حَيَاتَك أَوْ أَعْطَيْتُك نَفْسَك فَيَعْتِقُ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ وَأَشَارَ إلَى الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ (وَبِكَاسْقِنِي) الْمَاءَ (أَوْ اذْهَبْ أَوْ اُعْزُبْ) أَيْ ابْعَدْ وَدَخَلَ بِالْكَافِ كُلُّ كَلَامٍ وَلَكِنْ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْعِتْقِ (بِالنِّيَّةِ) أَيْ بِنِيَّةِ الْعِتْقِ أَيْ بِنِيَّتِهِ بِمَا ذَكَرَ الْعِتْقَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي. . . إلَخْ لَا لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ (وَعِتْقُ) الْعَبْدِ (عَلَى الْبَائِعِ) دُونَ الْمُشْتَرِي إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ (هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ (وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ: إنْ بِعْته فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ سَيِّدُهُ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَيَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ سَبْقٌ صُورِيٌّ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ إنْ قَبَضَهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ وَاتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَعْسَرَ (وَ) عَتَقَ عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ فِي) قَوْلِهِ لِعَبْدٍ (إنْ اشْتَرَيْتُك) فَأَنْت حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ يُفَوِّتُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَمِثْلُ شِرَائِهِ شِرَاءُ بَعْضِهِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ بِالْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تُطْلَقُ عَلَى فَاسِدِهَا كَصَحِيحِهَا (كَأَنْ) (اشْتَرَى) الْعَبْدُ (نَفْسَهُ) مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً (فَاسِدًا) ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ مَا اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ (وَ) عَتَقَ عَلَى السَّيِّدِ (الشِّقْصَ) الَّذِي يَمْلِكُهُ مِنْ عَبْدٍ وَكَمَّلَ عَلَيْهِ (فِيهِ) إنْ كَانَ مَلِيًّا (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ عِتْقَهُمَا وَكَذَا مُكَاتَبُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (وَلَدُ عَبْدِهِ) الْكَائِنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَا سَبِيل لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ) أَيْ تُصْرَفُ تِلْكَ الْأَلْفَاظُ لِلْعِتْقِ بَلْ مَتَى قَالَ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِعَبْدِهِ لَزِمَهُ الْعِتْقُ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ قَبِلَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، فَإِنْ نَوَى بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ غَيْرَ الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ أَوْ اُعْزُبْ) بِضَمِّ الزَّاي الْمُعْجَمَةِ قَالَ تَعَالَى {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [سبأ: ٣] (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِالْكَافِ كُلُّ كَلَامٍ) ظَاهِرُهُ حَتَّى صَرِيحِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ اسْقِنِي الْمَاءَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَنْصَرِفُ لِلْغَيْرِ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْبِسَاطِ وَالْقَرِينَةِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ فَتَنْصَرِفُ عَنْهُ لِلْغَيْرِ بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَابَيْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابَيْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ هُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ لِلْغَيْرِ وَلَا بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْقَرِينَةِ وَالْبِسَاطِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الْبَابَيْنِ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ صَرْفُهُمَا لَهُ عَلَى نِيَّةٍ، وَالْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فِي الْبَابَيْنِ مَا لَا تَنْصَرِفُ لَهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ مُخَالَفَةِ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ هُنَا لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الطَّلَاقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا أَوْ بِخِيَارٍ بَعْدَ مُضِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرِي) أَيْ مُرِيدُ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بِعْت وَلَوْ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَى الْبَائِعِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ بِتَمَامِ الْبَيْعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ انْتَقَلَ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي اُنْظُرْ بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَصَلَ التَّعْلِيقُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، فَإِنْ عَلَّقَ الْبَائِعُ فَقَطْ عَتَقَ بِالْبَيْعِ وَلَوْ فَاسِدًا اتِّفَاقًا وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ بِعْت السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَهِيَ صَدَقَةٌ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا وَقِيلَ يُنْدَبُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَعْسَرَ) أَيْ وَلَا يَرُدُّ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: الْفَاسِدِ) أَيْ وَأَوْلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ لِعَبْدٍ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ) أَيْ فَبِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ قِيمَتُهُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الشِّرَاءُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلِفًا فِي فَسَادِهِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْبَيْعَ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ فَلَعَلَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: شِرَاءَ بَعْضِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تُطْلَقُ عَلَى فَاسِدِهَا إلَخْ) ، فَإِذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ شَرْعًا، وَإِنْ قُلْت: الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ لُزُومِ الْعِتْقِ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا لِعَدَمِ دُخُولِ الْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ قُلْت رُوعِيَ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ مَعَ تَسْلِيطِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى إيقَاعِ الْعِتْقِ فَأَوْقَعَهُ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ مَا اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا، فَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ عَتَقَ وَغَرِمَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ لِسَيِّدِهِ يَوْمَ عِتْقِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا أُرِيقَ الْخَمْرُ وَسُرِّحَ الْخِنْزِيرُ أَوْ قُتِلَ وَلَزِمَ الْعِتْقُ وَلَا يُتْبَعُ الْعَبْدُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: وَالشِّقْصُ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ عَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ كُلُّ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ أَوْ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ أَوْ كُلُّ حُرٍّ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ لِي أَوْ مَمْلُوكٍ حُرٌّ وَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْضًا الشِّقْصُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute