فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الشَّفَقَةَ وَالْحَنَانَ أَيْ كَابْنِهِ فِي الشَّفَقَةِ (بِخِلَافِ) نَسَبِهِ إلَى (جَدِّهِ) لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا عَلَى أَنَّ شَأْنَ الْجَدِّ لَا يَزْنِي فِي حَلِيلَةِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ (وَكَأَنْ) (قَالَ) فِي حَقِّ نَفْسِهِ (أَنَا نَغِلٌ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَاسِدُ النَّسَبِ (أَوْ) قَالَ أَنَا (وَلَدُ زِنًا) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَكَذَا إذَا قَالَهُ مُعَرِّضًا بِغَيْرِهِ فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ وَلَوْ عَفَا هُوَ لَكِنْ لَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْرِيضِ إلَّا إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ التَّصْرِيحِ وَكَذَا لَوْ خَاطَبَ بِهِ الْغَيْرَ بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا نَغِلُ أَوْ يَا وَلَدَ الزِّنَا.

(أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ (كَيَا قَحْبَةُ) أَيْ يَا قَحْبَةُ وَنَحْوَهُ كَيَا عَاهِرُ وَيَا فَاجِرَةُ (أَوْ قَرْنَانُ) وَهُوَ الَّذِي يَقْرُنُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْمَقْذُوفِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا هُوَ الْمَقْذُوفُ فَيُحَدُّ لَهُ قَاذِفُهُ ثُمَّ يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) سَوَاءٌ كَانَ خَالِصَ الرِّقِّيَّةِ أَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَإِنْ قَلَّ رِقُّهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ) أَيْ فَالْمَدَارُ فِي جَلْدِهِ أَرْبَعِينَ عَلَى رِقِّيَّتِهِ حِينَ الْقَذْفِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُلِدَ أَوْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ فَتَحْرِيرُهُ لَا يَنْقُلُهُ لِحَدِّ الْحُرِّ كَمَا أَنَّ تَحْرِيرَ الْأَمَةِ بَعْدَ حُصُولِ مُوجِبِ عِدَّتِهَا لَا يَنْقُلُهَا لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ أَمَّا إنْ قَذَفَهُ وَهُوَ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حِينَ الْقَذْفِ كَانَ حُرًّا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا تَبَيَّنَ

(قَوْلُهُ: أَوْ زَنَتْ عَيْنُك) أَيْ الْعُضْوُ الْمَخْصُوصُ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بِالْعَيْنِ الذَّاتَ بِتَمَامِهَا كَانَ هَذَا مِنْ التَّصْرِيحِ كَزَنَى فَرْجُك وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحَدِّ إذَا قَالَ لَهُ زَنَتْ عَيْنُك أَيْ أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ أَضَافَ الزِّنَا لِلْأَعْضَاءِ مَعَ احْتِمَالِ تَصْدِيقِ الْفَرْجِ لِذَلِكَ وَتَكْذِيبِهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُنْظُرْ المج. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت مُكْرَهَةً) أَيْ وَكَذَّبَتْهُ.

(قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لِلزِّنَا أَوْ لَمْ تَقُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ قَوْلَهُ أَنْتِ زَنَيْت عُدَّ قَوْلُهُ: مُكْرَهَةً مِنْ بَابِ التَّعْقِيبِ بِرَفْعِ الْوَاقِعِ فَلَا يُعْتَبَرُ، فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ الِاعْتِذَارُ عَنْهَا لَمْ يُحَدَّ، فَإِنْ قَدَّمَ الْإِكْرَاهَ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْت أُكْرِهْت عَلَى الزِّنَا حُدَّ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لِلزِّنَا، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِشَيْءٍ أَوْ قَامَتْ بِالِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حُدَّ) أَيْ مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْفَرْجِ أُدِّبَ) أَيْ لِكَثْرَةِ جِهَاتِ الْعِفَّةِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَذْفِ أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ فِي الْقَذْفِ، وَإِلَّا حُدَّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ) أَيْ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ صِحَّةِ الرِّقِّيَّةِ فِي الْعَرَبِ وَأَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُودِ مِنْ صِحَّةِ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ مِنْ صِيَغِ الْقَذْفِ سِوَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانٍ لَا يُسْتَرَقُّ فِيهِ الْعَرَبُ وَالْقَذْفُ مِمَّا يُرَاعَى فِيهِ الْعُرْفُ بِحَسَبِ كُلِّ زَمَنٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ) أَيْ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً سَوَاءٌ كَانُوا عَرَبَ عَرْبَاءَ أَوْ مُسْتَعْرِبَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ الْخِصَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ وَصْفُهُ بِصِفَاتِ الْعَرَبِ وَخِصَالِهَا الْمَحْمُودَةِ مِنْ الْجُودِ وَالشَّجَاعَةِ لَا قَطْعُ نَسَبِهِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ) أَيْ بِنِسْبَتِهِ لِعِلْمِهِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَسَبِهِ إلَى جَدِّهِ) أَيْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا نَسَبَهُ لِجَدِّهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ. ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَذْفَ مِثْلَ أَنْ يَتَّهِمَ الْجَدَّ بِأُمِّ ذَلِكَ الْوَلَدِ الْمَقْذُوفِ، وَإِلَّا حُدَّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ) أَيْ فَلِأُمِّ الْمُعَرَّضِ بِهِ الْقِيَامُ وَلَوْ عَفَا هُوَ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ حُدَّ لِأُمِّ الْمُعَرَّضِ بِهِ وَعُوقِبَ لِلْمُعَرَّضِ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا عَلَى جِهَةِ الْخِطَابِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ يَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ

(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ كَيَا قَحْبَةُ) أَيْ فَيُحَدُّ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ إذَا قَالَ شَيْئًا مِنْهَا لِامْرَأَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ وَكَذَا إذَا قَالَهَا لِأَمْرَدَ وَأَمَّا إنْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ كَبِيرٍ نُظِرَ لِلْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ رَمْيَةٌ بِالِابْنَةِ حُدَّ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا اسْتَحْسَنَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: كَيَا قَحْبَةُ) الْمُرَادُ بِهَا الزَّانِيَةُ وَالْقَحْبُ فِي الْأَصْلِ فَسَادُ الْجَوْفِ أَوْ السُّعَالُ أُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى الزَّانِيَةِ -

<<  <  ج: ص:  >  >>