للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْوَلَاءُ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ لَا لِلسَّيِّدِ كَالْمُكَاتَبِ وَكَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إذَا قَرُبَ الْأَجَلُ وَكَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ إذَا مَرِضَ السَّيِّدُ لَكِنْ بَعْدَ عِتْقِ مَنْ ذَكَرَ وَأَمَّا مَا دَامَ رَقِيقًا فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ.

(و) مَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْت حُرٌّ أَوْ مَعْتُوقٌ (عَنْ الْمُسْلِمِينَ) جَازَ عِتْقُهُ اتِّفَاقًا، وَ (الْوَلَاءُ لَهُمْ) فَيَكُونُ مَالُهُ إنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ غَيْرِ السَّيِّدِ لِبَيْتِ الْمَالِ لَا لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْغَيْرِ فَيَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَلُونَ عَقْدَ نِكَاحِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى وَيَحْضُنُونَهُ وَلَا يَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَهُ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لِلْمُسْلِمِينَ (كَسَائِبَةٍ) أَيْ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْت سَائِبَةٌ وَقَصَدَ بِهِ الْعِتْقَ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ (وَكُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ سَائِبَةً أَوْ مَعْتُوقٌ سَائِبَةً فَيُكْرَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَالَ أَصْبَغُ يَجُوز وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُمْنَعُ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِسَائِبَةٍ فَقَطْ الْعِتْقَ لَمْ يَعْتِقْ فَالتَّشْبِيهُ فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ ضَمَّ لِذَلِكَ أَنْتَ حُرٌّ مَثَلًا أَمْ لَا.

(وَإِنْ) أَعْتَقَ كَافِرٌ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ثُمَّ (أَسْلَمَ الْعَبْدُ) الَّذِي أَعْتَقَهُ الْكَافِرُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ عَصَبَةٌ مُسْلِمُونَ وَإِلَّا فَالْوَلَاءُ لَهُمْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ أَسْلَمَ السَّيِّدُ (عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ) لَهُ، وَكَذَا إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ إسْلَامِ الْعَبْدِ أَوْ أَسْلَمَا مَعًا بِالْأَوْلَى.

(وَجَرَّ) الْعِتْقُ أَوْ الْوَلَاءُ أَيْ سَحَبَ (وَلَدَ) الْعَبْدِ (الْمُعْتَقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَوَلَدُ وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَانَ الْوَلَاءُ لِلرَّقِيقِ الْمُعْتِقِ لَا لِسَيِّدِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الثَّانِي لَوْ كَانَ الرَّقِيقُ لَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ مُطْلَقًا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْعِتْقِ أَمْ لَا أَجَازَهُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الْأَسْفَلِ لَا لِلْأَعْلَى.

(قَوْلُهُ فَالْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ) أَيْ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْعِتْقِ أَوْ أَجَازَ فِعْلَهُ حِينَ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى عَتَقَ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُجِزْ فِعْلَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى عَتَقَ.

(قَوْلُهُ مِنْ ذَكَرٍ) أَيْ الْمُكَاتَبِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا دَامَ رَقِيقًا فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فَائِدَةَ وَلَاءِ الْإِرْثِ وَالْعَبْدُ لَا يَرِثُ

(قَوْلُهُ وَمَنْ قَالَ لِرَقِيقِهِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ فِيهِ حَذْفٌ أَيْ وَفِي الْعِتْقِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ الْوَلَاءُ لَهُمْ، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ وَلَيْسَ هُوَ وَاقِعًا فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا مُخَالِفٌ لَهُ وَالْوَاقِعُ فِي حَيِّزِ الِاسْتِثْنَاءِ يَجِبُ مُخَالَفَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا كَانَ مَا هُنَا مُوَافِقًا لِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَنْ الْغَيْرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْوَلَاءَ لِلْغَيْرِ كَمَا أَنَّهُ هُنَا لِلْمُسْلِمِينَ. (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لَهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَ ذَلِكَ أَوْ شَرَطَ أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ أَصْلًا أَوْ شَرَطَ لِنَفْسِهِ، وَذَكَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَإِنْ اُسْتُفِيدَتْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَعْتَقَ غَيْرٌ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ لِأَجَلٍ أَنْ يُشْبِهَ بِهَا مَا بَعْدَهَا فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ وَهِيَ قَوْلُهُ كَسَائِبَةٍ.

