للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ وَرِيحٍ مُضَافٌ إلَيْهِ (لِنَارٍ) أَوْقَدَهَا إنْسَانٌ فِي وَقْتٍ لَا رِيحَ فِيهِ فَأَصَابَهَا الرِّيحُ بَغْتَةً فَرَفَعَهَا إلَى شَيْءٍ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (كَحَرْقِهَا) أَيْ النَّارُ شَخْصًا (قَائِمًا لِطَفْئِهَا) خَوْفًا عَلَى زَرْعٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَهَدَرٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فَاعِلُهَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ كَمَا إذَا أَجَّجَهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ حِلِّ الْبِسَاطِيِّ

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ دَفْعِ الصَّائِلِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) (دَفْعُ صَائِلٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) نَدْبًا كَمَا فِي الْمُحَارِبِ (لِلْفَاهِمِ) أَيْ الْإِنْسَانِ الْعَاقِلِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: نَاشَدْتُك اللَّهَ إلَّا مَا تَرَكْتَنِي وَنَحْوَ ذَلِكَ أَيْ إنْ أَمْكَنَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُحَارِبِ، فَإِنْ لَمْ يَنْكَفْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ

(وَإِنْ) كَانَ الدَّفْعُ (عَنْ مَالٍ) وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسٍ أَوْ حَرِيمٍ لِسُهُولَةِ الْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِقَتْلِ الْمَعْصُومِ وَمَفْهُومُ الْفَاهِمِ أَنَّ الصَّائِلَ إذَا كَانَ غَيْرَ فَاهِمٍ بِأَنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ بَهِيمَةً، فَإِنَّهُ يُعَاجِلُ بِالدَّفْعِ لِعَدَمِ فَائِدَةِ الْإِنْذَارِ

(وَ) جَازَ (قَصْدُ قَتْلِهِ) ابْتِدَاءً (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الصَّائِلَ (لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ) وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ أَحَدٌ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (لَا) يَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ (جُرْحٌ) لِلصَّائِلِ فَضْلًا عَنْ قَتْلِهِ (إنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّائِلِ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ (بِلَا مَشَقَّةٍ) ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْهَرَبُ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ جَازَ لَهُ مَا ذَكَرَ (وَمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ) مَأْكُولَةُ اللَّحْمِ أَمْ لَا مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَإِشْهَادٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ مَالٍ وَحَصَلَ الْإِنْذَارُ لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُ إصْلَاحِهِ بِأَنْ سَقَطَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَارُكُ وَأَمَّا لَوْ مَالَ وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْإِنْذَارِ وَأَمْكَنَ تَدَارُكُ إصْلَاحِهِ لِاتِّسَاعِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَصْلُحْ وَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ وَالْمَالَ (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ) أَيْ عَطْفًا عَلَى سُقُوطِ مِيزَابٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ هَدَرٌ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهَا بِنَفْسِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ إذَا كَانَ هَيَّجَهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ بَهِيمَةً وَالْمُرَادُ بِالصَّائِلِ مُرِيدُ الصَّوْلِ.

(قَوْلُهُ: فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ وَاجِبٌ كَمَا فِي بَهْرَامَ وتت وَالتَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ هُنَا وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نَجَاةِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ اهـ وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ الْغَرْسِ فِي الْوُجُوبِ قَوْلَيْنِ قَالَا: وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَصَحُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ صَرَّحَ بِأَنَّ الدَّفْعَ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ، فَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ نَفْسَهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ عَنْهَا وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ قَائِلًا السَّاكِتُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلًا لِنَفْسِهِ اُنْظُرْ طفى وَفِي بْن الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ عَلَى الْحَرِيمِ وَأَمَّا عَلَى الْمَالِ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَخْذِهِ هَلَاكٌ أَوْ شِدَّةُ أَذًى كَانَ كَدَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ فِيهِ الْخِلَافُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُمْ: حِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ أَيْ عَنْ إتْلَافِهِ بِلَا انْتِفَاعِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِنْذَارِ) أَيْ التَّخْوِيفِ بِوَعْظِهِ وَزَجْرِهِ وَإِنْشَادِ اللَّهِ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَنْكَفُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّائِلَ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَفْهَمُ، فَإِنَّهُ يُنَاشِدُهُ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ يَدْفَعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ يَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَبَى إلَّا الصَّوْلَ قَتَلَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَفْهَمُ كَالْبَهِيمَةِ، فَإِنَّهُ يُعَالِجُهُ بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ وَيَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَبَى إلَّا الصَّوْلَ قَتَلَهُ وَكَانَ هَدَرًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُحَارِبِ) أَيْ كَمَا فِي مُنَاشَدَةِ الْمُحَارِبِ، فَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ إنْذَارُ الْفَاهِمِ إنْ أَمْكَنَ إنْذَارُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْكَفَّ) أَيْ بِالْإِنْذَارِ وَأَبَى إلَّا الصَّوْلَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ إنْذَارُهُ لِمُبَادَرَتِهِ بِالصَّوْلِ وَالْحَرْبِ (قَوْلُهُ: جَازَ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَنْ مَالٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَفْعُ الصَّائِلِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ حَرِيمٍ بَلْ وَإِنْ عَنْ مَالٍ

(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ بِدُونِ إنْذَارٍ وَمُدَافَعَةٍ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ عَلِمَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّائِلَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِأَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ أَوْ يَنْدَفِعُ بِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً مَعَ أَنَّ الْمُنَاشَدَةَ أَوَّلًا عِنْدَ إمْكَانِهَا، وَالْمُدَافَعَةُ أَوَّلًا بِالْأَخَفِّ مَنْدُوبَةٌ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِيَنْبَغِي كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ شَاسٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ الصَّائِلِ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ إلَخْ) فَإِذَا صَالَ جَمَلٌ مَثَلًا عَلَى أَحَدٍ فَخَافَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ جُرْحٌ لِلصَّائِلِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الصَّائِلُ غَيْرَ مُحَارِبٍ وَإِلَّا جَازَ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ جُرْحُهُ وَقَتْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْجُرْحِ وَالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْ غَيْرَهُمَا كَآدَمِيٍّ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ أَوْ مَالٍ كَدَمَتْهُ بِفَمِهَا، أَوْ رَمَتْهُ بِرِجْلِهَا، فَإِنْ كَانَتْ عَادِيَةً ضَمِنَ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا حَيْثُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَادِيَةٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ بِذَنَبِهَا أَوْ قَرْنِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَلَوْ لَمْ يَرْبِطهَا أَوْ يَغْلِقْ عَلَيْهَا بَابًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ وَاحِدٍ مَعَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا يَضْمَنُ السَّاقِطُ مِنْ فَوْقِهَا الْمَالَ فِي مَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>