للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَ) إذَا أَقَرَّ طَائِعًا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ (قُبِلَ رُجُوعُهُ) عَنْهُ فَلَا يُحَدُّ وَكَذَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الزَّانِي وَالشَّارِبِ وَالْمُحَارِبِ (وَلَوْ) رَجَعَ (بِلَا شُبْهَةٍ) فِي إقْرَارِهِ نَحْوَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي كَمَا لَوْ رَجَعَ لِشُبْهَةِ نَحْوَ أَخَذْت مَالِي الْمَرْهُونَ أَوْ الْمُودَعَ خِفْيَةً فَسَمَّيْتُهُ سَرِقَةً وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ إنْ عَيَّنَ صَاحِبَهُ نَحْوَ أَخَذْت دَابَّةَ زَيْدٍ بِخِلَافِ سَرَقْت أَوْ سَرَقْت دَابَّةً أَيْ وَقَعَ مِنِّي ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِسَرِقَةٍ عَلَى مُتَّهَمٍ أَوْ مَجْهُولٍ حَالُهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ قَدَّمَهُمَا فِي الْغَصْبِ إذْ السَّرِقَةُ مِثْلُهُ فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ (وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ) عَلَى الطَّالِبِ (فَحَلَفَ الطَّالِبُ) أَيْ الْمُدَّعِي فَالْغُرْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا قَطْعٍ وَمَحِلُّ الرَّدِّ إنْ حَقَّقَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى، فَإِنْ اتَّهَمَهُ غَرِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا هُوَ فِي الثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ طَوْعًا بِلَا رُجُوعٍ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَى صَالِحٍ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَأُدِّبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ.

(أَوْ) (شَهِدَ) عَلَى السَّارِقِ بِالسَّرِقَةِ (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ) رَجُلٌ فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَانِ (وَحَلَفَ) مَعَهُ الْمُدَّعِي فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ) (أَقَرَّ السَّيِّدُ) بِسَرِقَةِ عَبْدِهِ مِنْ شَخْصٍ (فَالْغُرْمُ) أَيْ غُرْمُ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ لَازِمٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ) (أَقَرَّ الْعَبْدُ) بِأَنَّهُ سَرَقَ (فَالْعَكْسُ) أَيْ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ لِإِقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَغْرَمْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنْ شَهِدَ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ إلَخْ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فَالْغُرْمُ وَالْقَطْعُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْغُرْمِ فَالسَّيِّدُ يَغْرَمُهُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا خُيِّرَ فِي فِدَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ.

(وَوَجَبَ) عَلَى السَّارِقِ (رَدُّ الْمَالِ) بِعَيْنِهِ إنْ وُجِدَ أَوْ قِيمَةُ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ إنْ لَمْ يُوجَدْ (إنْ لَمْ يُقْطَعْ) لِمَانِعٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِعَيْنِهِ بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْغِرْيَانِيِّ وَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ السَّرِقَةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا إنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْبُرْزُلِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ فَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَيَّنَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَى الْقَطْعِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ إنْ تَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ أَنْ عَيَّنَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا تَهْدِيدٍ فَقِيلَ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّرِقَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُعَيِّنَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَجْهٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ لِغَيْرِ التَّعْيِينِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت لِوَجْهِ كَذَا، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فِي إقْرَارِهِ) لَوْ قَالَ فِي رُجُوعِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَجَعَ) هَذَا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ رُجُوعَ السَّارِقِ عَنْ إقْرَارِهِ إنَّمَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ فَيَنْتَفِي الْحَدُّ عَنْهُ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغُرْمِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ إذَا عَيَّنَهُ وَمِثْلُ السَّارِقِ الْمُحَارِبُ إذَا أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي السَّارِقِ.

(قَوْلُهُ: أُخِذَتْ دَابَّةُ زَيْدٍ) أَيْ سَرِقَةً أَوْ حِرَابَةً ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَقَالَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَقَعَ مِنِّي ذَلِكَ) أَيْ السَّرِقَةُ أَوْ سَرِقَةُ دَابَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَقَالَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي فَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعٌ وَلَا غُرْمٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ جَوَابُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي فَالْيَمِينُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ) أَيْ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى بِالسَّرِقَةِ أَوْ الْغَصْبِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ سَمَاعِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهَا دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ عَبْدِهِ) أَيْ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ إقْرَارِ السَّيِّدِ أَوْ لَا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عبق مِنْ أَنَّ الْغُرْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْقَطْعَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى حَلِفِ الطَّالِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُجَرَّدَ إقْرَارِ السَّيِّدِ كَافٍ فِي غُرْمِ الْعَبْدِ وَمُجَرَّدَ إقْرَارِ الْعَبْدِ كَافٍ فِي قَطْعِهِ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ عبق.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ) أَيْ فَقَطْ أَوْ أَقَرَّ مَعَ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ إلَخْ) أَيْ فَاللَّازِمُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ الْغُرْمُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ) أَيْ أَوْ أَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ فَيُقْطَعُ لِإِقْرَارِهِ وَيَلْزَمُ الْغُرْمُ أَيْضًا لِشَهَادَةِ وَاحِدٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَطْعَ وَالْغُرْمَ فِي صُورَتَيْنِ: مَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَوْ امْرَأَتَانِ وَحَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ الْقَطْعُ فَقَطْ فِي صُورَتَيْنِ مَا إذَا أَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ فَقَطْ وَمَا إذَا أَقَرَّ بِهَا مَعَ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي وَالْغُرْمُ فَقَطْ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا شَهِدَ عَلَى الْعَبْدِ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>