للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ) (مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَا) فِي أَمْرٍ كَبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (فَالْحَاكِمُ) يَنْظُرُ فِيمَا فِيهِ الْأَصْلَحُ هَلْ يُبْقِي الْحَيَّ مِنْهُمَا أَوْ يَجْعَلُ مَعَهُ غَيْرَهُ فِي الْأَوْلَى أَوْ يَرُدُّ فِعْلَ أَحَدِهَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ يَرُدُّهُمَا مَعًا فِي الثَّانِيَةِ (وَلَا) يَجُوزُ (لِأَحَدِهِمَا إيصَاءٌ) فِي حَيَاتِهِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ (وَلَا) يَجُوزُ (لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ) بَيْنَهُمَا لِيَسْتَقِلَّ كُلٌّ بِقِسْمٍ مِنْهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ عَلَى حِدَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اقْتَسَمَاهُ (ضَمِنَا) لِمَا تَلِفَ مِنْهُ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ لِلتَّفْرِيطِ فَيَضْمَنُ كُلَّ مَا تَلِفَ مِنْهُ أَوْ مِنْ صَاحِبِهِ لِرَفْعِ يَدِهِ عَمَّا كَانَ يَجِبُ وَضْعُهَا عَلَيْهِ.

(وَلِلْوَصِيِّ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ) مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ (وَتَأْخِيرُهُ بِالنَّظَرِ) فِي الْمَصْلَحَةِ فَقَدْ يَكُونُ التَّأْخِيرُ هُوَ الصَّوَابُ وَاللَّامُ فِي كَلَامِهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ مَثَلًا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَ) لَهُ (النَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ) أَوْ السَّفِيهِ (بِالْمَعْرُوفِ) بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ وَبِحَسَبِ حَالِ الطِّفْلِ مِنْ أَكْلٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَنْظُرُ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا ذَكَرَ (وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ) وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فَأَكَلَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا بِخِلَافِ لَوْ أَسْرَفَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ (وَعِيدِهِ) فَيُوَسِّعُ عَلَيْهِ بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَأَمَّا مَا يُصْرَفُ لِلَّعَّابِينَ فِي عُرْسِهِ وَخَتْنِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ وَيَضْمَنُهُ الْوَصِيُّ (وَ) لِلْوَصِيِّ (دَفْعُ نَفَقَةٍ لَهُ قُلْت) كَنَفَقَةِ شَهْرٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُتْلِفُهُ فَإِنْ خَافَ إتْلَافَهُ فَنَفَقَةُ يَوْمٍ بِيَوْمٍ (وَ) لَهُ (إخْرَاجُ) زَكَاةِ (فِطْرَتِهِ) مِنْ مَالِهِ عَنْهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (وَزَكَاتُهُ) الْمَالِيَّةُ مِنْ عَيْنٍ وَحَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

التَّعَاوُنِ احْتِيَاطًا لِمَالِ الْيَتِيمِ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَكُونُ نَاسِخَةً لِلْأُولَى إذَا أُطْلِقَ وَكَانَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَامَّةً وَكَانَتَا بِزَمَنَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالْحَاكِمُ) يُرِيدُ إذَا مَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوصِيَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا فَلَا نَظَرَ لَهُ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَزْوِيجٌ) أَيْ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ كَتَرْشِيدِهِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَبْقَى الْحَيُّ مِنْهُمَا أَيْ مُسْتَقِلًّا.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَصِيًّا يَقُومُ بِأَمْرِ الْأَوْلَادِ بَدَلَهُ إذَا مَاتَ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِأَحَدِهِمَا أَنَّهُمَا لَهُمَا مَعًا أَنْ يُوصِيَا وَهُوَ كَذَلِكَ، وَفُهِمَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ لِأَحَدِهِمَا الْمُفِيدُ أَنَّهُمَا وَصِيَّانِ أَنَّ الْوَصِيَّ الْوَاحِدَ لَهُ الْإِيصَاءُ وَهُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُوصِيَ لِصَاحِبِهِ بِقِيَامِهِ مَقَامَهُ إذَا مَاتَ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا اقْتَسَمَا الصِّبْيَانَ فَلَا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٌ حِصَّةً مِنْ عِنْدِهِ مِنْ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ كُلَّ مَا تَلِفَ مِنْهُ) أَيْ لِاسْتِقْلَالِهِ بِالنَّظَرِ فِيهِ مَعَ أَنَّ الْمُوصِيَ أَشْرَكَهُ مَعَ غَيْرِهِ فِي النَّظَرِ فِيهِ فَهُوَ مُقَيَّدٌ بِاسْتِقْلَالِهِ وَيَضْمَنُ أَيْضًا كُلَّ مَا تَلِفَ مِنْ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ لِتَعَدِّيهِ بِرَفْعِ يَدِهِ عَمَّا كَانَ يَجِبُ وَضْعُهَا عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ ضَمَانِ كُلِّ مَا تَلِفَ مِنْهُ أَوْ مِنْ صَاحِبِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِيَدِ صَاحِبِهِ فَقَطْ دُونَ مَا هَلَكَ بِيَدِهِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَوْلَانِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٌ يَضْمَن مَا سَلَّمَهُ لِصَاحِبِهِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا تَلِفَ بِيَدِهِ وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ غَرِيمٌ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ بِمَا قَبَضَهُ صَاحِبُهُ فَقَطْ