(قَوْلُهُ فَيَرِثُونَهُ) أَيْ يَرِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ لِذِي مَنْفَعَتِهِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ أَيْ يَدْفَعُونَ دِيَةَ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ ذَلِكَ الْعَتِيقِ خَطَأً وَالْمُرَادُ أَنَّ دِيَتَهُ تُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ وَيَلُونَ عَقْدَ نِكَاحِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَتَوَلَّى عَقْدَ نِكَاحِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا تَوَلَّى الْقَاضِي عَقْدَهُ فَإِنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهِ وَاحِدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا لِكَوْنِهِ قَاضِيًا.

(قَوْلُهُ وَيَحْضُنُونَهُ) الْمُرَادُ أَنَّ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْمَحْضُونِ تَكُونُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ عَنْ نَفْسِ السَّيِّدِ وَقَوْلُهُ فَالْوَلَاءُ لَهُ أَيْ لِلسَّيِّدِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَهُ لِلْمُسْلِمِينَ بَلْ وَلَوْ قَالَ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك وَلَا لِأَحَدٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِعِتْقِهِ اسْتَحَقَّ وَلَاءَهُ شَرْعًا، فَقَوْلُهُ وَلَا وَلَاءَ لِي عَلَيْك وَلَا لِأَحَدٍ كَذِبٌ بَاطِلٌ. (قَوْلُهُ وَقَصَدَ بِهِ الْعِتْقَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْعِتْقَ فَلَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ سَائِبَةً فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْعِتْقَ.

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ الْعِتْقُ بِلَفْظِ سَائِبَةٍ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَصْبَغُ يَجُوزُ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ أَنْت سَائِبَةٌ أَوْ قَالَ أَنْت حُرٌّ سَائِبَةٌ أَوْ مَعْتُوقِي سَائِبَةٍ وَالسَّائِبَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فِي الْأَنْعَامِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُمْنَعُ) أَيْ الْعِتْقُ بِلَفْظِ السَّائِبَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَالَ سَائِبَةً فَقَطْ أَوْ حُرٌّ سَائِبَةً وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا نَوَاهُ مَعَ حُرْمَةِ الْإِقْدَامِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا يَلْزَمُ

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَلَاء لَهُمْ) أَيْ وَلَا وَلَاءَ لِلسَّيِّدِ مَا دَامَ كَافِرًا إذْ لَا يَرِثُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا.

(قَوْلُهُ عَادَ الْوَلَاءُ بِإِسْلَامِ السَّيِّدِ) الْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ الْمَوْصُوفِ بِالْعَوْدِ الْمِيرَاثُ وَأَمَّا الْوَلَاءُ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقِ لَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ كَالنَّسَبِ فَكَمَا لَا تَزُولُ الْأُبُوَّةُ إنْ أَسْلَمَ وَلَدُهُ فَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ. (قَوْلُهُ وَكَذَا) أَيْ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ إنْ أَسْلَمَ إلَخْ

(قَوْلُهُ وَجَرَّ الْعِتْقُ أَوْ الْوَلَاءُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فَاعِلَ جَرَّ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْعِتْقِ أَوْ الْوَلَاءِ، فَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّل جَرَّ الْعِتْقُ وَلَاءَ وَلَدِ الْمُعْتَقِ، وَالْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي وَجَرَّ الْوَلَاءُ لِعَتِيقٍ وَلَاءَ وَلَدِ الْمُعْتَقِ.

(قَوْلُهُ وَلَدَ الْمُعْتَقِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَلَدُ حَجْرًا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ كَمَنْ أُمُّهُ حُرَّةٌ وَأَبُوهُ رَقِيقٌ ثُمَّ عَتَقَ الْأَبُ فَالْوَلَدُ حُرٌّ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَوَلَاءُ ذَلِكَ الْوَلَدِ لِمُعْتِقِ أَبِيهِ.

(قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) حَالٌ مِنْ وَلَدِ الْمُعْتَقِ.

(قَوْلُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ) أَيْ وَجَرَّ الْعِتْقُ وَلَاءَ وَلَدِ وَلَدِ الْمُعْتَقِ حَالَةَ كَوْنِ وَلَدِ الْوَلَدِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَقَوْلُهُ أَيْ يَجُرُّ الْعِتْقُ وَلَاءَ وَلَدِ وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَإِنْ سَفَلَ الْأَوْلَادُ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ جِدًّا إلَّا أَنَّ جَرَّ الْعِتْقِ لِوَلَاءِ أَوْلَادِ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ وَأَوْلَادِهِمْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ نَسَبٌ مِنْ حُرٍّ فَلَا يَجُرُّ عِتْقُ الْمُعْتَقِ بِالْفَتْحِ الْوَلَاءَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ أَوْلَادِ قَوْمٍ آخَرِينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَلَاءَ ثَابِتٌ لِلْمُعْتِقِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَهُ وَكَذَا عَلَى وَلَدِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>