(قَوْلُهُ فَقَدْ يَكُونُ التَّأْخِيرُ هُوَ الصَّوَابُ) أَيْ كَخَوْفِ تَلَفِهِ إنْ اقْتَضَاهُ أَوْ ضَيَاعِهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ التَّأْخِيرَ حِينَئِذٍ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَهُوَ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْمُوَاطَأَةِ وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ كَمَا فِي بْن.

(قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ اقْتِضَاءَ الدَّيْنِ مَثَلًا) أَيْ وَكَذَا مَا بَعْدَهُ إلَّا فِي الْأَخِيرِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَدَفْعُ مَالٍ قِرَاضًا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ) وَلَيْسَ لِوَارِثِ الطِّفْلِ أَنْ يَنْكَشِفَ عَلَى مَا بِيَدِ الْوَصِيِّ وَيَأْخُذَ وَثِيقَةً بِعِلْمِ عَدَدِهِ عَلَيْهِ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ إذَا مَاتَ صَارَ الْمَالُ إلَيْهِ فَلَا مُخَاصَمَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ الْوَصِيِّ وَعَلَى الْوَصِيِّ أَنْ يَشْهَدَ لِيَتِيمِهِ بِمَالِهِ الْكَائِنِ بِيَدِهِ فَإِنْ أَبَى مِنْ ذَلِكَ أَخَذَهُ الْحَاكِمُ لِبَيَانِهِ نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.

(قَوْلُهُ بِحَسَبِ قِلَّةِ الْمَالِ وَكَثْرَتِهِ) فَلَا يُضَيِّقْ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْكَثِيرِ دُونَ نَفَقَةِ مِثْلِهِ وَلَا يُوَسِّعْ عَلَى قَلِيلِهِ.

(قَوْلُهُ وَفِي خَتْنِهِ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الطِّفْلِ بِالْمَعْرُوفِ فِي مُؤْنَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَفِي خَتْنِهِ وَعُرْسِهِ فَقَيْدُ الْعُرْفِ مُعْتَبَرٌ فِيهِمَا أَيْضًا وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَيُنْظَرُ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ بِالْمَعْرُوفِ فِيمَا ذَكَرَ أَيْ مِنْ الْأَكْلِ وَالْكِسْوَةِ وَفِي خَتْنِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فَأَكَلَ) أَيْ لَا حَرَجَ عَلَى مَنْ دَخَلَ بِدَعْوَةٍ مِنْ الْوَصِيِّ وَإِلَّا كَانَ آثِمًا.

(قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهُ) أَيْ وَمَنْ أَكَلَ شَيْئًا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَكَلَهُ كَذَا قِيلَ وَقِيلَ بِجَوَازِ الْأَكْلِ؛ لِأَنَّ مَا أَسْرَفَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ ضَمَانُهُ مِنْ الْوَصِيِّ بِمُجَرَّدِ إتْلَافِهِ بِالطَّبْخِ فَالْآكِلُ إنَّمَا أَكَلَ مِلْكَ الْوَصِيِّ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ.

(قَوْلُهُ وَدَفَعَ نَفَقَتَهُ لَهُ) تَنَازَعَ قَوْلُهُ لَهُ دَفْعٌ وَنَفَقَةٌ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ لَهُ بِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَدْفَعُ لِلْمَحْجُورِ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهَا وَأُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي أَقَامَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بَلْ يُسَلِّمُ نَفَقَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَهُ فِي يَدِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ نَفَقَةُ أُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ يُدْفَعَانِ إلَيْهِ دُونَ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَوَلَدِهَا.

(قَوْلُهُ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) أَيْ كَزَوْجَتِهِ وَعَبِيدِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ. (قَوْلُهُ وَزَكَاتُهُ إلَخْ) أَيْ لِلْمُوصِي أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ مَحْجُورِهِ إنْ كَانَ الْوَصِيُّ مَالِكِيًّا كَانَ الْوَلَدُ كَذَلِكَ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>